البطل الجزائري محمد العربي بن مهيدي مرعب الاستعمار الفرنسي

البطل الجزائري محمد العربي بن مهيدي مرعب الاستعمار الفرنسي

تقديم

محمد العربي بن مهيدي بطل من أبطال الثورة الجزائرية، صنع ملحمة جعلت منه رجلا منقطع النظير، بصموده وهيبته قهر غطرسة جنرالات فرنسا، واعترف “مارسيل بيجار” عن فشله في استنطاقه واستعماله شتى أساليب القمع وأنواع التعذيب والقهر النفسي، لكن محمد العربي لم ينحن ولم يظهر ألمه بل اكتفى بابتسامته التي مازالت حية في كل الصور التي التقطت له وهو يرفل في أغلال الاعتقال منتصرا ليزيد من عذاب المستعمر الفرنسي الغاشم، وبعدها بأيام تم تداول خبر انتحاره في وسائل الإعلام الفرنسية آنذاك، وهذه عادة الجبناء لتغطية جرائمهم بقتل المعتقلين.

قد تحاول فرنسا طمس الحقيقة وتسعى لتبرئة جنرالاتها والذين غدا أغلبهم مقبورا ليعاين ما قدم من غير زيف أو تضليل، لكن قناعات الشهداء ما زالت خالدة وأرواحهم الطاهرة حية ترزق فهم من قال فيهم الله تعالى :”مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا” (سورة الأحزاب/ الآية 23).

من هو البطل محمد العربي بن مهيدي؟

قد يموت الجسد وتحيا الروح كما تحيا أجساد كثيرة لأرواح ميتة، نعم مازالت روح البطل محمد العربي بن مهيدي حية، تعيش في قلوب الأحرار وتسكن أحياء الجزائر، وتبقى مواقفه مدرسة يتعلم منها الأجيال النضال الثوري.

إنه الرجل الصامد الذي صنع التاريخ وخلده التاريخ لأنه لم ينس يوما أنه يحارب في سبيل الله مغتصبا لأرضه معاديا لعقيدته أراد أن يغير مجريات الزمن.
تعود ذكرى الاستشهاد بلا زوال ويظن المحتل الهمجي أنه سيعقد صلحا مع الذاكرة باعترافه المحتشم عن ظلمه السافر لشعب مناضل ولد من رحمه الأبطال ومنهم محمد العربي فمن هو هذا الجزائري المقدام؟

ولد محمد العربي بن سي عبد الرحمان بن مسعود بن مهيدي عام 1923 بدوار الكواهي من قبيلة الزمول في إحدى قرى مدينة عين مليلة بالشرق الجزائري بولاية أم البواقي التي تبعد بحوالي 500 كم عن الجزائر العاصمة.
حفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة في كُتَّاب بمسقط رأسه، ثم انتقل إلى ولاية باتنة 425 كم جنوب شرق العاصمة للإلتحاق بالمدارس الأهلية.
ثم توجه إلى بسكرة 400 كم شمال شرق العاصمة الجزائرية، وفي عام 1941م انخرط في الكشافة الإسلامية وانضم إلى حزب الشعب الجزائري الذي أسسه القائد مصالي الحاج -يرحمه الله-.

وعام 1947م شارك في إنشاء “المنظمة الخاصة” للعمل المسلح السري، وعند هيكلتها كان هو ممثل المنظمة، ثم أصبح نائبًا على مستوى الشرق الجزائري، وعند اكتشاف المنظمة الخاصة في عام 1950م تم الحكم عليه غيابيا بــ 10 سنوات سجن، ليتوارى لبعض الوقت عن الأنظار، ثم يظهر مجددا ليلتحق بالثورة الجزائرية المباركة ويصبح أحد قادتها البارزين ومخططيها.

التخطيط للتفجيرات بالقفة

خلال حرب التحرير لم تكن موازين القوى متكافئة، فالاستعمار الفرنسي كان يملك ترسانة حربية كبيرة ومتطورة مقارنة بالثوار الذين لم يكن بديهم أية إمكانيات أو عتاد حربي، أو تدريب عسكري، لكن إيمانهم العميق وشجاعتهم ونخوتهم في الذود عن أرضهم وتحريرها جعل منهم أبطالا تفوقوا على جنرالات فرنسا الغزاة.

كانت البداية من مخطط التفجيرات الشهيرة التي استهدفت المقرات والمنشآت التي يرتادها الفرنسيون مثل المقاهي والملاهي، وبدأ الهجوم باستعمال القفة وهي سلة من الحلفاء يتم وضع قنبلة بداخلها، وتتكفل النساء أو الرجال بوضعها وسط مجمعات فرنسية لتنفجر حسب التوقيت المحدد.

كانت هذه المخططات ضربة موجعة باغتت المستعمر الفرنسي الذي ظن أنه تمكن من احتلال الجزائر وقمع أي مقاومة، وقد أطلق على هذه الطريقة اسم “قفف القنابل les couffins de bombes أي بمعنى سلال القنابل.

وصار الفرنسيون يخشون الخروج أو التجمعات خشية الموت، وتنسب فكرة هذه المخططات للبطل العربي بن مهيدي، حيث أنه عند اعتقاله وسجنه في 15 فبراير/ شباط 1957م، عاتبه الضباط على هذه الطريقة في قتلهم فرد عليهم بمقولته الشهيرة والخالدة :“أعطونا طائراتكم نعطيكم قففنا”، “Donnez-nous vos avions et nous vous donnerons nos couffins“.

استشهاد البطل العربي بن مهيدي

تعرض محمد العربي لأبشع أنواع التعذيب من أجل الحصول على معلومات منه لكنه لم يبح بكلمة واحدة، وحاولوا معه بكل السبل والإغراءات لكنه كان صامدا وواثقا علمهم معنى الشهامة والنضال وحب البطل حتى انحنى له جلاديه اعترافا ببطولته، وبعد سنوات من التكتم والكذب اعترف الجنرال السفاح بول أوساريس في مذكراته الصادرة عام 2001 أنه كان قد شارك في تعذيب الشهيد بن مهيدي -رحمة الله عليه- وقتله شخصيا خنقا بيديه الآثمتين.

في 4 مارس/ آذار 1957م أعلنت السلطات الفرنسية أن العربي بن مهيدي قد انتحر لأنهم أجبن من أن يعترفوا بجرائمهم البشعة، وهم يجهلون أن الجزائري مسلم العقيدة يستحيل أن ينتحر فهو ينتصر أو يستشهد، ورحم الله البطل المغوار محمد العربي بن مهيدي قاهر جنرالات فرنسا صاحب الابتسامة الدائمة، فلتهنأ روحه ولتبتسم في عليين بإذن الله.

399 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *