المنهج في كتاب بنية العقل العربي
تمهيد
بصدور كتاب “بنية العقل العربي: للدكتور محمد عابد الجابري عن المركز الثقافي العربي المغربي سنة -1986 يكون المرحوم محمد عابد الجابري قد أوفى بعهده الذي قطعه على نفسه في التصريح و المحاورة المطولة التي أجرتها معه مجلة الثقافة الجديدة ، وتكلفت مجلة الكرمل الفلسطينية بنشر هذا الملف المتميز من قبرص الذي جاء باسم”مسار كاتب”.
وقد احدث هذا الكتاب نقلة نوعية في المشاريع الفكرية التي اتجهت إلى قراءة التراث العربي الإسلامي .
وعلى الرغم من الردود الواسعة ،ومن التحفظات القوية التي أعقبت صدور كتاب “بنية العقل العربي لما جاء في هذا الكتاب من أراء ومواقف ، فانه بالمقابل يدل على اطلاع واسع ،وعلى تمكن كبير من العلوم والمعارف التي أنتجتها الحضارة العربية الإسلامية.
فهو كتاب كاشف عن الموسوعية و الاطلاع الواسع للعلوم التراثية سواء المدونة في المشرق أو في الغرب الإسلامي ،لان من ابرز مداخل التجديد هو قتل القديم بحثا كما قال المرحوم امين الخولي.
ومن الردود القوية التي جاءت بعد صدور”بنية العقل العربي: للدكتور محمد عابد الجابري التحفظ الذي أبداه العالم اللغوي المصري الدكتور رمضان عبد التواب وهو من أبرز علماء اللغة العربية في جيله، عن البحوث اللغوية التي جاءت محمولة في كتاب بنية العقل العربي.ا
فقد كتب المرحوم الدكتور والعالم اللغوي رمضان عبد التواب بحثا موسعا عن المجال اللغوي الذي جاء في كتاب بنية العقل العربي، وعمد على نشره في صفحا ت الملحق الثقافي لجريدة العلم المغربية سنة1987.
واتجه التحفظ إلى محور مهم يظهر تمكن المرحوم محمد عابد الجابري من اللغة العربية ومن علومها الواسعة،وهو محور اللفظ والمعنى الذي سبق أن نشره محمد عابد الجابري في مجلة فصول المصرية.
كما أن الأستاذ المرحوم عبد السلام المودن قان بنشر سلسلة مطولة على صفحات جريد أنوال الثقافي متعقبا الأفكار والمواقف التي جاءت في هذا الكتاب ،ثم جمعها في دراسة جاءت باسم “مقالات من بعيد”.
المنهج في كتاب “بنية العقل العربي”
شكل اكتشاف المنهج نقلة معرفية و طفرة نوعية في المسار العلمي و المعرفي الذي قطعه العقل البشري في اشتغاله على المعرفة، باعتبار أن المنهج هو عبارة عن آليات وطرائق كاشفة للمعرفة وناظمة للأفكار ومسددة للنظر…[1].
وقد اشتغل الدكتور محمد عابد الجابري على المنهج معتبرا أن السلامة في النتائج متوقفة على السلامة والسداد في اختيار المناهج.
أما من حيث التحديد والتعريف فقد اختار الدكتور محمد عابد الجابري هذا التعريف للمنهج فقال:”هو جملة من العمليات العقلية والخطوات العملية التي يقوم بها العالم من بداية بحثه من اجل الكشف عن الحقيقة والبرهنة عليها….”.[2].
ومما يذكره المرحوم في هذا السياق أن الممارسة المنهجية كانت حاضرة بقوة بين علماء الإسلام، فهم كانوا يسيرون على المنهج في بحوثهم و يتقيدون به في دراساتهم ،ويلتزمون به فيما يكتبون ويدونون، اخذين بهذا الاعتبار العلمي وهو أن كل علم له منهجه الخاص به تفرضه طبيعة الموضوع.
يعني هذا أن طبيعة الموضوع هي التي تحدد طبيعة المنهج.
و ما يخلص إليه المفكر محمد عابد الجابري أن جميع المؤشرات تؤكد بقوة على مدى ضعف الموقف القائل بان خطاب المنهج كان خطابا غائبا في التراث العربي الإسلامي.
المراجع
[1] -مقدمة احمد عبادي لكتاب:مناهج الاستمداد من الوحي.منشورات الرابطة المحمدية للعلماء:2008.
[2] -مدخل إلى فلسفة العلوم لمحمد عابد الجابري:23.مركز دراسات الوحدة العربية.ط:-4-السنة:1998.