أفريقيا الغنية وشعوبها الفقيرة.. لم يفت الأوان بعد

أفريقيا الغنية وشعوبها الفقيرة.. لم يفت الأوان بعد
ليس لأفريقيا سند تتكئ عليه منذ تكوينها جغرافيا إلى اليوم عدا عنصرها البشري فكل ثرواتها تنهب ولا حظ لشعوبها فيها، في حين أن الكثير منا يعتقد أنها لن تعيش إلا على فتات ما تلقيه إليه أوروبا كعوض عن الصادرات المختلسة، في غفلة الكثيرين أو بالأخرى عمالة البعض.
فأفريقيا لن تنهض إلا بفطنة شعوبها الفتية و الطموحة، ليس عائقا أبدا أن تكون أفريقيا، فأنت تساهم بشبابك في نهضة الغرب ككل،كيف لا وأنت قابع مكانك، لا تعرف كيف تسير خيراتك و أنت جزء منها.
يستوقفني دائما كتاب شروط النهضة للعبقري مالك بن نبي- رحمة الله عليه- حين لخص و اختزل شروط بناء الدولة في ثلاث نقاط وهي: الإنسان، التراب والوقت، ولا يحق لنا أن نجادل من ناقش القابلية للاستعمار ببراعة، فهو أدرى بفقهه و لكن أليس عارا و عيبا أن يتوفر لدينا سعة من الزمن و شباب مستقبله أمامه و رقعة جغرافيا تتربع على منافذ استراتيجية هامة و لا نزال عالقين في القاع غلى مختلف المستويات.
 ليس لنا سوى أن نؤمن أن الأوان لم يفت بعد لنهضة القارة الفتية لا أحبب وصفها بالسمراء لأنه وصف ضيق لمظهرية سطحية…فالعجوز تقابلها الشباب و الفتوة و القوة، وعندما تنتعش أوروبا و هي القارة العجوز الفقيرة بشريا وتنطفئ أفريقيا بما تحمله من إمكانيات هائلة هنا فقط نتوقف لنشاهد مستوى الوعي الغائب لدينا.
هل هو شرط رابع يجب أن يضاف لشروط النهضة أم أنه بديهي قد يستغنى عن ذكره، فالوعي و حب التميز و التطلع للأفضل ميزة بشرية خالصة لكنها تحتاج لدوافع قوية تجعلها تظهر، فنجد أن أوروبا في القرون الوسطى كانت تنتهي الأحلام على عتبتها بل مقبرة الطموح و الإبداع، كان الفرد فيها جاهلا أميا بل و عفنا وليس مبالغة من أحد إنما حقائق تاريخية لا خيال منسوج.
ما الذي جعلها تنهض لتصبح عكس ما كانت عليه؟ إنها حتما إرادة أمة، إرادة أبت أن ترضخ للواقع، محققة معادلة شروط النهضة لبن نبي، ومن هنا نستطيع أن نقول أن للحضارة ضريبة واحدة ألا وهي الشدة و العسرة، فأين نحن الآن من كل هذا؟.
تساءلنا كثيرا هل بلغت أفريقيا من الشدة مبلغا يدفعها للتغيير؟ أم أنها الصدمات التي تسبق المخاص العسير لولادة أمة ترفض التطبيل لمنتهكيها و سالبي حقوقها بدعوى حماية الحقوق وضمان الحريات؟..
وجاء الرد من خلال الأحداث الأخيرة التي تشهدها بعض الدول الأفريقية كالنيجر و الغابون، بأن العالم لم ولن يستهين بمن كانوا يساقون كعبيد لخدمة العرق البيض، لأن العرق الأفريقي وإن طال صمته و رضوخه ليس ممكنا أن يستمر للأبد وتقبله للوضع سرمديا.
فأفريقيا مصنع الأبطال لا سيما بمن وصلهم الإسلام، فنجد مالكوم أكس في المقدمة، وهو أمريكي من أصول أفريقية استمات من أجل الدفاع عن حقوق الأفارقة لكونهم يشعرون بالدونية و العنصرية فكان أكثر الشخصيات تأثيرا في أمريكا إلى يومنا هذا، إذ لا يزال صاحب مقولة (لدي حلم) يتصدر الترندات عندما يناقش الأفريقي في قضية اقصائه و تحقيره.
كيف للأفريقي أن يبقى صامتا و هو يهان ويحتقر في عقر داره بل و يدار بأسوء منظومات سياسية أقل ما يقال عنها أنها دمى تمثيلية تحرك بأنامل غربية وليس لها قرار.
من الصعب أن تتخذ الأمة قرار المضي قدما نحو الأمام بخطوات ثابتة، لأنها ستضطر لنفض غبارها المتراكم مئات السنين لترى النور وتخرج خيراتها و لنا في الجزائر جزء افريقي جنوبي البلاد يقول فيه مفدي زكرياء:
و أخـرجت الأرض أثـقالـها * * * فـطار بـها العـلم فـوق الخـيال
تـوفّـر للـشـعـب أقـداره * * * و تـكفي الجـزائر ذل الـسـؤال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!