العودة بصيغة الخفاء إلى بيداغوجية المضامين، أرقام صادمة في التقويم الوطني: PNEA 2019
البرنامج الوطني لتقييم مكتسبات تلامذة السنة السادسة ابتدائي
تقديم الإشكالية
يتحدد المنهاج الجديد المنقح في كونه منهاجا تعليميا جديدا يحمل هندسة جديدة تركبها مجموعة من المرجعيات والدعامات والمواصفات منها ما هو بيداغوجي ومنها ما هو تربوي ،ومنها ما هو مؤسساتي ومنها ما هو قيمي، ويتأسس هذا المنهاج الجديد على الأقطاب بدل المواد والمكونات، ويأخذ بهذا المبدأ التربوي وهو التخفيف من الغلاف الزمني لزمن التمدرس لدى المتعلم ،و تعويض هذا الزمن بالأنشطة الصفية المندمجة أو الأنشطة الخارج الصفية، قصد الاستجابة والتفاعل مع شعار التربية المعاصرة التي تأخذ بمبدأ التعلم الذاتي والتركيز على الأنشطة والأعمال التطبيقية، مع تبني هذا الخيار التربوي والبيداغوجي، وهو أن المتعلم هو الذي يجب أن يكون السباق والمبادر في بناء التعلمات، فضلا عن البحث عن الفضاءات الخارجية غير الفضاءات المدرسية المألوفة والمعتادة في التعلم والتدريس لتنويع الفضاء المدرسي، وتحفيز المتعلم على مبدأ التعلم الذاتي الخارجي.
رهان الجودة في المنهاج الجديد المنقح
هناك فئة من الباحثين والمهتمين بالمجال التربوي والتعليمي تراهن على المعيار الرقمي من أجل إبراز وتحديد الجودة ،فاستثمار الرقمنة يعد أهم المعايير المشكلة والمعتمدة في اعتبار الجودة في قطاع التربية والتعليم، سندهم في هذا الاختيار هو أن أكبر ثورة عرفتها الإنسانية اليوم هي الثورة الرقمية، ما يحتم على المتعلم التفاعل مع هذا العالم الرقمي، وأن يحسن ويجيد التصرف في الموارد الرقمية المعينة والمساعدة على التعلم، ويجعل من الموارد إحدى أهم الأدوات المساعدة والمعينة على التعلم الصفي لاسيما التعلم الذاتي، فلا خياراليوم أمام المتعلم إلا التفاعل مع هذا العهد الجديد، علما أن هذا العصر يوصف عند الباحثين والدارسين بالعصر الرقمي.[1]
أما المسعى والسياق الذي كان من وراء حضور هذا المنهاج، فيتحدد في تجاوز الاختلالات التي شابت المنهاج الدراسي السابق، والعمل على مواكبة المستجدات الطارئة في المجال التربوي والبيداغوجي.
حيث مر المنهاج الجديد المنقح بمرحلين أساسيتين: المرحلة الأولى وهي المرحلة التجريبية وكانت عام 2015م، أما المرحلة الثانية وهي المرحلة التعميمية، إذ عمم هذا المنهاج ليغطي جميع سنوات وأسلاك التعليم الابتدائي، ووافق ذلك عام 2018م.
وفي عام 2020 من المفترض أن المنهاج الجديد المنقح قد استوفى واستكمل ووصل إلى نهايته، وغطى جميع السنوات الستة التي يشملها ويتركب منها التعليم الابتدائي في المغرب.
أهداف المنهاج
تعددت وتنوعت أهداف المنهاج الجديد المنقح، وعليه يمكن اختزالها في الأهداف الآتية:
–الأخذ بمبدأ التخفيف من الحصص والغلاف الزمني للزمن المدرسي للمتعلم، وتعويض هذا الغلاف بالأنشطة سواء أكانت صفية مندمجة خادمة للتعلمات الأساس، أو لاصفية.
– مراعاة الإيقاع الزمني، والخصوصيات النفسية والاجتماعية والبيئية والقيمية للمتعلم .
-مراعاة خصوصية المتعلم اجتماعيا ونفسيا وعقليا وبدنيا.
– مراعاة المحيط المجتمعي والبيئي الذي يعيش فيه المتعلم.
-السعي نحو تنمية مهارة التعلم الذاتي عند المتعلم.
-اختيار الطّرائق والأساليب التي تناسب وتوافق مستوى المتعلّم.
-الانفتاح على الطرائق البيداغوجية الحديثة في التعلم.
-اعتماد هندسة لغوية منسجمة تراعي مبدأ التناوب في مختلف المستويات، مع مراعاة الواقع اللسني واللغوي الذي يعيشه للمتعلم .
-استثمار الموارد الرقمية في التدريس بما فيها من تعلمات من خلال الاستفادة من المجال الرقمي وتقريبه إلى المتعلم.
-التدريس بطريقة الأقطاب المتكاملة والمنسجمة بدل المواد المتنافرة والمتباعدة [2].
-جعل المعارف المقدمة للمتعلم تغطي وتستوعب المجال الوجداني والمعرفي والمهاري.
استثمار التحولات السريعة التي عرفتها المجتمعات في السنين الأخيرة، و بالأخص ما تعلق بالثورة التواصلية والرقمية.
-الانفتاح على طرائق التعليم الجديدة التي تأخذ بالمبدأ التشاركي البيداغوجي المتعلق بالتمركز على المتعلم في تحصيل المعرفة أخذا بهذا المبدأ التربوي وهو ” الانتقال مما يقوله المعلم إلى ما يقوم به المتعلم، أي الانتقال من محتوى التعلم إلى كيفية التعلم”.[3].
أو بعبارة أخرى الانتقال من منطق التلقين والشحن والتخزين إلى منطق التعلم الذاتي المكتسب عن طريق الوضعيات التعليمية، وهذا الاختيار الذي أقدم عليه المنهاج الجديد يعد من أحد أبرز مداخل ومجالات التميز في هذا المنهاج.
المداخل الكبرى في المنهاج الجديد
المنهاج الجديد تحكمه ثلاثة مداخل ومرجعيات كبرى وهي:
– 1- مدخل التربية على القيم.
-2- مدخل التربية على الاختيار.
– 3- مداخل المنهاج الجديد.
تعليق واستنتاج
رغم ما بذل من جهد مادي ومعنوي ومصاحبة من ذوي الخبرة في إعداد المنهاج الجديد المنعوت بالمنقح، وكذا الدعوة والإصرار إلى تقريب الرقميات إلى المجال التربوي، مازال هذا المنهاج يطرح عددا من التساؤلات تتوزع بين الأسئلة الديداكتيكية والأسئلة البيداغوجية. بحيث مازال المتعلم مثقلا بالكم، بحيث لم يتم بعد تفعيل مبدأ التخفيف من الغلاف الزمني للأنشطة الصفية وتعويض هذا الزمن المخفف بالأنشطة المدرسية ، بل الأكثر من هذا هناك عودة مضمرة وخفية إلى بيداغوجيا المضامين بإثقال البرنامج الجديد بالمعارف والمحتوى المكثف الذي يراهن على الكم أكثر من مراهنته على الكيف.
المراجع:
[1] ـالدكتور نور الدين مشاط: 2011 المدرسة المغربية وتكنولوجيات المعلومات والاتصالات، منشورات مجلة علوم التربية، ص:24.
[2] -دليل المستجدات للتعليم الابتدائي: إصدار مديرية البرامج والمناهج التعليمية لسنة 2018، ص: 3.
[3] – الدكتور عبد الواحد الفقيهي: الذكاءات المتعددة للتأسيس العلمي، منشورات مجلة علوم التربية، 2012:ص 23.