المحتويات
الصحابي صاحب الفضائل
أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- ثاني اثنين، صاحب الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، وفيه نزل قول الله تعالى:” إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” [سورة التوبة/ الآية: 40].
هو أول الخلفاء الراشدين، وأول العشرة المبشرين بالجنة، من أولي الفضل والسعة، وقائد حروب الردة، وما نال من الفضائل صحابي كما نالها الخليفة أبو بكر -رضي الله عنه وأرضاه-.
مولد ونشأة أبي بكر رضي الله عنه
هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي، ويكنى أبوه بأبي قحافة، أما أمه فهي أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر التيمية، ابنة عم أبيه، ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر.
لقب بعتيق لعتاقة وجهه أي حسنه، وقيل لتقدمه في فعل الخيرات، كما استهر بلقب الصدّيق لأنه صدّق النبي صلى الله عليه وسلم، وأجزم بصدقه صبيحة حادثة الإسراء والمعراج، فقد قيل له: إن صاحبك يزعم أنه أُسري به، فقال : إن كان قال فقد صدق.
كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم صديقا، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ صعِدَ أُحدًا وأبو بَكْرٍ وعمرُ وعثمانُ فرجفَ بِهِم، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ :” اثبت أُحُدُ فإنَّما عليكَ نبيٌّ وصدِّيقٌ وشَهيدانِ” (رواه البخاري).
نشأ أبر بكر -رضي الله عنه في مكة، واشتغل بالتجارة، فحقق نجاحا في عمله، تزوج من قتيلة بنت عبد العزى، وهي أم عبد الله، وأسماء -رضي الله عنهما-، ثم تزوج أم رومان بنت عامر بن عويمر، فأنجب منها عبد الرحمن، وعائشة -رضي الله عنهما-، وبزواج ابنته عائشة -رضي الله عنه- صار صهرا للنبي -عليه الصلاة والسلام-.
وصف أبي بكر رضي الله عنه
كان أبوبكر رقيق القلب، حسن الخلق، تاجرا أمينا، وأعلم قريش بالأنساب، ولم يقاسم قومه المعتقد ولا العادات، فنشأ خلوقا لا يأتي الفواحش ولا يشرب الخمور، وقد نال مكانة عالية بين الأشراف لرجاحة عقله وسداد رأيه ونجاحه في تجارته، وقد سكن بقرب بيت السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- وبعدما تزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نشأت بينهما علاقة صداقة بينه وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- صارت أقوى بعد البعثة.
كان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أبيضا نحيفا، خفيف العارضين، معروق الوجه، ناتئ الجبهة، يخضب بالحناء والكَتَم .
كيف أسلم أبو بكر رضي الله عنه
أو ل من آمن برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- من الرجال هو أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وأيدها، وعن ذلك قال عمار بن ياسر -رضي الله عنه-:” رأيت النبي – صلى الله عليه وسلم – وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر”.
إقرأ أيضا:الحجر الأسودومما روي عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال:” ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت عنده فيه كبوة ونظر وتردد، إلا ما كان من أبي بكر بن أبي قحافة، ما عكم حين ذكرت له، وما تردد”.
ويوم فتح مكة، جاء أبو بكر بأبيه أبي قحافة إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر: “لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه مكرمة لأبي بكر”، فأسلم ولحيته ورأسه كالثغامة بياضا، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: “غيروهما وجنبوه السواد”.
كما أسلم على يدي أبي بكر -رضي الله عنه- خيرة الصحب وهم: عثمان بن عفان، عبدالرحمن بـن عوف، سعـد بن أبي وقـاص، الزبير بن العوام، طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنهم- جميعا.
وفي معركة بدر صحب النبي -عليه الصلاة والسلام- وكان مستشاره والعين التي تحرسه، وشارك في معركة الخندق وساعد بالحفر، كما شهد صلح الحديبية.
قيادة الأمة
عاش أبو بكر -رضي الله عنه- فترة نزول الرسالة مع النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، فكان الصاحب الأمين المحب، والناصر المضحي، والكريم المعطاء، وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال:( خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم النَّاس، وقال:” إنَّ الله خيَّر عبدًا بين الدُّنْيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عند الله”، قال: فبكى أبو بكر، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خُيِّر، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخَيَّر، وكان أبو بكر أعلمنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إنَّ أمنَّ النَّاس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا -غير ربِّي- لاتَّخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودَّته لا يبقين في المسجد باب إلا سُدَّ، إلا باب أبي بكر”) (رواه البخاري).
إقرأ أيضا:فضل الصلاة على النبي يوم الجمعةوبهذا استحق أن يكون خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم– وقائدا للمسلمين وإماما لهم من بعده، فحمل هم الأمة ووجهها بحكمة وحنكة، حارب أهـل الردة والممتنعين عن الزكاة، وقام بإنجازات عظيمة رغم قصر فترة خلافته التي لم تدم إلا عامين وثلاثة أشهر.
أوصى أبو بكر -رضي الله عنه- ابنته عائشةَ -رضي الله عنها- أن يدفن إلى جنب رسول الله -صَلَّى الله عليه وسلم- فلما انتقل إلى جوار ربه حُفر له وجُعل رأسُه عند كَتِفَيْ رسول الله -صَلَّى الله عليه وسلم-، وذلك يوم الاثنين لثماني ليالٍ بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة للهجرة، كان عمره ثلاثاً وستين سنة.