يا سيد الخلق ..يا أعظم من وطئ الثرى.. خجلت منك وما وجدت ما يحفظ ماء وجه أمتي، أو ما يسمونها اليوم أمة محمد وهي لاهية عن ثقل أمانة حمل هذا الاسم العظيم، في غفلة وإعراض، جموع شاردة لا تعي ولا تفي.
تتوالى إساءة الحاقدين من الكفرة والفجرة المدعين زورا وبهتانا أنهم من أهل الكتاب، ودعاة حرية التعبير وحماية الحقوق، وهم بين ماجن ومنحرف وضال عربيد تائه، ظنوا أنهم سينالون من شخصك يا رسول الله، لم يكتفوا بالرسومات الكاريكاتورية المسيئة والأفلام الماجنة في بلدانهم النجسة الدانمرك وفرنسا وأراضي الرذيلة، ليدخلوا ديارنا عنوة ويسيئوا وسط القدس المحتلة بتدنيس مقدساتنا، وكيل شتائم بحقك يا سيد البشرية جمعاء.
ككل مرة يعيدون الكرة ويتجرؤون على مرفوع الذكر من فوق سبع سموات، في محاولة يائسة لاستفزاز المسلمين، والعيب فينا ونحن المقصرون بحقك يا أول المسلمين من الأمة وخاتم النبيين في العالمين، عذرا يا سيد ولد آدم يا من بعثت رحمة للعالمين وما حفظنا جميلك.
ماذا لو اضطلعت اليوم على حالنا؟ سنتوارى خجلا وقهرا، حسرة وندما على ما نحن عليه من ضلال وفرقة وضعف، كيف سنرد على تضييعنا لسنتك وانشغالنا عن ديننا بمحقرات الأمور.
قد يؤلمك تطاول الكفرة والملاحدة، ولكن أكبر الألام إصابتنا بالوهن و تنكرنا لتعاليم الإسلام، في بلدان تقر أن “الإسلام دين الدولة” تباح المحرمات ويحلل الحرام، فهذه خمور تباع ليلا نهارا، في حانات تتباين من مستوى لآخر و تحمل نجوما من الصفر إلى الخمسة حسب نوعية الزبائن واختلاف المادة المسوقة من مستورد ومحلي، تقام احتفالات لم يأت بها شرع، ويتنافس المحتفلون برأس السنة الميلادية لإقامة السهرات والتجمع في الفنادق وقاعات الحفلات وحتى الطرقات، كعكة الغصن (yule log /La bûche de Noël) حاضرة إلى جانب الشوكولاتة بكل أنواعها، مع أطباق الدجاج واللحم، والهدايا، حتى أشجار الميلاد وزينتها موجودة، فيظن الواحد منا أنه سافر لبلد غربي يعيش أيام عيد الميلاد.
الناس اليوم يحيون احتفالات كلما سمعوا عن عيد وإن لم يكن له أي انتماء لديننا أو أعرافنا، يقتنون أغراضا تخالف المعتقد السليم، المهم هو التقليد والمظهرية الملونة.
كل قبيح استبيح، تعاط للمخدرات و دعوة للرذيلة، ربا واختلاسات ورشاوى، كلها ممارسات تدل على أن أصحابها قد صمت أذانهم عن كل نصح أو خطب طيب، فلا وازع ولا رادع، صارت الغوغاء تستلذ كل خبيث وماجن في زمن العولمة بدعوى الانفتاح والحرية الشخصية التي يتشدق بها أدعياء التحرر بعدما اتخذوا من الشعارات الواهية والقضايا المغلوطة دعامة تضمن استمرار كيانهم في المجتمع.
فهل بعد هذا يحق الانتماء لأمة محمد، أمة تستباح ديارها، وتراق دماؤها، وتصرح ثكلاها وامعتصماه.. وامعتصماه، ولا مجيب لهن من راع أو رعية، يستجدين آي القرآن للتأسي، فقرآننا لم يعد يجد مكانا في الحياة إلا في مآتم الأموات، ولا يسمع له ذكر بغير جنائز، فهل هذا المنكر جائز؟.
خجلت منك يا حبيبي يا رسول الله، لأن الفضيلة هجرت أوطاننا والرذيلة انتهكت أعراضنا، فصارت تباع في أسواق التيك توك والفيسبوك وغيرها من محال العرض الدنيئة.
استحلت محارم الله، وعلماؤنا بين سجن وبلاط، واعتلى المنابر سدنة المعبد، وصار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جريمة يعاقب عليها القانون وانتهاك للحريات..
فاضت مدامعي.. وضاق قلبي الجريح عندما علا صوت الهتاف والصخب على صوت المؤذن، غدا الفوز بمباراة كرة قدم مدعاة للفخر والانتصار، احتفالات حتى قبيل صلاة الصبح والمساجد خالية تحن لمن يعمرها فجرا.
نساؤنا منهكات جدا ومنهمكات للظهور بآخر صيحات الموضى والسعي وراء تحقيق المكاسب وشغل المناصب، وأهملن بيوتهن وتربية أطفالهن وحقوق أزواجهن وتنازلن عن مبادئهن ليعملن وسط اختلاط سافر واحترام غائب من أجل مكانة مفقودة.
غابت القوامة وتم استبدال الأدوار، صار الانحلال والتطاول على العرف والدين مثل الخلع غير المشروع ولأسباب واهية تافهة من بين الحقوق التي افتكتها المرأة المسلمة.
أعذرني يا نبي الله وما لي من عذر في مصابي الجلل، وددت لو كانت بشرى بتحرير القدس، وتوحيد الأمة وتحكيم شرع الله، وزف أخبار فتوحات جديدة وانتصارات، ولكن وا أسفاه لا هذا ولا ذاك ما سأكتبه في هذا الزمن البئيس الذي كثر فيه المنافقون المدعون أنهم يحبونك يا رسول الله.