القراءة وفق المقاربة التجزيئية للنص القرائي ضمانا للفعل القرائي

القراءة وفق المقاربة التجزيئية للنص القرائي ضمانا للفعل القرائي

هذه سلسلة من مقالات تربوية تنشر حصريا بالتعاون مع موقع معين المعرفة والباحث و المؤطر التربوي محمد فصيح، جميع الحقوق محفوظة (يحظر نسخ القصص ونشرها على مواقع أخرى أو طباعتها إلا بنشر رابط الموضوع الأصلي).محمد فصيح، باحث ومؤطر تربوي،مقال 23 نونبر 2020

كثيرا ما يطالب المدرس المتعلمين بالقراءة المنزلية لنص معين وهو يعلم أن بعضهم أو معظمهم لن يقرأوا، بل وأن كلهم لن يتجاوزوا قراءة واحدة للنص، كما يطالبهم كذلك بالإنجاز الكتابي لبعض الأسئلة مثل الفهم والتفكير والتلخيص والاستثمار وهو متأكد بأن المتعلم سيستعين بالآخرين في هذا الإنجاز الذي قد يعتبره المتعلم -الطفل- كجبل للتسلق بينما يراه المدرس كروتين يومي بسيط -هذه النظرة التبسيطية للأنشطة منبع العنف من الطرفين- 

    وانطلاقا مما سبق، يلزم التفكير في سبل أخرى لضمان هذا الفعل القرائي -جميع الأنشطة المتعلقة كالتهجي والمعجم والفهم والتفكير والاستثمار- وذلكـ بقبول النزول من البرج العالي -قراءة النص وإنجاز أسئلة بمفرده- إلى الطابق الأرضي والذي يسكنه الطفل ليستطيع القيام بما يريده المدرس -الراشد- ويشد بيده لصعود الطوابق معا، وحاول أيها المدرس تجاوز الإطلال عليه في الشرفة وطلب الصعود منه وتأكد أنه لن يصعد.

     ولتجاوز هذا الإعراض القرائي، يمكن لحجم النص أن يكون عائقا أمام المتعلم للقيام بالفعل القرائي، ولذلك يمكن أن نفكر في المقاربة التجزييئية للنص، بمعنى أن المدرس في البداية يقسم النص كاملا إلى أجزاء حسب عدد المتعلمين.

   1- تقسيم النص قبليا وإعداده على أشرطة :

من الجمود النصي على الوثيقة (كتاب مدرسي – ورقة مستنسخة …) إلى الدينامية النصية على أشرطة متحركة، يحضر المدرس هذه الأشرطة (بواسطة الحاسوب مثلا) التي تحتوي على الأجزاء النصية، قبل الحصة المخصصة للقراءة، يوزع بشكل عشوائي هذه الأجزاء ويطالبهم بقراءة الجزء ولضمان القراءة يطالبهم مثلا بالبحث عن موقع الجزء في النص أو تكليف صاحب الجزء الذي يتوفر على الكلمة أو الصوت أو مرادف أو ضد …. بالقيام بشيء معين (المتعلم الذي يتوفر على ضد كلمة معينة سيبقى واقفا عند الدخول للقسم مثلا)، وهنا يضمن المدرس قراءة الجزء، ويمكن أن يضمن أن البعض بحثوا كذلك في المعجم وكذلك في الفهم دون نسيان البحث داخل النص الكلي وهنا ضمان نوع من التهجي النصي لإيجاد الجزء المكلف به.

القراءة وفق المقاربة التجزيئية للنص القرائي ضمانا للفعل القرائي 1
القراءة وفق المقاربة التجزيئية للنص القرائي ضمانا للفعل القرائي 3

   2- أثناء الحصص القرائية :

توفر الأشرطة المتحركة مجموعة كبيرة من الألعاب القرائية والأنشطة الترفيهية لممارسة القراءة، هذه الممارسة يكون المتعلم متحركا ونشيطا وباحثا، يكتسب القدرات القرائية بالمتعة، ونذكر من الأنشطة :

    * ترتيب النص : يمكن أن تكون الحصة الأولى خاصة بترتيب فقرة من النص، يطالب المدرس المتعلمين بالقيام للسبورة واحدا واحدا حسب الترتيب في النص (مهارة الترتيب)، يمكن كذلك أن يترك المتعلمين -حسب الفضاء- ترتيب دون التدخل، أثناء إنجاز هذا الترتيب النصي للأجزاء تمارس القراءة -كل طفل يقرأ شريط، حذف شريط من الفقرة ومحاولة تذكره، تغيير في ترتيب الأشرطة ومحاولة إعادة ترتيبه …-

    * إلصاق الأشرطة أو حملها من طرف المتعلم : لدى المدرس إمكانية إلصاق الأشرطة على السبورة أو حملها من طرف المتعلمين، وهذه الحركية للأشرطة -الأجزاء النصية- تضفي نوعا من الدينامية للنص.

    * المعجم والفهم والاستثمار : يتوفر الطفل على شريطه أثناء الحصة -في نهاية كل حصة يستطيع المدرس تغيير الشريط وذلك لضمان قراءة جديدة- يشتغل المتعلم بلعبة صاحب الشريط وذلك لدراسة المعجم والفهم والاستثمار :

      – ما هو صاحب الشريط الذي يتوفر على : مرادف كلمة معينة – ضد كلمة معينة – أسلوب معينة – جواب سؤال معين ….

   يمكن كذلك في كل مرة أن يطالب :

      – قيام صاحب شريط معين أو متعلم معين : التحدث عن شريطه وعن شريطه السابق – البحث عن صاحب الشريط الذي يأتي بعد والذي يأتي قبل – الجواب على أسئلة المتعلمين انطلاقا من محتويات الشريط(عدد الكلمات – المعجم – الفهم – الاستثمار).

      – قيام أكثر من متعلمين : يحاولا إيجاد موقعهم الصحيح (بداية النص – وسط النص – نهاية النص / الفقرات).

   * الطلاقة القرائية :

    – البطاقات الخاطفة والشريط المناسب : يقوم المدرس بإظهار بطاقة خاطفة -أو شريط أعده مسبقا- ويخفيها ثم يقوم صاحب الشريط التي يتوفر على الكلمة، وهذا النشاط تدريب على الطلاقة القرائية.

    – القراءة الترتيبية : يقرأ كل واحد شريطه بالترتيب، يسجل المدرس عن طريق هاتفه هذه القراءة التجميعية ويسمعها للمتعلمين ويطالبهم بتحسين القراءة الجماعية (الأداء مثلا).

   3- بعد الحصص القرائية :

سيبقى النص القرائي المجزأ مع المتعلمين وذلك بوضع الأجزاء -الأشرطة- في مكان معين وبين الفينة والأخرى يستطيع المدرس العودة إليها بتوزيعها بشكل عشوائي والقيام بالترتيب أو أخذ شريط معين وربطه بالنص المناسب أو أخذ شريط معين ومطالبة متعلم معين بإيجاد الجزء الذي يليه وهنا يمكن أن أصنف هذا النشاط الأخير كعقوبة تربوية يستطيع المدرس اللجوء إليها لمعاقبة متعلم معين وذلك بمطالبة بالبحث عن جزء مهين انطلاقا من أجزاء كثيرة –هنا أضمن قراءة المتعلم المعاقب التهجي في أبسط مظاهره- والذي قد لا يأتي بالسلوك المشين مستقبلا لأن مثل هذه العقوبات ينفر منها المتعلمون وميلون لقبول الضرب أو الوقوف خارج القسم أو وراءه- وكما يمكن للمدرس أن يعود لهذه الأشرطة في حصص الدعم بشكل يضمن له التفاعل والمشاركة أكثر من نص جامد، هذه المقاربة التجزييئية للنص هي مقاربة شاركتها في فيديو سابق على صفحتي على الفيس بوك ولم تكن لدي دراسات عليها فهي من وحي نقاشات مع أساتذة خصوصا مع الأستاذ عمر الإدريسي العامل بمديرية اشتوكة أيت باها، بعد هذا الفيديو لاقت استحسانا من طرف البعض وأتمنى مشاركة نتائجها.

   ملاحظات :

    – يمكن استعمال الكارطون لإنتاج أشرطة، وذلك حتى لا تضيع الأشرطة الورقية العادية للمتعلمين، كما يمكن كذلك استعمال الخشب وإلصاق الأشرطة الورقية عليها ونضمن عدم تلف هذه الأشرطة من جهة والاشتغال الجيد بها من جهة أخرى.

   – هذه المقاربة التجزييئية للنص هي لربط المتعلم بالجزء أولا حيث ينفر من النص (البنية الكلية تبدو له وحشا مخيفا)، بمعنى أنه في البداية يتعلق المتعلم بمحتوى شريطه ونضمن بذلك القراءة ولو كانت جزئية، فيما بعد يحاول البحث عن قراءة ما لدى الآخرين في إطار الأنشطة التكاملية بين المتعلمين (البحث عن الشريط الموالي والشريط السابق – البحث عن صاحب الشريط).

   إمكانية القيام بمسابقات متعددة : ترتيب الأجزاء من طرف كل مجموعة – البحث عن الأجزاء – الجزء الناقص ….

    – يمكن للمدرس أن يبدع أنشطة أخرى متنوعة بواسطة هذه الأشرطة، والهدف من هذه المقاربة التجزييئية

 للنص كما قلنا هو ضمان الفعل القرائي وليس تحسين الأداء القرائي أو تنمية المهارات القرائية.

245 مشاهدة