السلطان سليمان القانوني المسلسل الحقيقي

السلطان سليمان القانوني المسلسل الحقيقي

     العظماء المائة7: سليمان القانوني “المسلسل الحقيقي”..جهاد الترباني .. قمة الروعة

سليمان القانوني صاحب العهد الذهبي للعثمانيين

ثمانية وأربعون عامًا قضاها السلطان سليمان القانوني على قمة السلطة في دولة الخلافة العثمانية، بلغت في أثنائها قمة درجات القوة والسلطان؛ حيث اتسعت أرجاؤها على نحو لم تشهده من قبل، وبسطت سلطانها على كثير من دول العالم في قاراته الثلاث، وامتدت هيبتها فشملت العالم كله، وصارت سيدة العالم يخطب ودها الدول والممالك، وارتقت فيها النظم والقوانين التي تسيّر الحياة في دقة ونظام، دون أن تخالف الشريعة الإسلامية التي حرص آل عثمان على احترامها والالتزام بها في كل أرجاء دولتهم، وارتقت فيها الفنون والآداب، وازدهرت العمارة والبناء.

تولى السلطان سليمان القانوني بعد موت والده السلطان خير الدين برباروسا“، وكان يقود أسطولاً قويًا يهاجم به سواحل إسبانيا والسفن الصليبية في البحر المتوسط، وبعد انضمامه إلى الدولة منحه السلطان لقب “قبودان”.

وقد قام خير الدين -بفضل المساعدات التي كان يتلقاها من السلطان سليمان القانوني- بضرب السواحل الإسبانية، وإنقاذ آلاف من المسلمين في إسبانيا، فقام في سنة (935 هـ= 1529م) بسبع رحلات إلى السواحل الإسبانية لنقل سبعين ألف مسلم من قبضة الحكومة الإسبانية.

وقد وكل السلطان إلى خير الدين قيادة الحملات البحرية في غرب البحر المتوسط، وحاولت إسبانيا أن تقضي على أسطوله، لكنها تخفق في كل مرة وتتكبد خسائر فادحة، ولعل أقسى هزائمها كانت معركة بروزة سنة (945 هـ= 1538م).

وقد انضم أسطول خير الدين إلى الأسطول الفرنسي في حربه مع الهابسيورج، وساعد الفرنسيين في استعادة مدينة نيس (950 هـ= 1543م).

واتسع نطاق عمل الأسطول العثماني فشمل البحر الأحمر، حيث استولى العثمانيون على سواكن ومصوع، وأخرج البرتغاليين من مياه البحر الأحمر، واستولى العثمانيون على سواحل الحبشة؛ مما أدى إلى انتعاش حركة التجارة بين آسيا والغرب عن طريق البلاد الإسلامية.

النواحي الحضارية

كان السلطان سليمان القانوني شاعرًا له ذوق فني رفيع، وخطاطًا يجيد الكتابة، وملمًا بعدد من اللغات الشرقية من بينها العربية، وكان له بصر بالأحجار الكريمة، مغرمًا بالبناء والتشييد، فظهر أثر ذلك في دولته، فأنفق في سخاء على المنشآت الكبرى فشيد المعاقل والحصون في رودس وبلجراد وبودا، وأنشأ المساجد والصهاريج والقناطر في شتى أنحاء الدولة، وبخاصة في مكة وبغداد ودمشق، غير ما أنشأه في عاصمته من روائع العمارة.

وظهر في عصره أشهر المهندسين المعماريين في التاريخ الإسلامي وهو سنان باشا، الذي اشترك في الحملات العثمانية، واطلع على كثير من الطرز المعمارية حتى استقام له أسلوب خاص، ويعد جامع السليمانية الذي بناه للسلطان سليمان في سنة (964هـ= 1557م) من أشهر الأعمال المعمارية في التاريخ الإسلامي.

وفي عهده وصل فن المنمنمات العثمانية إلى أوجه. وقد قدّم “عارفي” وثائق الحوادث السياسية والاجتماعية التي جرت في عصر سليمان القانوني في منمنمات زاهية، ولمع في هذا العصر عدد من الخطاطين العظام يأتي في مقدمتهم: حسن أفندي جلبي القره حصاري الذي كتب خطوط جامع السليمانية، وأستاذه أحمد بن قره حصاري، وله مصحف بخطه، يعد من روائع الخط العربي والفن الرفيع، وهو محفوظ بمتحف “طوبي قابي”.

وظهر في عهد السلطان سليمان عدد من العلماء، في مقدمتهم: أبو السعود أفندي صاحب التفسير المعروف باسم “إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم”.

غير أن الذي اشتهر به واقترن باسمه هو وضعه للقوانين التي تنظم الحياة في دولته الكبيرة.. هذه القوانين وضعها مع شيخ الإسلام أبو السعود أفندي، وراعى فيها الظروف الخاصة لأقطار دولته، وحرص على أن تتفق مع الشريعة الإسلامية والقواعد العرفية، وقد ظلت هذه القوانين التي عرفت باسم “قانون نامه سلطان سليمان” أي دستور السلطان سليمان تطبق حتى مطلع القرن الثالث عشر الهجري- التاسع عشر الميلادي.

ولم يطلق الشعب على السلطان سليمان لقب القانوني لوضعه القوانين، وإنما لتطبيقه هذه القوانين بعدالة، ولهذا يعد العثمانيون الألقاب التي أطلقها الأوروبيون على سليمان في عصره مثل: الكبير، والعظيم قليلة الأهمية والأثر إذا ما قورنت بلقب “القانوني” الذي يمثّل العدالة.

ولم يكن عهد القانوني العهد الذي بلغت فيه الدولة أقصى حدود لها من الاتساع، وإنما هو العهد الذي تمت فيه إدارة أعظم دولة بأرقى نظام إداري.

وتوفي السلطان وهو يحاصر مدينة سيكتوار البحرية في (20 من صفر 974 هـ= 5 من سبتمبر 1566م).

465 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *