الأسباب الخفية لاستعمار فرنسا للجزائر

الأسباب الخفية لاستعمار فرنسا للجزائر
  • فرنسا استعمرت الجزائر لأنها جزء من إفريقيا وقصة “المروحة” مفتعلة.
  • تأسيس الشركة الملكية الإفريقية الفرنسية سنة 1561 مهد لفرنسا لإحتلال الجزائر.
  • كرونولوجيا المعارك والثورات في الجزائر ضد الإستعمار الفرنسي قبل ثورة أول نوفمبر 1954.

قليلة هي الكتابات التاريخية التي صوّرت الإحتلال الفرنسي وأرخت للمقاومات الشعبية الجزائرية في القرن التاسع عشر، ما خلق نوعا من الفراغ، لأن جل الكتابات كانت بأقلام أجنبية (فرنسية) في إطار ما يسمى بـ: الأسطوريوغرافية الكولونيالية.

لكن معظم الأحداث لم يأت ذكرها أو تم التحفظ عليها لكتم الحقيقة وتشويه التاريخ ومحو آثار المقاومات الجزائرية، وهذا يتوجب على المؤرخين والباحثين تسليط الضوء على مرحلة ما قبل اندلاع ثورة نوفمبر 1954، وتحليل الأحداث وطرحها طرحا تاريخيا علميا من أجل وضع حد للجدل الذي يثار في كل مناسبة حول تاريخية الجزائر وأهليتها لأن تكون لها دولة في ظل الأحداث التي عاشتها الجزائر في العشرية الأخيرة من القرن العشرين.

الماريشال بيجو: “بدون هذه الأساليب لا يمكن التغلب على هذا الشعب العجيب ولا السيطرة عليه”.

الأسباب الخفية لاستعمار فرنسا للجزائر 1

ظلت إفريقيا ولا تزال مركز أطماع الغرب، حيث عرفت موجة كبيرة من الغزو الإستعماري، سواء الإستعمار الفرنسي أو الإنجليزي او البلجيكي أو جنوب إفريقيا..

والجزائر عانت كثيرا من الإستعمار الفرنسي طيلة 132 سنة كونها تعتبر جزءًا من افريقيا، فقد عرفت الجزائر جهادا طويلا لا تكفي الكتابة عنه في ورقة أو كتاب، بدليل ما قاله مستر دالاس بأن افريقيا يمكنها أن تغني أوروبا الغربية كلها عن الإعتماد على موارد أوروبا الشرقية.

فكانت أسهل طريقة هي تجريد الشعب الجزائري من أراضيه وممتلكاته، ونفيه من وطنه وإبادته، وهذا بشهادة الماريشال بيجو الذي قال: “بدون هذه الأساليب لا يمكن التغلب على هذا الشعب العجيب ولا السيطرة عليه”.
لكن شجاعة الجزائريين ورغم الخيانة أعطت للعدو درسا كبيرا في الصمود والمواجهة، فكانت الثورة الجزائرية ثورة لا تموت بموت الرجال، فعمر كفاح الجزائر ضد الغزو الغربي في واقع الأمر يمتد إلى خمسة قرون منذ خروج العرب من غرناطة سنة 1492 تعرضت فيه الجزائر لحملات الإسبان والبرتغال والإنجليز والفرنسيين.

السبب الرئيسي ليس في قصة “المروحة” وقضية تواطؤ التاجرين اليهودي بحري وبوشناق مع القنصل الفرنسي ” دوفال”، فقصة المروحة كانت مفتعلة.

فعندما اتجهت الحملة العسكرية الفرنسية إلى الجزائر كانت تحمل في ظاهرها أخذ ثأر خرافة المروحة من داي الجزائر عندما تماطلت في دفع المال الذي اقترضته من الجزائر، وهي في الحقيقة كانت تحمل نوايا خبيثة حيث كانت تبحث عن التوسع على حساب الجزائر، خاصة وأن الجزائر تتميز بموقع جغرافي بالإضافة إلى قربها من أوروبا.

فكانت الأطماع الأوروبية هي اتخاذ الجزائر سوقا للإمداد وتصريف الصناعة الأوروبية، لهذه الأسباب نزلت القوات الفرنسية في 19 جوان 1830 بميناء سيدي فرج بقيادة الجنرال “دوبورمان” الذي كان على رأس 37 ألف جندي، استسلمت فيه العاصمة الجزائرية على يد داي الجزائر الذي وقّع على اتفاقية التسليم قبل مغادرته رفقة حاشيته.

ما يكشفه المؤرخون هو أن احتلال فرنسا للجزائر كان مخططا له منذ تأسيس الشركة الملكية الإفريقية الفرنسية سنة 1561 مكن فرنسا من التحكم في التجارة الخارجية للجزائر خاصة مع تراجع نشاط الأسطول الجزائري.

ما يكشفه المؤرخون هو أن احتلال فرنسا للجزائر كان مخططا له منذ تأسيس الشركة الملكية الإفريقية الفرنسية سنة 1561 مكن فرنسا من التحكم في التجارة الخارجية للجزائر خاصة مع تراجع نشاط الأسطول الجزائري.

الأسباب الخفية لاستعمار فرنسا للجزائر 2

وبعد ظهور الأطماع البريطانية في الجزائر من خلال حملة إكسموت سنة 1816 والتهديد المستمر لمصالحها التجارية، كان لزاما بسط سيطرتها الكاملة عليها سنة 1830 أين برزت مظاهر الهيمنة الإقتصادية بوضوح، ما أدى برفض الجزائريين لكل ما هو أجنبي.

وقد أدى ذلك إلى نشوب ثورات عديدة، لم تكن الجزائر في تلك الفترة تملك جيشا كالذي تملكه فرنسا، فقد كان الجيش الجزائري لا يزيد عن ثلث الجيش الفرنسي، كما أن الغزاة كانت تظللهم أكبر امبراطورية أوروبية.

رغم هذه الظروف لم يركن جيش التحرير الوطني للضعف والوهن والرضوخ، وهذا يعود إلى قوته الجماعية ووحدته، حيث كان له استعداد كبير للحرب حتى الموت، خاصة بعد ظهور الأمير عبد القادر، الذي بايعه الشعب الجزائري البيعة الأولى بالشرق الجزائري في27 نوفمبر 1832، ثم البيعة الثانية في 04 فيفري 1833، فنظم الجيش وجمع الشعب وسن القوانين، وتمكن من وضع الأسس الأولى للدولة الجزائرية، واستطاع في 04 فيفري 1834 أن يفرض معاهدة السلم على الجنرال دوميشال، ومعاهدة تافنة في 30 ماي 1837 على الجنرال بيجو.

لقد سجلت المقاومة الجزائرية معارك كبرى شهد لها التاريخ وسجلها بأحرف من ذهب منها:

– معركة البليدة في الفترة بين 25 و28 جويلية 1830 أجبرت دوبورمون على الفرار.

– معركة وهران في 1832 بقيادة الأمير عبد القادر.

– معارك قسنطينة في أكتوبر 1836 التي قتل فيها القائد الأعلى للجيش الفرنسي “داكريمون” والجنرال بريكو والكموندان ” كومب” وأصيب فيها كل من الجنرال بيريفو و”لاموريسيير”.

– معركة نوفمبر 1836 لتي انهزم فيها الجنرال كلوزال.

– معركة المدية ومليانة بين 1840 و1841 التي شارك فيها بيجو.

– معركة زواوة ودلس في 1844.

– معركة سيدي ابراهيم في 1845 انتصر فيها الأمير عبد القادر.

– ثورة الصومام في 1847.

– معركة الزعاطشة بقيادة بوزيان عام 1849.

– معركة الأغواط عام 1852.

– وتأتي بعدها ثورة القبائل الكبرى عام 1854 شارك فيها أزيد من 12 ألف مقاتل جزائري، تلتها معركة جبال البابور في 1857، ومعارك جرجرة التي جرت في نفس السنة ( 1875) والتي عرفت بمقاومة بوبغلة للماريشال راندون.

– ثورة بني ميزاب عام 1861.

– ثورة أولاد سيدي الشيخ جرت في 1864 بقيادة سي سليمان التي قتل فيها بوبرتر.

– ثورة جنوب وهران في 1868 شارك فيها ماكماهون.

– ثورة المقراني والشيخ ابن الحداد جرت في مارس 1871 وامتدت إلى أواخر 1871 بمجانة.

– ثورة مسيلة وبوسعادة من 1871 -1872 قاوم فيها بومزراق الجنرال ” لالما” و”لامند” و”دولاكروا”.

– ثورة الأوراس 1879.

– ثورة عين صالح وتيد كالت وتوات وغرارة في الفترة بين 1899 و1902 في هذه السنة صدر قانون يقضي بحكم الصحراء عسكريا.

– ثورة بنشقران بين 1913 و1914.

– حركة الأمير خالد بين 1914 و1918 وقد كان ضابطا في الجيش الفرنسي اثناء الحرب العالمية الأولى.

– ثورة الأوراس في 1916 بسبب التجنيد الإجباري.

– ثورة جانت بين 1916 و1917.

– ثورة 08 ماي 1945 والتي عرفت بثورة الشرق الجزائري (نهاية الحرب الكونية الثانية).

وكما هو معلوم فقد اشتدت هذه المعارك بعد صدور قوانين لقمع الجزائريين وجعل من الجزائر ملكا فرنسيا، بالإضافة إلى مصادرة الأراضي الجزائرية لاسيما قانون فارني الصادر في أفريل 1879 وقانون “الأنديجانا” الصادر في 28 جوان 1881.

ويمكن القول أن الثورات والمعارك والإنتفاضات التي حدثت في الجزائر منذ الأمير عبد القادر حتى قيام الثورة المسلحة الكبيرى مرورا بمجزرة الثامن ماي 1945 قادها رجال أخلصوا للقضية الوطنية، رغم الأخطاء، حيث كان هدفهم الوحيد هو طرد المستعمر، واجهت فيها الجزائر أحلك الظروف والأزمات، أين قضت المجاعة على أزيد من 500 جزائري بسبب انعدام موارد الرزق ونزوحهم إلى الجبال.

ما ذكره المؤرخون هو أن أكبر محنة اجتازها الأمير عبد القادر في الأعوام الأخيرة من مقاومته تعود إلى خيانة عمر العيادي الذي مكن العدو من الإستيلاء على بيت المال، وكذلك استسلام بومعزة وأحمد بن سالم وموت القائد محمد بن علال.

الأسباب الخفية لاستعمار فرنسا للجزائر 3

ما ذكره المؤرخون هو أن أكبر محنة اجتازها الأمير عبد القادر في الأعوام الأخيرة من مقاومته تعود إلى خيانة عمر العيادي الذي مكن العدو من الإستيلاء على بيت المال، وكذلك استسلام بومعزة وأحمد بن سالم وموت القائد محمد بن علال.

أما عن أحمد باي فلم يكن هذا الأخير يولي لمعارك الأمير عبد القادر اهتماما ولعل هو السبب الذي أضعف صفوف مقاومة الأمير عبد القادر، ضف إليها خيانة باي تونس وتواطئه مع كلوزيل من أجل توليته وهران.

ورغم ذلك ظل الأمير عبد القادر صامدا وهو يواجه عدوان الإحتلال وبدون إمدادات خارجية، ثم رفضه للمساومات البريطانية قبل أن يستسلم في 31 ديسمبر 1847 لتجنب سقوط قتلى جزائريين على يد الجيش الفرنسي، وهذا ما يثبت قوة شخصيته ووعيه السياسي.

ما يمكن قوله هو أن الجزائر منيت بخسارة فادحة على جميع المستويات الإجتماعية والإقتصادية، فضلا عن خسارة خيرة أبنائها من الشباب في حربين كونيتين لا صله لها بهما ولم تجن منهما شيئا غير الموت والدمار واليتم والتشرد والنفي عن الأوطان.

أما ما حدث مع ثورة أول نوفمبر 1954 كان عبارة عن اكتمال للوعي الوطني للقضية والنضج السياسي الذي أفرزته الحرب الكونية الثانية، ذلك الوعي الذي كان يتمحور حول دعم حركات التحرر في العالم ومَدّ الشعوب بالمساعدة الممكنة قصد افتكاك استقلالها.

ولا يسع المجال هنا للإعتراف بالدعم الذي قدمته الدول الشقيقة والصديقة للجزائر لمواجهة قوات المستعمر المدججة بالسلاح والمعدات العسكرية، حيث أعطتها بعدا روحيا، استجمعت فيه كل قواها، عندما اجتمع القادة الأفارقة في مؤتمر “باندونغ” لحل الأزمات الداخلية والخارجية، ونصرة الشعوب ومنحها الحق في تقرير المصير، مما جعل الثورة تنطلق بقوة بعد إصدار بيان أول نوفمبر لتوضيح الأسباب التي أدت إلى العمل المسلح.

كما أن التطورات التي حدثت، لاسيما في الجانب السياسي والعسكري أجبرت القادة التاريخيين عقد مؤتمر “الصومام”، حيث استطاعت الجزائر أن تؤسس لنظرية ثورية لا تموت بموت الرجال.

بقلم الأستاذة: علجية عيش/ القراءة من المصدر.

242 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *