- هل تكفي القواعد التنظيمية لمحاصرة السلوكيات السلبية ومكافحة الفساد الإداري؟
احتلت النزاهة المهنية مكانة مركزية في المؤسسة الحديثة، فهي ضرورة أساسية للنهوض بالصالح العام ولضمان مشروعية الخدمة العمومية، فهي نقيضاً للفساد كما تؤكده اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
غير أنَّ تدعيم قيم النزاهة في محيط العمل يمثل تحدياً معقَّداً ينطوي على أكثر من مجرد إلزام الموظفين بالتقيُّد بالمعايير الأخلاقية الشخصية والمهنية، في ظل غياب ثقافة قوية ونظام ملائم لإدارة النزاهة على الصعيد المؤسسي.
تقع على عاتق الموظفين ثلاثة التزامات أساسية يرتكزون عليها في اتخاذ قراراتهم وهي: اتِّباع أحكام القانون، واستخدام الموارد العمومية على نحو فعال، والتصرف على نحو أخلاقي…
يشير مصطلح النزاهة المهنية إلى استخدام الصلاحيات والموارد الموكلة للعامل استخداماً فعالاً وأميناً لخدمة الأغراض العمومية، مع الامتثال إلى المعايير الأخلاقية كالشفافية والمساءلة والنجاعة والكفاءة، وهو ما يعني الانحياز للقيم الأخلاقية المشتركة كالاستقامة والحياد والعدل مع التمسك بالمصلحة العامة وتغليبها على المصالح الخاصة في القطاع العام.
تقع على عاتق الموظفين ثلاثة التزامات أساسية يرتكزون عليها في اتخاذ قراراتهم وهي: اتِّباع أحكام القانون، واستخدام الموارد العمومية على نحو فعال، والتصرف على نحو أخلاقي، لأن التقصير في هذه الواجبات يحمل معه مخاطر زعزعة ثقة الناس، ومن ثم إلحاق الضرر بنوعية النظام وفعاليته، وتدني روح المسؤولية وانحصار النزاهة المهنية في محيط العمل، مما يفتح الباب على مصراعيه لتنامي ظاهرة الفساد والانحراف في تقديم الخدمة العمومية الأساسية، وهذا ما تعاني منه المؤسسة الجزائرية..
حيث تنامت مثل هذه الظواهر وتشكلت في منظومات بيروقراطية و شبكات علائقية تعضد بعضها بعضا، وتفرض منطقها وفق آليات مضلِلة!!
لمعالجة مثل هذه الانحرافات و ضمان النزاهة الأخلاقية في المؤسسات العمومية يلزم اتباع نهج نُظُمي يجمع بين العناصر القائمة على الالتزام بالقواعد عن طريق إدارة النزاهة، والعناصر القائمة على ترسيخ القيم باستخدام المدونات الأخلاقية وتدابير أخرى لتعزيز الأخلاق داخل المؤسسات.
فيجب على المؤسسات أن تعتمد إجراءات للإبلاغ عن حالات الإخلال بالنزاهة، كما ينبغي لها أن تنشئ نظماً تأديبية وآليات رقابية مثل المساءلة والمراجعة الداخلية للحسابات وإجراء تحقيقات داخلية، مع تشجيع الموظفين والمؤسسات على التعلُّم من أخطائهم بدلاً من الاعتماد على اللوم والعقاب.
إنَّ القواعد واللوائح التنظيمية لا تكفي وحدها لضمان النزاهة، ويجب على المؤسسات أن تتكفل بألاَّ تكون نظمها الخاصة بإدارة النزاهة موجودة على الورق فحسب، بل يجب ترجمتها إلى ممارسات يومية، تتعلق بكفاءات الموظفين ومهاراتهم وانضباطهم، بأن تكون قيم الموظفين الشخصية والمهنية متوافقة مع أهداف المؤسسة وممارساتها، وبهذا المعنى يمكن لنظام إدارة النزاهة المواءمة بين هذه المكوِّنات من خلال التدريب وتثبيت مدونات قواعد السلوك الأخلاقية.
من إعداد الأستاذ الأمين بلخير: دكتور في علم الإجتماع ونقابي/ القراءة من المصدر: موقع زاد دي زاد.