تجويد التعليم بمبادرة تربوية فردية (إنجازات معلمة)

تجويد التعليم بمبادرة تربوية فردية (إنجازات معلمة)

شابة يافعة، صاحبة ابتسامة محتشمة ودائمة، مفعمة بالحياة والنشاط، تمتلك روحا شفافة وصادقة، لديها أهداف واضحة نبيلة، أهمها تنشئة جيل صالح، عن القيم منافح، مسلح بالعلم والإيمان، لهذا اختارت التعليم عن حب وقناعة، إنها المعلمة الراقية الآنسة رقية حجاز.

 رقية التي لم يقتصر حظها على نيل الاسم من بيت النبوة فحسب، بل امتد لتستقي منه الهدي القويم والخلق العظيم والتعامل السليم، مما انعكس بالايجاب على دورها الريادي في تجويد البرامج والأنشطة التعليمية المقدمة للأطفال.

لم تدخر المعلمة المجدة جهدا في تجربة أفكار مبتكرة وتطبيق خطوات جديدة في العملية التربوية التعليمية، كللت بنجاح ونتائج ممتازة على مستوى القسم الذي تعلمه، فعند معاينة مستوى تلاميذها لا يمكن التصديق أنهم في السنة الثانية ابتدائي، إجادة تامة للغة العربية، رصيد لغوي ثري، كتابة متقنة مقننة، حساب ذهني وعملياتي دقيق، وهذا لا يخص نخبة من المتعلمين بل القسم بأكمله، فعليا يوجد تفاوت بينهم لكن الاختلاف يتراوح بين الممتاز والجيد والحسن.

ومن جهة أخرى كسبت المعلمة ثقة تلاميذها الذين يعتبرونها بحق أما لهم، وينفذون ما تطلبه منهم حرفيا، حتى عند معاقبتهم تأديبا لا انتقاما بطرق لطيفة وحازمة في الوقت ذاته، يكونون كلهم رضا وإقرارا بالخطأ وتداركه.

لقد خلقت المعلمة الودودة بيئة تعليمية مشجعة ويسرت الصعب وجعلت التفاعل داخل قسمها ينتج تحصيلا تربويا وعلميا كبيرا، فلم يعد درس الحساب علبة أسرار ومجرد أرقام مبهمة، ومثال ذلك الاحتفاظ بالأعداد الذي جعلته منطقا عاديا لعدد لم يجد في الأسفل مكانا يتسع لرقمين، مما أوجب عليه ركوب المصعد للوصول إلى الطابق الأعلى وهي مرتبة العشرات وهكذا، وأوضحت بنباهة لهم أن السكون دائما ما تكون خائفة لهذا لا تكمل نطقها من الوجل، أما الجيم فتتمايل كموجة بحر، وغيرها من الحيل الممتعة النافعة.

أما عندما تريد المعلمة الناجحة عمل مفاجأة لصغارها، لا تقول لهم أغمضوا عيونكم، بل تكتفي بقول كلمة قمر ليقوموا مباشرة بوضع رؤوسهم للحظات، وما إن يسمعوا كلمة شمس إلا ويرفعونها، لتكون المفاجأة كالعادة شيئا يسعد قلوبهم وينبه عقولهم.

لقد حولت هذه المعلمة الحيوية المدرسة إلى متعة للتعلم وليست مجرد فروض وواجبات ومناهج مكثفة ومسائل معقدة، بطرق مبتكرة وأفكار ملهمة تستمر يوميا في تحسين الاتجاهات الحديثة في التربية والتعليم، وبامكانياتها الخاصة طورت طرائق وأساليب التدريس ليتبنى الصغار أنماط التفكير، سواء موضوعيا كان أو إبداعيا وغيره، لتتسع أسوار الفصل ويصير فضاء رحبا للإبداع والتميز وحب العلم والعمل. 

فهل يمكن تصور أطفال لا يحبون العطلة الأسبوعية، ويعدون الساعات للعودة للمدرسة أو بالأحرى للقاء معلمتهم الطيبة، أما عن عطلة الصيف فهم يذرفون الدموع في لوعة من ألم الفراق على أمل اللقاء الذي يبقى محفوظا في القلوب الصغيرة المحبة.

لقد سعيت مرات عديدة للكتابة عن حجاز الأستاذة ورقية الإنسان بتفاصيل ذاتها الروحانية وصفاتها الملكوتية الأصيلة، في محاولة لنشر تجربتها الرائعة، لكنها كانت تتحرج وبلباقة تستطيع التملص، ثم أعود للتحايل عليها، وبتواضع تقول أن الأمر عادي بل أنها قد تكون مقصرة في آداء واجبها، كما أنها لا تحب الظهور  ولا الأوسمة ونياشين الاستحقاق لا سيما في عصر التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة أين كل شيء يذاع وينشر.

لكن ولما رأيت النتائج المبهرة لجميع تلاميذ قسمها، وبعدما هزني الدمع الذي ذرفته بلا توقف وهي تودع أطفالها عند نهاية هذا العام الدراسي، وشاهدت بإعجاب كيف أدخلت السرور على قلوبهم بحكاياها الجميلة والهادفة، وهداياها التعليمية القيمة والمسلية، وشهدت عن قرب كم بذلت من جهد طول أيام السنة، وكيف تفانت في تصميم شهادات تشجيع وتقدير للجميع، أين وضعت صورة كل تلميذ على شهادته، كان لزاما ولو كتابة كلمات شكر وعرفان في حقها، والتي مهما حاولت أن أجوِّدها وأرقيها فإنها تعجز عن الرقي لاشعاعها الممتد.

فإن كان من المروءة أن يقال للمحسن أحسنت فمن الواجب الإشادة والقول للأستاذة رقية حجاز أحسنت وأبدعت وأجدت، لقد كفيت ووفيت، وفقك الله لما يحب ويرضى وجعل ذلك في ميزان حسناتك وجزاك عن أبنائنا كل خير، أيتها المعلمة الكبيرة التي وددت لو كنت صغيرة لأتتلمذ على يديها وأكتسب علما وأدبا في زمن لم يعد للأدبيات التربوية مكانة أو مكانا. 

تجويد التعليم بمبادرة تربوية فردية (إنجازات معلمة) 1
نموذج لشهادة من تصميم الأستاذة رقية

254 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *