كان حازم هو المولود الأول لأبويه وكان والده يعمل مدرساً للغةِ العربيةِ، وكذلك والدته وقد وُلد فى المستشفى فى الوقت نفسه الذى ولد فيه طفل آخر وسماه أبواه ميمي.
ميمي … كان أبواه مرفهان مادياً، بعد ولادة كل منهما في المستشفى اختلط ميمى وحازم فأخذت كل أم المولود الآخر دون أن تشعر بأن هناك خطأً قد حدث.
أحست أم حازم بأن ميمى هذا ليس ابنها فلم تتحرك مشاعرُها تجاهه، ولم تقترب منه ولكن الأهل والمحيطين بها قالوا لها بأن هذا ابنها، ولم يعلموا بما حدث ….وظلوا يقنعونها بأن حالة عدم القبول التي عندها هي حالةٌ نفسية فقط أتت بسبب عناء الولادة، فرضيت به واحتضنته فهو طفلٌ قبل كل شيء، وبالتالى كان ميمى هو ابنها الحقيقي أما الطفل الذي فهو ابن الأخرى.
شعرت الأخرى على النقيض بالفرحة الغامرة لهذا الابن فقد كان حازمُ جميلَ العينين أبيضَ الوجه أحمرَ الخدين مبتسماً ممتلئ الجسم، وغير كارهٍ للطعام ولهذا أحبته هذه السيدة فهدوءه هذا سيوفر عليها الكثير من المجهود والوقت، أما جماله فسوف تتباهى به أمام الناس.
وقامت كل واحدةٍ منها فى رعايةِ طفلها، أم ميمى الحقيقية كانت تسمى سالي أما أم حازم الحقيقية كانت تسمى فاطمة .
تعاملت كل واحدةٍ منهما مع الطفل الذى معها، معاملة الأم لطفلها لأنها لا تعلم أنه طفل ليس من صلبها وأن طفلها الحقيقي ليس هذا.
وكبر الطفلان، فحازم قد شعر هو الآخر تجاه الأم المزيفة هذه بالمقت والازدراء، لم يكن شديد البكاء ولكنه كان لهذه السيدة غير محب وكان مرتاحٍ معها، وغيرَ مقبل عليها لأنها ليستْ أمه مع أنه لا يعلمُ ذلك، وكان يقول في نفسه ما هذا الشعور الداخلي تجاه هذه السيدة، إنها أمك إن ما يحدث لك إنما هو مسٌ من الشيطان .
أما هى فقد كانت مهتمةً أكثرَ بالمظهر وبالسهرات الخارجية وكانتْ مسرفةً في الملذات، وكانت غير طيبة السمعة مثلها مثل زوجها .
ومع أن حازم لم يكن يقبل عليها ولم يكن يبادلها المشاعر الأبوية المناسبة فلم تكن تهتم بذلك، لأنه كان أولُ مولودٍ لها ولم تكن تشعر بألمٍ معه، فقد كان قليل البكاء وهو ما يهمها، كان هو الآخر يشعر بالنفور فيكتم ما يجول فى صدره فيكون هدوؤه أحيانا عدم ارتياح وعدم شعور بالأمان.
ومرَّتْ الأيَّامُ وأنجبت كل واحدة منهما اثنان آخران، ولداً وبنتاً وقد شعرت كل واحدة منهما بانجذابٍ حاد تجاه أولادها الآخرين على العكس من حازم وميمي، وكذلك الأبوان كان كل واحد منهما مثل الأم تماماً فقد أحسوا بأن هناك مشاعراً حقيقية تجاه ولديهما الآخرين، فقد كانوا متعجبين بعدم وجود ميول له، ولكنهم كانوا يقولون لعله أول مولودٍ فيكون الشعورُ هكذا .
كانَ كلُّ واحدٍ منهما مخالفاً لأخويه الذين يعيش معهما فى الشكل والطباع
و لكن حدث تعود , ومرت الأيام والتحق حازم وميمى بالمدرسة بالصف الأول بالمرحلة الابتدائية وكان والد حازم الحقيقى وأمه فاطمة مدرسين فى نفس المدرسة , وكان يدرسان لحازم ابنهما الذى أصبح اسمه ميمى .
ونجح ميمى بتميزٍ وتفوق , وأحبه كل المدرسين من أول عام وكان أول المدرسين إعجاباً به المدرسة فاطمة وزوجها أبواه الحقيقيان وشعرا تجاهه بحبٍ وميول دون أن يشعرا .
أما ابنهما ميمى الذين سمياه حازم فقد كان سىءَ الطباعِ كثيرَ العراكِ غير مُحب للعمل ولكنهما كانا يوجهانه بالعنف تارةً وباللين تارة أخري ويذاكران له باهتمام .
كان يحصل حازم على درجات كبيرة ولكن بعناء وتعب ومساعدةٍ من أبويه.
و مع لم يكن متفوقاً مثل الآخر، ومع ذلك لم يشعرا تجاهه بأى شيء من أبوةٍ .
وفى العام التالي تكرر نفس الأمر، وكانت الفرحة الغامرة لسالي أم ميمى فقد أصبح ابنها الأكبرُ متفوقاً بين أصحابه، مع أنها لا تشعر تجاهه بأى مشاعرٍ ولكن ما يهما أنه أفضل من أبناء جيرانها .
ومع ذلك فقد كانت مندمجةً أكثر فيما حفلاتها وسهراتها .
وأصبح ميمى حديثُ أبويه الحقيقيين الدائم، كان أبواه الحقيقيان يحبانه ويقولان إن عيبه الوحيد هو اسمه الذى لا يتوافقُ مع سلوكه وطبعه وحبه للعلم وتميزه وسألا عن والديه وعرفا أن سلوكهما غير سويٍ، حزنا أكثر وكان هذا شعورُ كل المدرسين لأن هذا التلميذ السوى والمتميز ابنا لاثنين فاسقين وسمياه اسماً غير سوى وغير مناسب له.
وقد أصبح له أخوين في المدرسة ذاتها، ولكنهما كانا يحبانه أكثر من أخويه.
كان أخواه غير محبوبين وغير مجتهدين، ولا يهتم بهما أحد فقط كان الجميعُ يجاملهما من أجل ميمي.
والعكس حدث مع حازم، فقد كان كثيرَ المشاجرات مع التلاميذ ولم يكن يسمعُ كلامَ أبويهِ إلا بعناءٍ، ولا يبادلُهما المشاعر الأبوية لأنه هو الآخر لم يكن يسأل عن هذه المشاعر فقد وجد أبواه يساعدانه فى كل شيءٍ، وهما محبوبان وسط المدرسين .
فقد كان يقول: لقد وهبني الله اسما جميلاً وأبوين محبوبين.
وأصبح لكل واحد من التلميذين أخوين آخرين فى المدرسة .
وحدث الالتحام والمحبة بين ميمى والأستاذة فاطمة وأولادها، فقد كانا مع صغر سنهما يحبان ميمى ويلعبان معه ويسألانه دائما عن أحواله، بينما كانا كثيري التشاجر مع أخيهم حازم، وبينما حازمُ كان يحب أخواه الحقيقين ويترك أخواه المزيفين فى المنزل، وقد كان كثير التشاجر معهما وكانت الأستاذة فاطمة تتعجب من تصرفاته ولا تجد لها حلاً.
ومر العام الخامس والسادس وميمى يتميز فى المدرسة ويحب القراءة ويشارك فى الأنشطة، كان بعضُ المدرسين لا يحبون بسبب اسمه وبسبب أبويه وكذلك أخويه الشاذين في أفعلاهما، ومع ذلك كان الجميع يشهد له بالحب والتقدير .
وحصل ميمى علي المركز الأول علي مستوي المحافظةِ، بينما حازمُ ابن المدرسة فاطمة قد نجحَ بالدرجة الصغرى مع المجهود الشديد الذى بذلاه لكى ينجح فى المدرسة فقد وفرا له كل وسائل الراحة والنجاح .
ولم يشعر الأبوان تجاهه بأى فرحةٍ أو سرورٍ، بينما كانا سعيدين كثيراً لابنهما الحقيقى وإن لم يكونا يعرفان ذلك، وكذلك حال ولديهما الصغيرين قد نجحا وتميزا و قد فرحا لأخيهما الحقيقى ميمي وأيضاً فرح ميمي لهما كثيراً .
اغتاظَ حازم من ميمى حيث وجد أبواه يحبانه ويقدرانه أكثرَ منه خاصةً وأنه فى هذه المرة نجح بتفوق.
وبدأ حازم المزيف يعيِّرُ ميمى باسمه ويقول له إنك ابناً لأبوين فاسدين واسمك غير مقبولٍ، ولقد سمعت المدرسين يقولون عليكَ الكثير حينما كانوا يأتون لزيارة والدىَّ الكريمين، ولن يغير نجاحك شيئاً من حقيقتك، لن يغير نجاحكَ أصلك، أو نظرةَ الجميعِ لك .
حزن ميمى مما قاله صديقه وجاره حازم ابن مدرسيه المحبوبين، إلا أنه كتم ذلك فى نفسه وقال: هما أبواى سميانى اسماً لا أقبله وكذلك أنا لا أقبلهما على الإطلاق ولا أشعر تجاههما بأى مشاعر ولا حب ولا احترام حتى أخواي على الحال ذاته وهما أيضا لا يحبانى ولا أشعر تجاهَهُما بأى عاطفة أو حبٍ، ولكنه قدري وأنا قد رضيت به .
ولستُ ناقماً على أبواىَ أو أخواي، ويجب أن أتجاهل ذلك فأنا محبوب فى المدرسة ومجتهد ولي أصدقاء كثيرون، و هناكَ مدرسون يحبونني وهناك من يهتم بى أكثر مثل الأستاذة فاطمة وزوجها الأستاذ حسن، أما ابنهما حازم فهو عكس ذلك تماماً ولكن ما علي إلا أن أجتهد وأعمل ما بوسعى فأنا لم أُذنب في حق أحدٍ.
وأما المشاعر فلا أستطيع التحكم فيها، أنا لم أقدم لأحد إلا كل خير .
وأما حازم فكان يتباهى أمام زملائه بتميز أبويه وبأنهما فاضلين ويستحقان محبة الناس لهما، ولم يبال بمحبة الناس له أو عدم محبتهم لأنه اعتمد على سمعة أبويه.
وكان دائم التعيير لزميله ميمي الذي هو حازم الحقيقي كلما رآه .
وكان أخوا ميمى وأبويه يتفاخرون دائماً به وبأن لهما أخا متميزاً خلقياً وعلميا ومحبوبا أمام الناس وكان هذا يسبب له الكثير من الضيق، ويقول : لماذا لم يصبحواً هم كذلك ؟ حتى يحبهم الناس بدلاً من أن يتباهوا بى فقط فكان من الأنسب أن يصلحوا من أنفسهم , لماذا لم يغيروا من سلوكهم ليصبحوا محبوبين وموقرين عند الناس .
إن عندهم من الأموال الكثير ولكن القضية فى حسن الأخلاق.
ومرت الأعوام وميمى يعانى كثيراً بسبب معيشته وسطَ هذا المنزل، وحازم يتباهى مع فشله وسوء طباعه بأنه من أسرة موقرةٍ وغنيةٍ وله أخواه متفوقان أما هو فلا يهمه ذلك، وظهرت نتيجة المرحلة الإعدادية وحصل ميمى على المركز الأول على الإدارة التعليمية أما حازم فقد حصل على درجة النجاح الصغري .
والتحق بالدبلوم التجارى والتحق ميمى بالثانوية العامة.
و زاد الحقد من حازم على ميمى أكثر ولم يزل يتباهى بأخويه المتميزين وأبويه الفاضلين ويعير ميمى بأخويه الفاشلين وأبويه الغير فاضلين بل على العكس لم يكتف بالكلام بل كان يقذفه بالحجارة حين يخرجُ إلى المدرسةِ الثانوية هو وزملاؤه فى المدرسة ويعيرانه بأبويه وبصوتٍ مرتفعٍ.
علم ميمي أن أبويه يسببانِ له الحرج، فبدأ ميمى ينصح أبويهِ ويحاول أن يرفعَ من مستوى تعليم أخويه بالمذاكرة لهما ولكن كان يؤدى ذلك إلى مشاجرة مستمرة معهم، وكان يلجأ إلى الصمت.
مرت المرحلة الثانوية واجتهد ميمي كثيراً، ومع أنه قد حرمَ من المشاعر الحقيقية مشاعر الأبوة والأمومة في منزله إلا أن اهتمام المعلمة فاطمة وزوجها الأستاذُ حسن كان يعوضه الكثير .
وحصل ميمى على المركز الأول على مستوى المدرسة والتحق بكلية الإعلام أما حازم بن المدرسين الفاضلين فقد أكمل درجة الدبلوم والتحق عازفاً بإحدى الفرق الموسيقية مع إحدى الراقصات وكان يتجه للعمل فى الملاهي ليلاً، كل هذا دون علم والديه.
ولما علما بذلك أصيبا بصدمةٍ كبيرةٍ وبحزنٍ عميق على ابنهما.
وأرسلتْ إليه صديقه القديم وتلميذها ميمى لنصحه وإرشاده، ولم تكن تعلم ما بينهما من عدم وفاق وحب، رد حازمُ على ميمي، وقال له لا تنصحني اذهب إلى أبويك ليس لمثلك أن ينصح أحدٌ، إننى أفضل منك فأنتَ لا قيمةَ لك إنك من أصل دنيئ.
وأقلع حازم عن العمل مع الراقصات فقط بسببِ ضغطِ أبويه ورفضهما الكبير لهذا الامر.
أما ميمى فقد تدهورت حالة أبويهِ المادية وأصبحت أسرته فى ظروف مادية قاسية فلم يعودا قادرين على العمل.
وزاد الطين بِلَّةً أن مرضَ والده بالسرطان هذا المرض الذى يحتاج إلى نفقاتٍ كتبرةٍ ورعاية أكبر، ومع ذلك كان أخواه مستهترين، يقولان نريد أن نلبس ملابساً راقية مثل معظم زملائنا، وكان ميمي يقول لهما: يجب أن توفرا في المصروفات فالعبء كبير , الحال الآن يزداد تدهورا ويحتاج إلى توفير الأموال لأن والدنا مريض ولا نضمن ظروفنا
كانت الظروفُ تزدادُ سوءً وأبوه يزدادُ مَرَضُهُ، ومع ذلك كان لا يلقي منهم إلا التعنت والمشقةِ.
كان ميمي يعمل حتى يحصل على مبلغ يساعده وربما أعطى لوالده المريض أو أخويه المستهترين شيئاً من المال ليرضى غُرورهما ومع ذلك لم يجدْ وسيلةً أمامه سوى هذا الطريق , بينما كان حازم يعيره بما وصل إليه حاله ويقول له سوف يكون حالك أسوأ فى الأيام القادمة ولن ينصلح حالك أبداً.
وسوف تمرض أمك هى الأخرى ويكون العبء أثقل عليك أما والدى فكل يوم فى غنى و يسرٍ , إلى جانب سمعتهما الطيبة التى تجعل الناس تحبني …
وكان يسلط أصدقاءه عليه لإهانته والتكبرِ عليه حين يمرون عليه فى المكان الذى يعمل فيه بسـياراتهم العامة , ويقول له إن ما أنفقه على سـيارتى وحدى أكبر من ما تناله فى الشهر من أجرٍ إلى جانب أنه لن يكفيك للشهر القادم أما اسمُك وحده فإنه لا يصلح إلا للبنات , تحمَّلَ ميمى كل ما مضى وانهمكَ فى دراسـاته وأدبه وقراءاته .
و كان يحب الاطلاع والقراءة في كتب الأدب بجانب كتب الجامعة .
علم والدا حازم بأحوال ميمي المادية وظروفه فذهبا إليه وحزنا على أحواله وتعاطفا معه وكانت والدة حازم ترسلُ إليه مبلغاً كلَّ شهرٍ لمساعدته في تحمل نفقات المعيشة
ومع فرح حازم بما يقومان به معه إلا أنه كان حزينا لأنه اصبح مثارا للشفقة .
كان يرفض ما يقدمانه له من مساعدةٍ ولكنهما كانا يصران علي ذلك .
أما أخوا حازم فقد كانا يزوران ميمي هما الآخران بينما أخواه المزيفان كانا كثيري التشاجر معه ويحاولان أن يحصلا منه على الأموال بأي طريقةٍ .
علم حازم بذلك فذهب إلي ميمي وعيره أمام الناس وقال له لا تأخذ شيئا من أبوي بعد اليوم أنت متسول .
بكي ميمي بعد هذا الكلام الجارح الذي وجهه له حازم . وأعلم أبويهِ بما حدث ليس ليعاتباه ولكن ليخبرهما أنه لن يقبل منهما أي مساعدةٍ بعد ذلك .
انتهي ميمي بعد عناءٍ وصبر من دراسته بكلية الطب، وأصبح مؤهلا للعمل والاعتماد علي نفسه …
ومع ذلك فقد حصل على المرتبة الأولى على مستوى القسم ولم يكن نجاحه مبهراً فقط فقد تعاطف كل الأساتذة بالكلية معه تعاطفاً شديداً إلى جانب أنهم يحبونه ويعلموا بأحواله.
فكان محافظاً على مستواه الدراسى بقدر استطاعته، وهذا يؤهله لأن يكون معيداً بالكلية وكانت نهاية مرحله طويلة من الكفاح والصبر .
لم يكن ميمى سعيداً فكل شىء حوله في الأسرة متعب ومسبب للقلق و لا يشعر باستقرار ولا هدوء.
وفى يوم من الأيام احتاج والدُ ميمي المزيف إلى دم لإجراء عمليةٍ جراحية، وتقدم ميمى للتبرع بالدم، وللصدفة السيئة فقد أثبت التحليل أن هذه الفصيلة لا تتوافق مع فصيلة دمه , كانت فضيحة لأسرة ميمي، معناه أن هذا ليس بابنه وأنه ابن رجلٍ آخرَ .
إنها إهانةٌ وفضيحةٌ للأسرة كلها، وسوف يعير ميمى بعد ذلك بأنه ليس ابن أبيه الشرعى قامت قيامة الأسرة كلها، و ذهبوا ليتأكدوا بعمل تحاليل ( الهندسة الوراثية لأخذ البصمة الوراثية ) وهذه تحاليل متقدمة لا توجد إلا فى معامل خاصةٍ أرشدهم إليها الأطباء وتأكدوا تمام التأكد أن ميمى ليس ابناً لهذا الأب.
ولأنهم يحتاجون إلي دم فقاموا بتحليل دم الأم والإخوة للتبرع للأب المريض وبالصدفة وجدوا أن دم الأم ليس من فصيلةِ دم ميمى بينما دم الأخوين الآخرين موافقٌ للأبويين تماما، وهنا أصبحت الأم بريئة من التهمة، إن ميمي ليس ابنها أيضا .
فمعنى هذا أن هناك خطأٌ تم بعدَ الولادة، وحدث تبادل بين طفلها وطفل آخر .
ذهبوا مسرعين إلى المستشفى التى ولد فيها ميمى وسألوا عن المواليد التي كانت يومها، وبعد بحثٍ طويل علموا أن حازم صديقه هو الذي كان مولودا معه في اليوم ذاته.
اتجهوا علي الفور إلى أبوية وأعلماهما بم حدث .
فرحت المعلمة فاطمة كثيرا يذلك . وقالت الآن اتضحت الحقيقة .
سوف نقوم بعمل التحاليل اللازمة وأنا الآن تولم يعرفوا فقد مر وقت طويل علمت فاطمة أكدت أن حازم هذا ليس ابني وأن ميمي هو ابني الحقيقي.
تفجَّرَ الإحساس فى قلبها وقامت باحتضانه وقالت له: إذن أنت ابنى الحقيقى أنت لست ابناً لهؤلاءِ، وذلك قبل أن تتم التحاليل .
و اتجهوا جميعاً إلى معمل التحاليل وهناك تأكدوا جميعا أنه قد حدث تبادل عن طريق الخطأ بين الطفلين .
شعر ميمي بالراحة والفرح فقد ذهبت مشاعره الحقيقية إلي مكانها الطبيعي ,…
واستراحت نفس أبويه الحقيقيين، وكانت صدمةً قاسية على ميمى الحقيقى فأغمى عليه وأصيبَ بحالة هستيرية، ولكن كانت فرحةً شديدةً لأبويه الحقيقيين وإخوته، فقد شعروا تجاهه بالمحبةِ والحنان الحقيقى الذى لم يكن يشعرون به تجاه الآخرَ، لكنهم كانوا يحبونه لأنه متميزٌ وسطَ الأصدقاء.
وعادت المياه إلى مجاريها.
وذهبوا إلى المحكمة وأثبتوا ذلك بتقارير الأطباء وأوراق المستشفى القديمة وأقرت المحكمة بذلك وعاد كلُّ واحد منهما إلى أسرته الحقيقية .
وأصبح ميمى فى مكانه الحقيقي وأصبح اسمه حازم.
وحازم فى مكانه الحقيقي ولكنه غير اسمه إلى اسمٍ آخرَ و هو عادل .
لم ينس حازمُ أبويه الذين قاما برعايته وتربيته، ولم ينس الأسرة كلها فقد نالا منه الحب والعطف والرعاية، على النقيض من ما كان يفعله معه صديقه الذي أصبح اسمه عادلا الآن.
وتزوج حازم من معيدةٍ فى الكلية، وأصبح فى مكانه الطبيعي متميزاً ومحبوباً وتميز بعد ذلك فى الأدب الذي كان يعشقه ويهتم به .
ومرت السنوات وحصل حازم بن الأستاذة فاطمة على جائزة نوبل فى الأدب ليصبح رمزاً للشرف والكفاح للوطن الغالي.