أَنَسُ وأَداءُ الأَمانَةِ

أَنَسُ  وأَداءُ الأَمانَةِ

القصة الثانية والعشرون من سلسلة قصصية للكاتب شاكر صبري، تنشر حصريا على موقع معين المعرفة. (جميع الحقوق محفوظة ويمنع نسخ القصص ونشرها على مواقع أخرى أو طباعتها).

كانَ عِمادُ يَلْعَبُ كُرَةَ  القَدَمِ معَ زُمَلائِهِ  في المَلْعَب كَعَادَتِهِ كُلَّ يَوْمٍ تَكونُ فيهِ  الدِّراسَةُ مُعَطَّلَةٌ  , وأَثْناءَ الَّلعِبِ أَذَّنَ المُؤَذِّنُ للصَّلاةِ , فَهَرَعَ الجَميعُ إلَي المَسْجِدِ لأَداءِ الصَّلاةِ   ,  وتركَ  أَنَسٌ هُوَ الآَخَرُ اللَّعِبَ , وذَهَبَ لِأداءِ الصَّلاةِ  .

وبَعْدَ  الانْتِهاءِ منْ أَداءِ الصَّلاةِ نَظَرَ عِمادُ في يَدِهِ لِمَعْرِفَةِ الوَقْتِ فَوَجَدَ أنَّ ساعَتَهُ قدْ فُقِدَتْ , حَزِنَ عِمادُ كَثيراً ولَكِنَّهُ قالَ : أَيْنَ ضاعَتْ ساعَتِي ؟  هلْ فُقِدَت منِّي في المَلْعَبِ ؟    أمْ فَقَدْتُها أَثْناءَ  أَداءِ الصَّلاةِ ؟  أَمْ ماذا ؟  

  عادَ عِمادُ إلَي المَلْعَبِ ..وسَأَلَ زُملاءَهُ عَنْها  , فأَنْكَرَ الجَميعُ مَعْرِفَتَهُمْ شَيْئاً عَنْها ,   فَعادَ إلَي المَنْزِلِ حَزيناً , وحَكَي لِوالِدِهِ ما حَدَثَ ,  فَقَالَ لَهُ والِدُهُ  : لا تَقْلَقْ يا بُنَيَّ  ..

  وما عَلَيْكَ إلَّا أنْ تَقْرَأَ سورَةَ الضُّحَي , وافْعَلْ كَما فَعَلَ أَحَدُ المُسْلِمينَ الأَوائِلُ بِأَنْ طَلَبَ منْ الذِّي فَقَدَ ضالَّتَهُ  أنْ يَتَّجِهَ  إلَي الصَّلاةِ , فإنَّ الهُدوءَ في  الصَّلاةِ  يُساعِدُ  علَي   التَّذَكُّرِ .

ظَلَّ  عِمادُ  يَقْرَأُ  سورَةَ الضُّحَي كُلَّمَا تَذَكَّرَ ساعَتَهُ المَفْقودَةَ ,   ثمَّ سَأَلَ والِدَهُ قائلِاً : لِماذا اخْتَرْتَ سورَةَ الضُّحَي   ؟

 فَقالَ :  لِأَنَّها  سورَةٌ قَصيرَةٌ وسَهْلَةُ الحِفْظِ عَلَيْكَ ,  وسَهْلٌ أنْ تٌرَدِّدَها وأَنْتَ في أَيِّ مَكانٍ  , وكُلُّ سُوَرِ القُرْآنِ يا بُنَيَّ مٌبارَكَةٌ وفيها خَيْرٌ  كَثيرٌ   .

وَجَدَ أَنَسٌ السَّاعة  ولمْ يَعْلَمْ منْ صاحِبَها , أَعْجَبَتْهُ كَثيراً ,   فَلَبِسَها في يَدِهِ .

رأَي والِدُ أَنَسٍ السَّاعةَ في يَدِهِ , فَتَعَجَّبَ  وسَأَلَهُ قائلاً : مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ بِهَذِهِ السَّاعَةِ ؟ 

فَقالَ أَنَسُ  : لَقَدْ وَجَدْتُها  مُلْقاةً علَي الأَرْضِ في المَلْعَبِ .

صَمَتَ  والِدُهُ , وقالَ لَهُ  هيَّا نَقْرَأُ لِكِتابِ اللهِ ., ثمَّ  قَرَأَ مَعَهُ سورَةَ الضُّحَي , وحينَما وَصَلَ  إلَي قَولِه تعَالي ” وأَمَّا بِنِعْمَةِ ربِّكَ فَحَدِّثْ ”  قالَ لِأَنَسٍ :  أَرْجو  أنْ تَشْرَحَ لي هَذِهِ الآَيَةَ

 فَشَرَحها لَهُ  أَنَسٌ , فَقالَ لهُ والِدُهُ : لوْ وَجَدْتَ نِعْمَةً  منْ نِعَمِ اللهِ  ماذا يَجِبُ عَلَيْكَ ؟  هلْ تَذْكُرَها  أمْ  تُخْفيها ؟  وفَهِمَ  أَنَسُ أنَّ  والِدَهُ  يَقْصِد ُ بِذلِكَ السَّاعَةَ المَفْقودَةَ  التَّي  وَجَدَها أَنَسُ وَوَضَعَها في يَدِهِ , فَقَالَ في نَفْسِهِ : يَجِبُ أنْ أَرُدَّ  هَذِهِ السَّاعَةَ إلَي أَصْحابِها  .

  و اتَّجَهَ علَي الفَوْرِ إلَي المَسْجِدِ ,   وحاوَلَ أنْ يُنادِي عَلَيْها  ولَكِنَّ إِمامَ  المَسْجِدِ قالَ لَهُ : يا بُنَّي إنَّ النِّداءَ علَي الأَشْياءِ الضائِعَةِ في المَسْجِدِ مَمْنوعٌ ,  كَما نَهانا عنْ ذَلِكَ سَيِّدَنا مُحَمَّدٌ صلَّي اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وقالَ لِمَنْ كانَ ينُادِي علَي ضالَّتَهُ  ” لا رَدَّ اللهُ ضالَّتَهُ  ”  .

   خَرَجَ  أَنَسٌ منْ المَسْجِدِ , فَوَجَدَ عِمادُ يَنْتَظِرُهُ  خارِجَ المَسْجِدِ , فَقَدْ سَمِعَ  ما دارَ بَيْنَ أَنَسٍ وبَيْنَ إِمامِ المَسْجِدِ …    .

أَعْطي أَنَسٌ السَّاعَةَ لِعِمادٍ , وهُوَ سَعيدٌ بِذَلِكَ .

وشَكَرَ عِمادٌ  أَنَسَ علَي أَداءِ الأَمانَةِ  إلَي أَصْحابِها,  ودَعا اللهَ لَهُ بالبَرَكَةِ والخَيْرِ, قالَ أنَسٌ وعِمادُ في وَقْتٍ واحِدٍ : إنَّها بَرَكَةُ  سورَةِ الضُّحَى .

233 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *