اشتقنا لهؤلاء..

إبراهيم الخولي

إذا كنت مولعا بالمناظرات التي ترفع من مستواك الفكري و تحثك على البحث و تنمي لديك الرغبة في المطالعة، ابحث عن مناظرات الدكتور الشهم إبراهيم الخولي، نعم إنه الرجل الفذ مصري المولد و النشأة، عاش طويلا مخلفا وراءه أجمل الكتب البلاغية و الدينية…

و لأن الادب العربي يلد من رحمه ألسنة صادعة بالحق و الحجة و معا؛ كان للخولي -يرحمه الله- نصيبا من الأدب الرافض للخنوع، أين لم يجد هذا الأستاذ و المربي و اللغوي منطلق قوة أعلى من الحضارة الإسلامية العربية ليكون مدافعا عنها بكلمات أقل ما يقال عنها أنها كافية للتضييق على الخصوم و جعلهم يتذكرون من تكون أوروبا قرون الظلام و من تكون بلاد العرب أوطاني… نعم إنها السقطة و النكبة العربية التي شعر بها كل أديب أريب، والخولي كان من أوائلهم حيث وصف نكبتنا بأنها أحسن بكثير من نكبة الغرب آنذاك.

فبالرغم من أننا نسير نحو الهاوية في جميع الميادين الدنيوية إلا أننا نسير على خطى ثابتة أخلاقيا، إذ يكفي المشرق أنه لم يتلطخ بعار الشهوات و الرذائل!    
ويقول السيد إبراهيم الخولي عبارته المناهضة للاحتلال الفكري الغربي مبرزا أهم نقطة قد يحتقر قيمتها الكثيرون من المولوعين بحضارة الغرب: (إن  الانحلال الخلقي و الرذائل المتاحة و الكثيرة في المجتمعات الغربية سقطة شنيعة مناقضة لنهضة الإنسان ورقيه وتقدمه أخلاقيا، فإذا كنا نحن المسلمون قد تخلفنا عن الركب الحضاري و عن معايير التقدم، لم نتخلف عن أخلاقياتنا، لم نسقط إلا في أعين الغرب لكننا في معايير الأخلاق لسنا في القاع، و يبقى للشرقي وسم الحياء و الشهامة و الغيرة و الطهارة و العفة بالعموم، و يبقى الفرد الغربي شاذا و ملوثا بكافة القذارات و الشهوات، بصيغة التعميم أيضا، شكرا لسقوطنا إنه لم يكن مؤلما بل كان سقوطا مشرفا..) إنها أمة يستحيل أن تموت.

لم ننتبه يوما أننا لا نستطيع أن نعيش كالغرب في كل شيء قد تستهوينا منازلهم و حياتهم، دخل وميزانيات عالية، كفاءة تعليم و جامعات ضخمة ورفاهية، ولكن الواقع المعيش يقول أنهم فقدوا ضوابطهم و خطوطهم الحمراء، و كم نحن بحاجة للعيش وسط أمة تجوع و تعرا و لا تنحني للشيطان..

شكرا إبراهيم الخولي لأنك ايقظت فينا الفخر بأننا لسنا بتلك الدونية التي يصفوننا بها، بقدر ما هم يوهمون أنفسهم بأنهم الأفضل فقط لأننا لا نجيد كسر القواعد العامة و الخيرة، ولا نرقى لإنشاء جمعيات للدفاع عن حقوق الإنسان ودعم الحريات ونكون أول من يهضمها ويزدريها..

 الشيخ سلمان العودة

لا نذهب بعيدا حيث الشيخ سلمان العودة، في بلاد الحرمين والحجاز تحديدا، كان تلميذا نجيبا للعلامة الوالد سفر الحوالي حتى ارتبط اسمهما سويا، و مصيرهما سويا، فقد كان الداعية الذي نافس العلماء في استقطابه لأعداد المتابعين و الملتزمين الجدد، وحتى طلاب العلم، ليس لتمييعه للدين أو لتسهيله في أحكام الشريعة، بل لأنه صاحب قبول بين العباد..

فحين تسمع درسا للعودة أو محاضرة ستشعر بأهمية التقرب إلى الله، كيف لا؟ وهو أحد أبرز رموز الصحوة الإسلامية، إذ يرتبط في ذاكرتي اسمه بأول كتاب قرأته له بعنوان (بناتي)، كم يشعرنا العنوان بأن المسلم يحمل هم نساء الأمة على عاتقه، حيث يقدم فيه جملة من النصائح التي تبحث عنها كل فتاة، و سيدة، كم هو شعور راق و جميل أن يلتفت رجل دين واعظ لشريحة مهمة في المجتمع و يوليها اهتماما خاصا و يؤلف من أجلها كتابه الذي يجذبك بتصميمه اللطيف، إشارة منه بأن المرأة لم تفقد براءتها بعد، لا زالت بنية بريئة، بحاجة لسماع نصائح أبوية..
سرعان ما اختفى هو و أمثاله عن عالمنا الوحشي، كيف لمؤلف كتاب كهذا أن يكون ارهابيا، ويزج خلف القضبان الله المستعان!

إلى الله نشكو كم نحن بحاجة الى أمثاله وإلى أمناء يجعلوننا نشعر بأن الأمة الإسلامية أسرة واحدة، يمثل رجل الدين فيها دور الحامي والمربي والقاضي، و تقسم الأدوار على الباقين كل حسب مكانته…..


الدكتور يحيى الأحمدي

في عام 2011 رحل عن عالمنا أحد أعمدة علم النفس الأسري الحديث، مخلفا وراءه أطيب النصائح في مجال العلاقات الأسرية، بصوته الهادئ الطيب المليء بالطمأنينة و الوقار المعهود بين أهل صعيد مصر حيث نشأ الدكتور يحيى الأحمدي صاحب حصة البساط أحمدي  التي انتظرناها كل الأمسيات، لنشاهد ما نريد فعلا أن تكون عليه أسرنا وعائلاتنا.

لقد نجح الأحمدي في توجيه المشاهد العربي و جعله يبحث عن التغيير، ليس بشحنه بنصائح مستهلكة بل بفهم سلوكه و أخطائه و طرحها و عرضها على أنها مدعاة للدعم و الفهم و التوجيه وليست محط سخرية وانتقاد، أو أنها ظواهر فاسدة تحوم حول الأسرة.

ناقش الدكتور بوعي أهمية الاحتواء و التنازل من أجل القيم العليا، وله في هذا الشأن كتابه (حتى لا تصبحين مطلقة)، يتوجب على كل مقبلة على الزواج أن تنهل منه لتتعلم كيف تكون سيدة حكيمة، و كيف تستغل قدراتها التي وهبها الله في جعل الحياة العائلية ممتعة و ناجحة.

و يوجه في المقابل جملة من النصائح للرجال في كتابه الشهير (امرأة واحدة تكفي)، حيث يقول الأحمدى فى تعريفه للكتاب الذى أهداه إلى زوجته “يقول بعض الخبثاء إن امرأة واحدة بالفعل “تكفى”، ولكن من الانكفاء لا من الاكتفاء، ويقول بعض الظرفاء إنها فعلا تكفى ويفيض منها حوالى كيلو، ويقول بعض الحكماء امرأة واحدة تكفي جدا جدا للرجل الذى يعرف المرأة حق المعرفة ويجيد استغلال كل شبر فيها، ويقول بعض اللئام بأن امرأة واحدة أبدا لا تكفي فنحن مأمورون بنص القرآن أن ينكح الرجل ما طاب له مثنى وثلاث ورباع، ويبدو أن كل هؤلاء لم يتعلموا فن إدارة المرأة التى هى بالفعل مؤسسة تحتاج من يديرها ويجعلها مؤسسة ناجحة، وعلى الرجل أن يتعلم هذا الفن حتى يقنع بأن امرأة واحدة تكفي جدا وربما تكون كثيرة على الرجل، وللدكتور يحي في ذلك باع طويل…

183 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *