المحتويات
تقديم
أحمد ياسين -رحمة الله عليه- رجل في زمن عز فيه الرجال، عاش حرا وقتل غدرا، ليرتقي بالشهادة التي تليق به، وهو المجاهد الذي رفض الانصياع وبيع أرضه، وآمن بتحرير القدس وتحقيق الوعد رغم أنه كان عليل الجسد لكنه قوي النفس، صادق العزيمة، سليم العقيدة.
بفخر وشغف قرأت مقالا عن الشيخ الوقور بعنوان “قعيد أيقظ أمّة“ يعرض تفاصيل مثيرة عن حياة هذا البطل المغوار الذي أرعب جيش الاحتلال وما قتله إلا غيلة، ولم أمل من قراءته لعشرات المرات، فما وجدت غير نقله لعل غيري ينتفع كما انتفعت منه وتعرفت على أحد الذين أحتسبهم ممن قال الله تعالى فيهم:” مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا” (سورة الأحزاب/ الآية: 23).
شلل الشيخ أحمد ياسين
في السادسة عشرة من عمره تعرض أحمد ياسين لحادثة خطيرة أثرت في حياته كلها، فقد أصيب بكسر في فقرات العنق أثناء لعبه مع بعض أقرانه عام 1952م، وبعد 45 يوماً من وضع رقبته داخل جبيرة من الجبس اتضح أنه سيعيش بقية عمره رهين الشلل الذي أصيب به في تلك الفترة.
أنهى أحمد ياسين دراسته الثانوية في العام الدراسي 1957- 1958 ونجح في الحصول على فرصة عمل رغم الاعتراض عليه في البداية بسبب حالته الصحية، وكان معظم دخله من مهنة التدريس يذهب لمساعدة أسرته.
النشاط السياسي
شارك أحمد ياسين وهو في العشرين من العمر في المظاهرات التي اندلعت في غزة احتجاجاً على العدوان الثلاثي الذي استهدف مصر عام 1956م، وأظهر قدرات خطابية وتنظيمية ملموسة، حيث نشط مع رفاقه في الدعوة إلى رفض الإشراف الدولي على غزة مؤكدا ضرورة عودة الإدارة المصرية إلى هذا الإقليم.
الاعتقال
كانت مواهب أحمد ياسين الخطابية قد بدأت تظهر بقوة، ومعها بدأ نجمه يلمع وسط دعاة غزة، الأمر الذي لفت إليه أنظار المخابرات المصرية العاملة هناك، فقررت عام 1965 اعتقاله ضمن حملة الاعتقالات التي شهدتها الساحة السياسية المصرية والتي استهدفت كل من سبق اعتقاله من جماعة الإخوان المسلمين عام 1954، وظل حبيس الزنزانة الانفرادية قرابة شهر ثم أفرج عنه بعد أن أثبتت التحقيقات عدم وجود علاقة تنظيمية بينه وبين الإخوان.
وقد تركت فترة الاعتقال في نفسه آثارا مهمة لخصها بقوله ” أنها عمقت في نفسه كراهية الظلم، وأكدت أن شرعية أي سلطة تقوم على العدل وإيمانها بحق الإنسان في الحياة بحرية”.
هزيمة 1967
بعد هزيمة 1967م التي استولى فيها جيش المحتل على كل الأراضي الفلسطينية بما فيها قطاع غزة، استمر الشيخ أحمد ياسين في إلهاب مشاعر المصلين من فوق منبر مسجد العباسي أين كان يخطب فيه لمقاومة الصهاينة، تزامنا مع نشاطه في جمع التبرعات ومعاونة أسر الشهداء والمعتقلين، ليترأس بعدها المجمع الإسلامي في غزة.
إقرأ أيضا:نابلس تزف 3 شهداء في اشتباكات مع العدو الصهيونيالانتماء للإخوان
تبنى الشيخ أحمد ياسين أفكار جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر على يد الإمام حسن البنا -رحمة الله عليه- عام 1928م، والتي تدعو -كما تقول- إلى فهم الإسلام فهما صحيحا والشمول في تطبيقه في شتى مناحي الحياة.
أزعج النشاط الدعوي للشيخ أحمد ياسين الاحتلال الصهيوني فأمر عام 1982م باعتقاله ووجهت إليه تهمة تشكيل تنظيم عسكري وحيازة أسلحة، وأصدر في حقه حكما بالسجن 13 عاما، لكنه لم يقض مدة محكوميته كاملة حيث أطلق سراحه عام 1985م في إطار عملية لتبادل الأسرى بين سلطات الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين “القيادة العامة”.
مؤسس حماس
في عام 1987م اتفق الشيخ أحمد ياسين مع مجموعة من قادة العمل الإسلامي الذين يدعمون أفكار الإخوان المسلمين في قطاع غزة على تكوين تنظيم إسلامي لمحاربة الاحتلال الصهيوني بغية تحرير فلسطين، وأطلقوا عليه اسم “حركة المقاومة الإسلامية” المعروفة اختصارا باسم “حماس”، وكان له دورا مهما في الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت آنذاك والتي اشتهرت بانتفاضة المساجد، ومنذ ذلك الوقت والشيخ ياسين يعتبر الزعيم الروحي لتلك الحركة.
ومع تصاعد أعمال الانتفاضة بدأ قوات الاحتلال التفكير في وسيلة لإيقاف نشاط الشيخ أحمد ياسين، فقامت في أغسطس/آب 1988م بمداهمة منزله وتفتيشه وهددته بالنفي إلى لبنان.
في غياهب السجون
لما ازدادت عمليات قتل الجنود الصهاينة واغتيال العملاء الفلسطينيين قامت سلطات الاحتلال يوم 18 مايو/أيار 1989م باعتقاله مع المئات من أعضاء حركة حماس.
وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول 1991م أصدرت إحدى المحاكم العسكرية حكما بسجنه مدى الحياة إضافة إلى 15 عاما أخرى، وجاء في لائحة الاتهام أن هذه التهم بسبب التحريض على أسر وقتل جنود صهاينة وتأسيس حركة حماس وجهازيها العسكري والأمني.
مساعي الإفراج عنه
حاولت مجموعة مجاهدة تابعة لكتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحماس- الإفراج عن الشيخ ياسين وبعض المعتقلين المسنين الآخرين، فقامت بأسر جندي صهيوني قرب القدس يوم 13 ديسمبر/ كانون الأول 1992م وعرضت على الكيان مبادلته نظير الإفراج عن هؤلاء المعتقلين، لكن السلطات الصهيونية رفضت العرض وقامت بشن هجوم على مكان احتجاز الجندي مما أدى إلى مصرعه ومصرع قائد الوحدة الصهيونية المهاجمة ومقتل قائد مجموعة الفدائيين.
وفي عملية تبادل أخرى في الفاتح من أكتوبر/ تشرين الأول 1997م جرت بين المملكة الأردنية الهاشمية والكيان في أعقاب المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في العاصمة عمان وإلقاء السلطات الأمنية الأردنية القبض على اثنين من عملاء الموساد سلمتهما للكيان مقابل إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين، أفرج عن الشيخ وعادت إليه حريته منذ ذلك التاريخ.
محاولة الاغتيال
تعرض الشيخ أحمد ياسين في 6 سبتمبر/ أيلول 2003م لمحاولة اغتيال صهيونية حين استهداف مروحيات صهيونية شقة في غزة كان يتواجد بها الشيخ رفقة إسماعيل هنية، وأصيب بجروح طفيفة على مستوى ذراعه الأيمن.
إرتقاء الشيخ المجاهد
صباح يوم الاثنين 22 مارس/ آذار 2004م أطلقت طائرات صهيونية صواريخ مباغتة على عربة الشيخ أحمد ياسين وهو عائد من صلاة الفجر، مما أدى لاستشهاده مع عدد من مرافقيه وبعض أهالي المنطقة.
رحل الشيخ القعيد وترك ما يخلد ذكراه بعدما حرك الأمة وجمع شملها على درب الجهاد المقدس لتحرير أرض فلسطين، وصدق من قال ” قد يموت الجسد وتحيا الروح، كما تحيا أجساد كثيرة لأرواح ميتة.
المصدر: موقع كتائب الشهيد عز الدين القسام بتصرف.