عيسى عليه السلام هو نبي الله أما القول أنه هو الله أو ابن لله تعالى عما يصفون فهو اعتقاد وضلال مبين يؤكد فساد القلب وحجب العقل عن الحق.
إذ أن أصحاب هذا المعتقد من عباد الصليب يرون أن اليهود أخذوا نبي الله عيسى عليه السلام وساقوه بينهم ذليلا مقهورا، وقد كالوا له الشتائم والإهانات وضربوه فصلبوه وفي النهاية قتلوه بحربة، ثم دفن وأقام تحت التراب ثلاثة أيام ثم قام من قبره مجددا، فكيف لإله يهان ويضرب ويقتل فكيف بعبيد ينهون حياة خالقهم، والأخطر من كان يدبر أمر السموات والأرض في فترة موته، ومن الذي خلف الرب سبحانه وتعالى فيه هذه المدة، ومن الذي كان يمسك السماء أن تقع على الأرض وهو مدفون في قبره.
أما عن كونه ابن الله فهل يعجز الأب عن حماية ابنه، سبحانه فرد صمد لم يتخذ صاحبة ولا ولد، ولهذا قال تعالى:” أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ” (سورة الأنعام/الآية 101)
وعليه فالمعتقد الصحيح في عيسى عليه السلام أنه رسول من أولي العزم الذين أرسلهم الله تعالى إلى خلقه لهدايتهم لدين الحق وإخراجهم من الظلمات إلى النور، قال سبحانه وتعالى: “وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ” (سورة البقرة/ الآية253).
وخصه بالمعجزات كما جعلها للأنبياء الآخرين، ولو أنه خلقه من غير أب بقدرته وإرادته كما قال تعالى:”إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ” (سورة آل عمران/ الآية 59).
أما عن قتله فهو باطل، لأن الله رفعه ولم يمكن اليهود من الوصول إليه وجعل له شبيها منهم فقتلوه واهمين أنه عيسى عليه السلام، وروحه لم تفارق جسده بدليل قول الله تعالى: “وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبّه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه مالهم به من علم إلاّ اتباع الظن وما قتلوه يقيناً، بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً، وإنّ من أهل الكتاب إلاّ ليؤمننّ به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً” (الآيات 157 – 159 من سورة النساء).
والدليل الآخر أن الله تعالى أخبر بأن أهل الكتاب سيؤمنون بعيسى قبل موته، ولو كان قد قتل ومات لما قال: سيؤمنون به.
فهو إذن حيّ رفع إلى السماء، وسينزل مرة أخرى ونزوله من علامات الساعة الكبرى التي يؤمن بها المسلمون، بل وأكد على ذلك كله الآية التي تقول: «ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين» (الآية 76 من سورة آل عمران).
تفيد هذه الآية أن نبي الله عيسى كلم الناس، يوم كان طفلاً في المهد، وكان ذلك معجزته، ثم قال الله تعالى: كهلاً ليشير بذلك إلى نزوله في آخر الزمان فيكلم الناس مرة أخرى بعد أن تخطى مرحلة الطفولة والشباب وصار كهلاً، وهو رفع للسماء شابا.