بنو الأحمر وحضارتهم المشرقة في الأندلس

بنو الأحمر  وحضارتهم المشرقة في الأندلس

تقديم

توالت الإمارات على الأندلس، وتعاقب على حكمها الولاة (95 ه /711 م – 139ه/ 756 م) وعهد الدولة الأموية (139 ه/756 م – 422 ه / 1031م ) وعهد ملوك الطوائف (422 ه/1031 م – 477ه/ 1085) وعهد المرابطين (477 ه / 1086م- 539ه /1146م) وعهد الموحدين (539 ه/ 1146م – 633ه/ 1269م) وعهد دولة بني الأحمر (636 ه /1232 م– 897ه/ 1492م) وهي آخر إمارة إسلامية حكمت الأندلس.

نبذه عن بني الأحمر وحضارتهم

مع إنهيار حكم الموحدين، نجح محمد بن يوسف النصري المعروف بابن الأحمر في بسط نفوذه بداية على أرجونا قرب خاين عام 1232م ليصل بعدها على إشبيلية وغرناطة ومن بعدهما المرية ومالقا، ويؤسس سلطنته عام 1238م والتي دامت حتى عام 1429م.

عاشت غرناطة عصر ازدهارها في القرن الرابع عشر تحت حكم السلطان يوسف الأول ومحمد السلطان، حيث ساعدت صلات حكامها الجيدة مع كل من ملوك الفرنجة في الجوار والمغرب في التغلب على الإضطرابات الداخلية، كما شهدت ازدهارا في الإقتصاد والزراعة والصناعة مع تجارة واسعة أسست قاعدة متينة للحكم وللشعب، فشيدت فيها القصور الجميلة والمباني الفخمة التي ما زالت شاهدة لحد الساعة على رقي فن العمارة الأندلسي.

مدينة الحمراء

بنيت مدينة الحمراء على تلة مرتفعة تعلو مدينة غرناطة، وهي عبارة عن قلعة لها شكل سفينة ضخمة رست بين الجبال، وتشغل مساحة بقياس 720 مترا طولاً و220 مترا عرضاً، وتضم جدرانها 23 برجاً وأربع بوابات تغلق على سبعة قصور وبيوت لكافة الفئات مع مكاتب وجوامع خاصة وعامة، وورشات عمل وملاافق عامة مثل الحمامات والحدائق حيث تتدفق المياه في كل الجوانب.

حرص محمد الأول على دعم نظام توريد المياه وبناء جدار نصف دائري للمدينة، ليتم ابنه محمد الثاني أعمال إنشاء الجدار الخارجي، وبناء برجي القلعة برج النساء و برج المعركة، كما بنى محمد الثالث الجامع الرئيسي والحمام العام.

ومن أبرز حكام بني الأحمر محمد الخامس الذي كان مسؤولاً عن تشييد معظم المباني، ومن أشهرها القصر الذي اشتهر بقاعاته وأركان قبابه المزينة بالمقرنصات بتكوينها الثلاثي الأبعاد، وفي مقدمة القصر قاعة البركة وأيضا قاعة السفراء وهي مدخل لقاعة مفتوحة على البلاط الشمالي، ويعرف باسم بلاط البركة، حيث تشغل معظم مساحته بركة مياه طويلة قياسها 7,34 متراً بعرض 5,7 أمتار.

الجانب الشرقي حمام يوسف وهو متصل بقصر محمد الخامس، وفي منتصف القصر توجد قاعة الأسود وفيها بركة محاطة باثني عشر أسداً حجرياً واقفا بثبات.

وأهم ما في القصر الجناحان الواقعان في الجنوب والشمال، ويدعى الأول (ابن سراج) وله بركة مركزية، ويدعى الثاني (بيت عائشة) وهي مربع الشكل وتتمركز حول صالة الأختين التي تقود الى غرفة واسعة، والغرف مكسية بالخشب مزخرفة بأشكال نباتية، أما السقوف فهي قباب مزينة بالمقرنصات المنقوشة للوصول إلى مركز القبة.

وقد بني القصر الصيفي الذي يقصد للراحة والاستجمام على طول مجرى المياه الرئيسي على المنحدر فوق الحمراء، مع حدائق عديدة ومختلفة في تصميمها وعلى جانبي مجرى المياه المتدفقة، وقد سميت حدائق هذا بجنات العريف، وزائر الحدائق لا تطأ قدمه التراب أو العشب مطلقاً، فهناك ممر رخامي خاص على جانبيه العشب الأخضر والمنخفض ليحتفظ بعبق الورود وزهور البرتقال التي لا يمكن لمسها.

تحتوي هذه الصورة على سمة Alt فارغة؛ اسم الملف هو 20201006_121227-1024X427.Jpg

بنو الأحمر آخر حكام الأندلس

بع أن عمر بنو الأحمر طويلا في الأندلس وأسسوا لحضارة عظيمة هبت عليهم ريح الفتن وضعف سلطانهم وانهارت سلطتنهم، حيث أن الحكام الذين تعاقبوا على الحكم لاحقا توجه اهتمامهم في العرش إلى الطموحات الشخصية والمصالح الضيقة، وبالموازاة كان الفرنجة يستعدون للمواجهة ويشحذون الهمم خاصة بطلب ودهم والتحالف معهم، متناسين قوله تعالى :”ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ” (سورة البقرة/ الآية: 120).

واتفق النصارى وتوحدت دولة قشتالة وأراغون بعد زواج أميريهما فرديناندو وإيزابيلا، ووجدوا في خيانة البعض دعما واسعا.

كما تخلى بعض علماء المسلمين عن القيام أداء واجبهم في توجيه الأمة والحفاظ على وجودها، لكنهم حادوا عن الطريق واهتموا بمصالحهم الشخصية وتزلفهم للحكام، تزامنا مع التضييق على العلماء الصادقين وتهميشهم مما أدى لضعف العقيدة عند أغلب السلاطين وانحرافهم.

وأتت نهاية الحكم الإسلامي في الأندلس لدى خروج آخر بني الأحمر، السلطان أبو عبد الله محمد من مدينة الحمراء في يناير 1492م بعد مقاومة شرسية آثر توقيفها حفاظا على دماء المسلمين لعدم تكافئ القوى لا استسلاما وخوفا كما كتب الغربيون ووصفوه بالملك الصغير الذي توبخه أمه، بل كان أشجع من ذلك وقاتل ببسالة مؤمنا بشعار دولته ” لا غالب إلا الله”.

مازالت الآثار الفخمة والضخمة شاهدة أن الحضارة الإسلامية حملت الأنوار والرقي لقرون في أرض أوروبا الصليبية في فترة الجهل والهرطقة والمعتقدات الباطلة حيث علا التوحيد ليشع في سماء مظلمة.

507 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *