عقود من الكذب والنفاق الإعلامي لقلب الحقائق ومحاولة استغفال العقول بالنوايا الحسنة لحكام الولايات المتحدة الأمريكية، واستغلال وسائل الاعلام لتمرير مشروع الإجرام بالقتل والنهب والسلب لبناء إمبراطورية مزعومة تحتكم على تطور تكنولوجي متقدم لكنها من غير أي مقومات حضارية للمجد والشرف.
نجحت الحرب الإعلامية في تحويل الكلمات إلى قنابل لإبادة شعوب كثيرة ذنبها التوحيد والموقع الإستراتيجي فضلا عن الثروات الطبيعية التي خصها الله بها، فجلبت مطامع نهازي الفرص المسارعين دوما لتضليل الرأي العام، وكسب التأييد ببث صور وإذاعة أخبار مفبركة، تصحبها تحليلات سياسية لخبراء في التلفيق وإخفاء النوايا، لإضفاء الشرعية الوهمية على قرارات مجحفة تدعم التدخل العسكري في بلدان آمنة، وتسمح بالهجوم جوا، برا وبحرا، بما ثقل وزنه من أسلحة دمار ومحظورات.
وإن أحس الساسة الأمريكان وعملاؤهم ببعض المعارضة وخشية إخماد النار وخوفا من عدم استواء الطبخة فإنهم يصبون زيت فزاعة الإرهاب لتذكيتها، كما فعل سابقا بوش في حربه على أفغانستان والعراق وقفل حاملا براميل البترول مخلفا الدمار والأسى في بلد الحضارة والرقي.
الامبريالية الأمريكية ظهرت مع ميلاد أمريكا، بعدما هيمن الأوروبيين على أراضي الهنود الحمر وأقاموا نظام الرق والعبودية، ببساطة جاؤوا أغرابا واحتلوا الأرض وأنشؤوا مستعمرتهم على جماجم مئة مليون من السكان الأصليين، ليصير المحل ملكا لدخلاء من مزيج العرق الأوربي كأسياد وأفارقة سود جلبوا للاستعباد، فنهبوا الخيرات وسلبوا الأرواح وتوهموا أنهم أسسوا أعظم دولة، متجاهلين أن الدول عمادها مقومات نبيلة كالقيم والأمانة والشرف التي تتنافى والسياسة الأمريكية المتبنية لسياسة الحرب في المعاقل الخارجية لأجل حماية أراضيها وشعبها، ويثبت الواقع كل مرة أنها تفعل ذلك طمعا في الثروات ولبسط نفوذها على العالم، وطبعا بلا شك لضرب الإسلام، وأفغانستان شاهد حي يحفظ شهادته بأمانة، فلا عاقل ينكر أنها حرب عقيدة بعدما أعلنها بوش الإبن صراحة أنها حملة صليبية عاشرة.
هذا الأخير كان لصا محترفا لا يختلف عن أسلافه، فقد سرق كنوز بابل بمعية جنوده المرتزقة، ورفع لافتات الحماية بزعم الدور الأمريكي الهام في تنظيم العالم وإحلال السلام به، باستباحة كل محظور واعتماد الغاية تبرر الوسيلة، ولا يهم حجم معاناة الآخرين، فالعمل الاستخباراتي المبالغ فيه جعل كل شخص مشتبه به مجرم، وفتح سجن أبو غريب، ومعقل غوانتنامو دون ذكر سجون الجحيم في البلدان العربية وبتواطئ مع حكوماتها، فيحرم أناس بسطاء من أبسط الحقوق وتغض كل المنطمات والمجتمع الدولي الطرف عن الانتهاهاكات والتعذيب والقتل لأناس اعتقلوا بالشبهة فقط ليكون ذلك وبالا على أمريكا ذاتها ويجلب لها العداء من كل أنحاء العالم
هذا العالم المضظرب يقاسم أمريكا شعور الاضطراب ويمنحها بطاقة الاغتراب لأنها تفتقد للهوية الأصلية وما انتماؤها إلا تصنع، على رقعة جغرافية مسلوبة تجمع أجناس يحاولون التجانس فيما بينهم منذ قرون، لكن ذلك يستحيل في ظل عداء قديم متجدد بين السود والبيض، لا سيما بعد كل أحداث عنف تؤكد التشتت وغياب وحدة المجتمع الذي تحكمه لوبيات متطرفة صهيونية محترفة في السرقة بشكل قانوني، محصنة بسياسات تضمن لها السلب والنهب على المكشوف وبالطبع بفضل العمالة.
كشفت أمريكا خطتها من غير وجل وقالت أنها الشرطي ( أكيد تنتمي إلى معسكر الشركطة الفاسدة)، ووجدت من الشرق الأوسط مرتعا لمرتزقتها اقتصاديا وإعلاميا وحتى عسكريا، بدعوى الحرب على الإرهاب والهاجس الأمني ليبرز الإشكال القائم بين ما تدعيه وما تقوم به، فظاهريا تتبنى قيم العدالة والحرية والمساواة لكن المشروع الأمريكي يثبت عكس ذلك بهيمنته وتحكمه وخدمة مصالحه ولو على حساب أرواح ملايين الأبرياء.
عملت الإدارات الأميركية السابقة على إخفاء نواياها الحقيقية وراء غزوها العسكري ولكن الوقائع فضحت سياستها الإجرامية، فتقرير مركز النزاهة العامة الرقابي في الولايات المتحدة لعام 2015 أدان أكثر من 115 ضابطا وجنديا أمريكيا بارتكاب جرائم سرقة ورشاوى وتيسير عقود وهمية أثناء وجودهم في العراق وأفغانستان بلغت قيمتها نحو 52 مليون دولار.
هكذا عرفت الدولارات التي تثير المطامع طريقها لجيوب رؤساء أمريكا وجنودها على مر عقود واقتدى ترامب بآسلافه اللصوص، وزحف كالحية الخبيثة ونفث سمه الذي تلقفه البعض وسقوه أقوامهم، وقالوا أنها صفقات مربحة لكسب الصداقة الأمريكية، وهل لأمريكا أصدقاء غير الكيان الصهيوني المدلل؟.
أمريكا تقرأ التاريخ جيدا، وتعلم أن المسلمين قادة عظماء هممهم عالية أخلاقهم سامية وهم السادة القادة الذين أسسوا أعظم الحضارات، لذا فهي تعمل على إبعاد سيرتهم عن طريق الأجيال، وتبتغي إسلاما حداثيا بمقاييس غربية يشرف عليه بن سلمان وأتباعه، ولا تتوانى في رمي كل حر شريف بتهمة الإرهاب، لأنها تخشى عمليا قطع يد السارق ودفع الجزية وغيرها من القوانين الإلهية العادلة التي تحمي بحق الحريات وحقوق الإنسان، ولا وجود لظلم ولا إمبرياليات في ظل حكمها العادل.