أركان الإسلام الخمسة

أركان الإسلام الخمسة

تقديم

لا يختلف المسلمون على أن أركان الإسلام خمسة مصداقا لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “‏بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَحَجِّ الْبَيْتِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ‏” –متفق عليه- أخرجه البخاري (8)، ومسلم (16).

وعليه فهذه الأركان هي الأعمدة الأساسية التي يقوم عليها دين الإسلام فماذا يعني كل واحد منها؟

الركن الأول: الشهادتان

تتركب الشهادتان من شطرين أولهما التوحيد وثانيهما الإقرار بالرسالة.

ما هي شهادة ان لا إله إلا الله ؟

هي أن يشهد الإنسان بلسانه ويعتقد بقلبه أنه لا معبود بحق إلا الله، وأن ما عُبِدَ أو يُعْبَدُ من دون الله باطل، وهذا نفي للألوهية الحقيقية عن غير الله، وإثباتها له وحده جلّ وعلا.

قال تعالى:“بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ، ذلكم الله ربكم لا إله إلا الله هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل ” (سورة الأنعام/101-102).

فالله عزّ وجلّ وحده هو الرّب الملك المتصرف الخالق الرزاق، المحي المميت بيده الأمر كله، وهذا ما يثبت له جميع الأسماء الحسنى والصفات العلى التي أثبتها لنفسه، أو أثبتها له رسوله عليه الصلاة والسلام.

شهادة أن محمدا رسول الله

هي الإعتقاد الجازم أن الله أرسل سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسولا للعالمين، وأنزل عليه القرآن الكريم وحيا مع سيدنا جبريل عليه السلام، وأمره بإبلاغ هذا الدين إلى الناس كافة وعلى إختلاف أعراقهم وأجناسهم وألوانهم وألسنهم ومواطنهم، وهذا ما يوجب تصديق النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته وطاعته با تباع سنته المطهرة، فقد قال عز وجل :” قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ” ( سورة آل عمران /31).

الركن الثاني: الصلاة

الصلاة هي عماد الدين لأنها الصلة بين العبد وربِّه، وأول ما سيسأل عنه عند الوقوف بين يدي الخالق يوم الحساب، فإن صلَحتْ صلَحَ سائرُ عمله وإن فسدت فسد سائر عمله.

   أوجب الله على كل مسلم بالغ عاقل خمس صلوات في اليوم والليلة يؤديها على طهارة فيقف بين يدي ربه كل يوم طاهراً خاشعاً متذللاً يشكر الله على نعمه ويسأله من فضله ويستغفره من ذنوبه ويسأله الجنة ويستعيذ به من النار.

وقد فُرضت الصلاة  ليلة الإسراء قبل الهجرة بعام ونصف، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه في حديث الإسراء أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال:” أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ مَا أَوْحَى فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَنَزَلْتُ إِلَى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ ؟ قُلْتُ خَمْسِينَ صَلَاةً . قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ … قَالَ : فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى قَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، لِكُاتلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً”. رواه البخاري (349) ومسلم (162). 

الصلوات الخمس المفروضة هي: الصبح، الظهر، العصر، المغرب، والعشاء  وغيرها تطوع، ولكل منها وقت محدد وهيئة طريقة موافقة لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول: “صلوا كما رأيتموني أصلي” (أخرجه البخاري -605).

الركن الثالث: الزكاة

الزكاة حق للفقير على الغني، فقد قسم الله الأرزاق بالعدل وجعل للغني نصيبا فيمتحن بالشكر وللفقير نصيبا فيختبر بالصبر.

الزكاة تزكية للنفس وطهارة للمال ونماء وزيادة وتبعد الحسد والحقد وتمحو الفوارق بين الناس وتقوي الروابط الإجتماعية وتوطد التكافل وتزيد المحبة.

أوجب الله إخراج الزكاة على كل من ملك منافع بلغت النصاب وحال عليها الحول من الذهب والفضة، وعروض التجارة، الزروع والثمار وبهيمة الأنعام حسب مقادير مفصلة.

أداء الزكاة كفارة الله عن سيئات العبد ومباركة في ماله وأجر عظيم، قال تعالى :” وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه إن الله بما تعملون بصير” (سورة البقرة /110 ).

ومصارف الزكاة معلومة فلا يجوز صرفها إلا فيما ذكر الله بقوله :” إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين و في سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم” (سورة التوبة /60).

وإخفاء الزكاة أفضل من إظهارها أمام الناس لقوله تعالى :” إن تبدوا الصدقات فنعمّا هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير ” (سورة البقرة / 271).

ومنع الزكاة من أعظم الذنوب، يجلب البلاء والمصائب والشرور للأمة كلها، وقد توعد الله  من منعها بالعذاب الأليم يوم القيامة فقال عز وجل : “والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم، يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون” ( سورة التوبة /34-35).

أما في الدنيا فقد أخرج ابن ماجه في سننه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: ” يا معشر المهاجرين، خمسٌ إذا ابتليتم بهنّ، وأعوذ بالله أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ حتّى يعلنوا بها إلاّ فَشَا فيهم الطاعون والأوجاع الّتي لم تكن مضت في أسلافهم الّذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلاّ أُخِذوا بالسنين وشدّة المئونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلاّ مُنعوا القطر من السّماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلاّ سلّط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيّروا ممّا أنزل الله إلاّ جعل الله بأسهم بينهم”.

الركن الرابع: الصيام

الصيام هو الإمتناع عن المفطرات من الأكل والشرب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية الصوم.

فرض الله الصوم شهرا كاملا في السنة لكبح جماح النفس والإمساك حتى عن المباحات في اختبار الصبر والتحمل والامتثال لأوامره بالتنافس في أداء العبادات والتحلي بالفضائل، كما قال تعالى :” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون” (سورة البقرة /183).

وقد أنزل القرآن الكريم في شهر رمضان العظيم وفيه تتضاعف الحسنات وتكثر الصدقات، وقد أوجب الله صيام شهر رمضان على كل مسلم بالغ عاقل معافى ومقيم من ذكر وأنثى، لقوله سبحانه : “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه , ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام آخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون “ (سورة البقرة/185).

الركن الخامس: الحج

 وحد الله المسلمين في جميع أصقاع الأرض يتوجيههم إلى قبلة واحدة عند صلاتهم، ولزيادة هذه الوحدة قوة وترابطا جعل هذه القبلة مكانا للإجتماع والتعارف والتعاون وتقوية الروابط والتواصي بالحق والدعوة إلى الله وتعظيم شعائر الله.

فرض الله الحج في السنة التاسعة للهجرة، ويجب على المسلم مرة واحدة في عمره، إن كان بالغا عاقلا وقادرا، حيث يزور بيت الله الحرام في مكة المكرمة،ويطوف به، ويؤدي  المناسك ، فقد قال تعالى :” ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين” ( سورة آل عمران /97).

إذا حج المسلم على الوجه الشرعي الصحيح، وكان حجه خالصاً لله الغفّار كان ذلك ميلادا جديدا له وكفارة لكل لذنوبه كما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام :” من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه” رواه البخاري (15210).

535 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *