تقديم
آفة بشرية لا يمكن تجاوزها وتخطيها، لا يستطيع الإنسان أن يمنع شرور النفس البشرية ويكبتها فمهما كانتالقوة البدنية أو العقلية أو الدينية لا يمكن أن تمنع الناس من حسد بعضهم البعض فهي آفة من آفات النفس، تنتج من الغيرة وحب التميز وحب الدنيا وكل شهوات الدنيا فالإنسان كما يشتهي لذة من ملذات الدنيا فهو أيضا يحب التميز فيها وهي غريزة بشرية قال تعالي ” زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرب ” وقال تعالي ” إنما الحياة الدنيا لعب ولهو زينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد ” فالتفاخر والتباهي سمة من سمات النفس البشرية .ومن هنا ينشأ الحقد والحسد الغيرة من الأخر لأنه حصل علي امر ما ربما كان عندك أضعاف أضعافه ولكنك لا تتمني له الخير او لا تتمني له أن يصبح أكثر منك أو لا تتمني له أن ينل أي قدر مهما كان منه .
النبي صلي الله عليه وسلم ” العين حق، ولو أن شيئًا سبق القضاء لسبقته العين “
في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامَّة. فلما نزلت المعوذتين أخذ بهما وترك ما سواهما من التعويذات، ففي سنن الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي سعيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما.
ويقول الله تعالي في سورة الفلق قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ” فالحسد وارد في السنة ووارد في القرآن أيضاً .
هل يمكن للإنسان أن يبتعد عن الحسد أو يتحاشاه ؟
نعم فالحسد عدم رضا بقضاء الله تعالي لأن الحاسد الذي يري النعمة علي أخيه فيحسده عليها ليس راضيا بأمر ربه وتوزيعه الأرزاق والنعم علي عباده , وليس من طبع الإنسان الحكيم والكريم , إن كنت تتمني زوال نعمته أفلا تظن أنه سيتمني زوال نعمتك أو أن هناك أحدٌ آخر يتمني زوال نعمتك .فكما تدين تدان , وكما لا ترضي لأحدٍ أن يحسدك فلماذا تحسد الآخرين .
إن الكرم والمروءة يستدعيان أن تجدَّ وتجتهد لتكون الأفضل أو علي الأقل لا تتمني الشر لأخيك لأنه لم يأخذ منك شيئا أو لم تخسر شيئا لأنه حقق ما أراد أو أعطاه الله نعماً كثيرة , إلي جانب أن من تحسده ربما كان محروما من نعم كثيرة جدا ربما عندك منها ما يفيض عنك فهلا كنت منصفاً ورحمت حبه لهذا الشيء مع حرمانه من الكثير .
الحاسدُ ليس منصفاً علي هذا النحو , وقد رأينا الغني يحسد الفقير علي قوته واجتهاده في عمله ومهارته مثلا وقوة تحمل وصحته , وربما كان الغني أصح كثيرا من الفقير ولكن الفقير عنده إرادة وقوة تحمل فيبدو أمام الغني دؤوبا مجتهدا وكل ذلك من أجل أن يحصل علي لقيمات تسدُّ أوده , وأن كل ما يجمعه الفقير في سنة كاملة بعد العناء والشقاء ربما ينفقه الغني في يومٍ ترفيهي مع أولاده هل رحم الغني الفقير ؟
هل راعي هذه الجوانب ؟ هل اتَّقي الله ؟ هل كان يملك ذرةً من الإنسانية والعقل والحكمة فرحمَ ضعفَ غيره وحاجته .
ما هي الأشياء التي يحسد فيها الإنسان الآخر ؟
ليست هناك أبعاد للحسد وليست هناك حدود .فكل إنسان يختلف عن الآخر في نظرته للحياة وحبه للمجد والرقي وعلي قدر عزيمة الإنسان وقوته وتفوقه نجده يغار من الآخر ولننظر إلي حال عمرو ابن هشام وهو أبو جهل مع النبي صلي الله عليه وسلم فكما ورد في الروايات أنه أظهر حسده وحده علي النبي صلي الله عليه وسلم هو يعلم أنه رسول الله وأنه صادق ولكن يستكثر علي آل عبد مناف وهم اهل النبي صلي الله عليه وسلم ان يخرج منهم نبي فيهذا تكون لهم العزة وأي عزة نجاح وتميز اعظم من عزة النبُوَّةِ .
اليهود يعلمون علم اليقين أن محمداً مرسلٌ من ربه وأنه خاتم الانبياء , ولكن كيف يكون النبي من غير سحنتهم , و كيف يخرج من غيرهم و وهم في الحقيقة سفهاء حقاً فإن كنت متأكدا في قرارة نفسك أنَّه نبِيٌّ , وأن الله أرسله فلماذا تحاربه إنك بهذا تحارب من أرسله وتتحداه وبالتالي سيكون جزاؤك عسيرٌ عند ربك .
وهذا أقسي وأقذر أنواع الحسد فأنت تعلم أنك ستنال عذابا أليما ومع ذلك ترضي به وتتحدي نفسك وترضي بجحيمها في الآخرة وربما الموت في الدنيا والمذلة علي أن تؤمن بهذا النبي مع أنك لا تكرهه شخصيا ولا تحسده لنفسه وإنما لأنه ليس منك .
قال تعالي ” أمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا” .
وقال تعالي : ” الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ” يعلم أنه نبي الله ويعلم أن الله سيرسله برسالته . و يغض الطرف عن كون الله ناصرٌ له , وإن كان أرسله بكل هذه المواصفات وأعلمه بها أفلا يكون حاميا له وحافظا وناصرا في النهاية .هذا هو الحسد بعينه وهي سفاهة الحاسد وحماقته وتدميره لنفسه بدون مقابل ولكن المقابل هو ان يكون عبداً لشهوة الحسد التي سوف تهوي به إلي أسفل السافلين .وهو يعلم ولكنه يكابر .
قس علي ذلك كل البشر فهناك من يحسد نجاحك لأنك لست من قريته , أي لأن هذا النجاح المدوي ليس لواحدٍ من أبناء بلدته مع أنك من محافظته مثلا , وابن قريتك عنده الموت أهون من نجاحك لأنك من عائلةٍ غير عائلته أو لست من اقاربه أو لأنك ستحقق ما لم يحققه اعظم فردٍ في عائلته مع أنك بعيد كل البعد عنه وعن خياله ,
وهناك من يحسدك ويتمني لك الشر من عائلتك مع أنك ترفع شانه أمام الناس لأنك لست من أقاربه القريبين يعني عمه خاله أخوه أبوه فقط فهو يتمني ان يكون هؤلاء هم السادة في العائلة وهناك أيضا من بين هؤلاء من يحسدك لأنك لست هو أو ابنه فما عدي ذلك من الأقربين لا ينبغي أن يكون افضل منه ومن أولاده أما البعيدين فهو مشغول عنهم لا يهموه , وربما سكنوا بعيدا عنه فلم ينشغل أكثر .
هذا هو الحسد اليهود ي الذي يعيش علي الحقد وتمني عدم وصولك إلي المجد فقط اما عن كنت لست من الناجحين أو لم تنل شرفاً ستكون حبيبه وربما نلت من الحب ما لم تتوقعه .
حتي الإخوة ربما ترك الإنسان كل أقاربه ولم يحسد غير أخيه لأنه فقط يتمني ان يكون اعظم شانا منه فإن أنحدر حال اخيه اصبح محباً له ومشفقا عليه .
وإن كان هذا الحسد اليهودي نادرا بين الإخوة
ولنذكر قصة يوسف عليه السلام قال تعالي ” إذ قالوا ليوسف وأخوه احب إلي أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلالٍ مبين , اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخلو لكم وجه أبيكم وتكون من بعده قوما صالحين ” . ربما تآمر كل الإخوة علي أخٍ واحد لمجرد صفة جميلة فيه جعلت أباه يحبه مع أنه لم يحرمهم من حقوقهم ولم يظلمهم لأنه احب هذا الابن مع أنهم أيضا كان يجب أن يحبوه بنفس حب ابيهم له وربما اكثر لأن هذه الصفة ستسعدهم وسيتباهون بها أمام الناس فهو أخاهم ولكنهم استسلموا لحقدهم وغيرتهم
ولنتذكر ان إخوة يوسف عليه السلام من بني إسرائيل .الذين حملوا الحقد اليهودي
وإنما هي التركيبة النفسية لكل فئة من الناس .وكل طائفة وكل قبيلة علي حسب عاداتها ومعاني الرجولة والشهامة والكرم فيها …
فالأبطال والرجال والفرسان لا يحسدون بل يترفعون بأنفسهم أن يقعوا في هذا المستنقع لأنهم لا يحبون أن يقال عنهم تلوا فلانا غيرة وحسدا ربما قتلوا غضبا ودفاعا عن شرف وكرامة وكل الأفذاذ والعباقرة لا يبحثون عن غيرهم ولكن يسعون غلي تحقيق نجاحاتهم وهم في النهاية محسودين ومحقودٌ عليهم وكفاهم شرفاً انهم يترفعون عن ذلك .
ولكن قليل ما هم فليس كل الناجحين فرساناً .
الحسد الشخصي:
تكلمنا عن الحسد اليهودي ولكن ليس هو كل أنواع الحسد فهناك حسد التنافس تتنافس مع إنسان فتحسده ان يحقق نجاحا مثلك أو تكون أنت الأفضل منه حتي ول كان نجاحُك غير كبير فالمهم أن تكون أفضل منه , هذا لا يعني النجاح العلمي بل كل شيء في الحياة الجارة من جارتها ومن أولادها ومن أخواتها الناجحين وبالتالي نجده في كل فنون الحياة وفي كل مكان ولكن لا يأتي إلا من إنسان يرافقك في كثيرٍ من الأمور وربما كان صديقك القريب منك جدا فيعرف كل شيء عنك , وربما لا يحسدك نهائيا إلا في فترات معينة هي الفترات التي ستحقق في هذا الشيء الذي سيميزك أو لا يتمناه بينما في كل أمورك ربما كان حبيبا وصديقاً .
حسد الحرمان
المحرومون من النعم أو الحب في حياتهم يشعرون بغصَّةٍ كبيرة يمكن أن يحولوها إلي عمل أو عطاءٍ أو يقدموا الخير للآخرين حتي لا يمروا بنفس ما مروا به من فقدان أو جوعً نفسي أو عاطفي , ربما عوضوه في اولادهم أو اهليهم او اصدقائهم ولكن الحقد والحسد يجعلهم يكونون علي العكس فيمتنون زوال هذه النعم من غيرهم بل ربما فتشوا عنها حتي يحسدوهم عليها .
حسد العداء ضد المجتمع
بعض الأشخاص يحسدون فقط من يمتاز بالنجاح في مجال معين مثلا أو لأنه موظف في وظيفة مرموقةٍ فقط أو لمميزات اخري أو لمجرد انه موظف مع انه ربما كان موظفا ونال من حقوقه الوظيفية ما لم يحصل عليه غيره ربما بأساليب مشروعه أو غير مشروعه ومع ذلك يحسد الموظف البسيط لأنه استطاع ان يحصل علي وظيفة تحفظه من التسول .
ربما كان هذا الحسد ناتج من أفكار اجتماعية أو جماعات إرهابية باعتقاد أن هؤلاء الأفراد قد نالوا حقوقاً غير اهلٍ لها , وبالتالي تنتقم منهم وتحسدهم علي هذه الحقوق
وبالتالي أحيانا ما يكون الدافع لكثير من الجماعات الإرهابية هو الحسد ثم الحقد علي المجتمع أو علي فئات معينة لا تنتمي لفئتك كل واحد حسب اتجاهه وعقله ربما دخل معها جانب حسد الحرمان فتعمقت الفكرة داخله وهو لا يشعر انه إرهاني ولكنه أسير لنوازع الشر الكامنة لديه
حسد المرضي النفسي
هناك أفراد يعانون من عدوانية مطلقة وصراعات نفسية وطمع داخلي وحب الظهور وربما امراض نفسية داخلية فيحسدون أي إنسان يشعر بالتوازن أو يحسدون أي فرد امامهم لا يهمهم دينه أو لغته أو اتجاهه المهم أنه نجح أو عنده سيارة جميلة مثلا أو يلبس ملابساً جميلة مثلة او عينه جميله او ……
ممارسة الحسد
الحسد كما قلنا درجات فهو يكمن داخل الفرد ولكن كيف يمارسه ؟
لا بد أن يقترب الشخص منك ويتعامل معك وتلتقي الأشعة البشرية حتي يستطيع إرسال شعاعه الحاقد فيصل إلي المكان الذي يريده فيحدث خللا فيه
أو لا بد أن ينظر الحاسد إلي المحسود من بعيد , وهو علي حالةٍ معينة سواء الحاسد أو المحسود يحب ان يري المحسود وهو سعيد أو يضحك حتي تلتقي الأشعة ويتمكن منه أو يكون الحاسد غاضباً أو مهزوما أو مكروبا أو مريضا فيلتقي بالمحسود فيحدثه أو يراه فقط فيرسل شعاع حسده فيصيبه
هل شعاع الحسد قاتل ؟
بالطبع لا ولكن علي حسب الحاسد وتمكنه وقوة حسدة وقوة وصوله إلي المحسود , فالحاسد يصيب مناطق معينة من المخ أو المشاعر أو التفكير فيجعل المحسود يكره شيئا معينا هذا الشيء يكون هو محور حياته وسبب نجاحه فتجعله مثلا يترك الامتحانات ولا يستطيع دخول اللجنة مع أنه كان قبلها شغوفا محباً , متفوقا في دراسته ربما اصابته عدة أشعة وليس شعاع واحد من هذا ومن هذا فتراكمت عليه فخسر كل شيء .
ربما كان الحاسد نفسه يعطي حسدا متنوعا حسب المواقف والمقابلات وينتظر الفرصة من فترة لأخري حتي يصيبه وحتي يتمكن منه .
وعلي حسب الشيء الذي يحسده عليه فكما قلنا هناك من يحسد فقط علي اشياء وأشياء أخري لا وحسب حال الحاسد وحرمانه ونوع ما يحسد عليه .
ربما استطاع الحاسد أن يصل إلي أعماق المحسود فسبب له ازمة صحية كانت سببا في هلاكه لأن المحسود لن يتحمل هذا المرض في هذه الظروف الصحية .وهكذا لا نهاية لما يمكن أن يصيب به الحاسد المحسود .
كيفية الوقاية من الحسد
لا يمكن لإنسان مهما كان أن يمنع الحاسد عن حسده فهو داء متمكن من قلبه ولكن يمكن أن يمنع الحسد أو يقلل كثيرا منه بالآني
1– استعينوا علي قضاء حوائجكم بالكتمان فطالما أن الحاسد لا يعرف ان تفعل شيئا فلن يضرك في هذا الشيء ربما يتحسس بعض الحاسدين أو يتجسسوا ليعرفوا الأخبار والنوايا لكي يحسدوا فلا تعطي لهم ما يتمنون ولو كنت مضطرا فأخبرهم بما لا يفيد
ربما وصل الأمر إلي الطعام والشراب لا تدخل الحاسدين دارك فيتحسسوا منك أمور يحسبون أن يعرفونها وان اضطررت فكن حذرا ولا تخبرهم إلا بما يظهر وحده .فهناك من يستطيعون حسدك من معرفة طعامك وشرابك وعاداتك فيمتلكون خيالا خصبا يحدد مواطن الحسد لديك . فلا تخبرهم بحقائقك الداخلية .
2- عدم التكبُّر والتعالي والغرور أمام الناس : كل ذلك يصنع مادة خصبة لاستفزاز الحاسد واستنفار همه لكي تثور نفسه وتغلي فيتحين الفرصة لإصابتك
فالتواضع يميت مواهب الحساد ويجعلهم يموت غيظا وكمدا لأنهم لا يجدون ما يبحثون عنه فيك فتكون غامضاً لهم .وغن كنت تجعلهم هادئين ..
3- الصدقة وإعطاء الحاسد هدية او طعاما أو أي شيء جميل أو تقديم معونة بشرط أن لا يشعر بها إلا وقتها حتي لا يحسدك فلا تستطيع توصيلها لأن هذه الأشياء تميت وتقتل دوافع الغل داخله ولو نسبيا فيصعب عليه أن يستفز مشاعره ضدك
بالتأكيد لن تموت الاحقاد والحسد في داخله لكن أنت تهدئ وتطفي نار هذه الاحقاد والحسد وتخمدها حتي لا تشتعلَ أنت بها وهذا ما تقدر عليه .
4- مساعدة الآخرين علي النجاح والتميز :
ربما هذه تكون قاصمةً لظهر الحاسد فكلما وجدك تصنع ذكري طيبة في النفوس كلما ضاق ذرعا لأنك تشت حسده وتفكيره فيصعب عليه ملاحقتك . وكلما زادوا كلما ازداد يأسا وحزنا ولكن هذا لمن يحسدك لشخصك أما الحاسد لأسباب اخري فلا يعنيه ذلك , فإن كان هذا الشخص من طائفتك ازداد كبتا وكمدا , كمن يحسدك أنت وعائلتك فساهمت في نجاح أحد عائلتك فأنت تقتل الحاسد .
علامات الحاسد
الحاسد لا يخصك أبدا بكلمة شكر إلا رغما عنه أو امام الناس مثلا أو مضطرا حتي وإن نطق بها ستدركها من خلال كلامه , فالحاسد دائما مهما قدمت له من معروف لن يقول كلمةً طيبة في حقك ربما لو كنت تسعي في معروف له وهو يعلم بخطواته سيحسدك بعينه أو بلسانه ويمتع هذا الأمر مع منفعته لأنه يأبي أن تنجح وتحقق نجاحا وهو ينظر لك , فما بالك إن كان لغيره .
الوقاية من الحسد
الحسد سهم شعاعي يصيب مناطق بعينها في مخ الإنسان أو في أعصابه لأنه يخرج من المخ كما ان هناك من الحاسدين من يمتلك قدرات أكبر فيصيب الاشياء وربما الأعضاء وهناك من الحسد ما يقع لفوره وهناك ما يصيب المنطقة في المخ فيصنع خللا ولا يظهر الخلل إلا بعد فترة حين يحتاج لإظهار هذا الأمر الذي حسده ,و في كل الأحوال يمكن للإنسان أن ينقذ نفسه بل أن يتفاقم الأمرُ ويصبح الخلل أمراً طبيعيا في جسمه أو ربما يكون له مضاعفاتٌ كثيرة .
قراءة القرآن علي وجه العموم من الأمور التي تعيد ضبط وتوزيع الشحنات في الجسم وبالتالي تطفئ من هذه النار أو علي الأقل تتقلل من أضرارها .
قراءة المعوذتين كما ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم فقراءتها تغنيك عن ما سواهما .
قراءة آية الكرسي ثم الفاتحة فهي تقيك من السحر والعين في يومها , فما المانع أن يقرأهما الإنسان يومياً أو علي الأقل حين يشعر بشيء من ذلك .
الاستحمام بالماء والملح الخشن فللملح الخشن دور كبير في إزالة الطافة السلبية التي تصيب الإنسان لما له من إشعاعاتٍ كبيرة .
الممارسة الجنسية المنتظمة مع زوجته تساعدُ كثيراً علي إعادة تنظيم شحنات الجسم وتريبها بنظام مما يساعد علي مقاومة التغيرات الناتجة من الحسد وغيره وإن كانت لا تجزم بالشفاء منها ولكن تساعد علي مقاومتها , اللهم إن كانت هي نفسها قد أصيبت بعينٍ حاسدة .
الدعاء والاستغفار فإن دوام ذكر الله يجعل شحناتك النورانية تظهر وكون السبب في ذهاب الطاقات السلبية التي جاءت عن طريق العين .أما الدعاء فله ما له في كل شيء .
إخبار الحاسد بما أصابك وجعله يشمت ويرتاح نفسيا يساعد كثيرا في انطفاء جذوة النار التي في داخله فيهدأ فيتشتت شعاعه وربما ساعد ذلك علي العلاج أو إنقاذ نفسك فبل أن يتفاقم الامر لأن الشعاع الذي أرسله الحاسد يظل متواصلا احيانا حسب قدرته طالما كان حياً وطالما أصابك فقد تمكن من مكانه , فلا يذهب إلا بموته أو بتشتيت المكان باستخدام الرقية وغيرها وأحيانا يكون اكثر تأثيرا وبالتالي لا بد ان يجعل الحاسد يشمت سواء أعلمته أنت او غيرك المهم أن ينطفيء شعاع النار من جوفه ولا يرسله إليه أو علي الأقل يضعف فتستطيع أنت مقاومته .
كل ذلك يرجع غلي قوة الحاسد وشره وتمكنه من حسده , أيضا إلي قوتك وقدرتك علي التعامل معه وكيفية المقاومة ثم هو في النهاية قدر الله قدره لك , فلا مرهب منه أحيانا .
هل الحاسد يعاقب على حسده ؟
الحاسد يدرك تماما أنه يصيب غيره بعينه وفي إمكانه ان يمنع ذلك , يقول البعض لا استطيع , لأنه تعود وتمرس علي ذلك وأصبح أسيرا لشهوة الحقد الكامنة لديه فلم يعد يستطيع المقاومة ,
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ، فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ.
قال تعالى ” وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ” الأحزاب:58
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: لا تَحاسدُوا، وَلا تناجشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابرُوا، وَلا يبِعْ بعْضُكُمْ عَلَى بيْعِ بعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّه إِخْوانًا، المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم: لا يَظلِمُه، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا ويُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مرَّاتٍ بِحسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِر أَخاهُ المُسْلِمَ، كُلّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حرامٌ: دمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ رواه مسلم.
وعن أَنسٍ رضي الله عنه ، عن النَّبيِّ صلي الله عليه وسلم قَالَ: لا يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ متفقٌ عليه, وكيف يحسد المؤمن اخاه وهو يحب له الخير فهذا مستحيل .
الحاسد مجرم يرتكب اثما ويحمل ظلما بما يجرُّ علي إخوانه من عذاب او آلام أو سقم
وهو مجرم خفي , وسيحاسبه الله علي ما ارتكبه فالله يعلم بالسرائر قبل الظواهر ,
وعليه إن أراد التطهر أن يعزم علي ذلك ويرجع إلي مولاه
قال تعالي ” ونفسٍ وما سواها فالهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دسَّاها ،وقد خابَ من دسَّاها” أي جَعلها أسيرةً للهوي حتي يتمكَّنَ منْها