إن نقل أخبار الحروب في أي موطن من بقاع العالم لا يقتصر على بث مستجداتها وتتبع نشأتها، ثم محاولة تفسير أسبابها والبحث عن تداعياتها ونتائجها… لأن القضية تتجاوز حدود النقل والتحليل.
الحرب .. مأساة إنسانية حقيقية بكل المقاييس وهذا ما يجب أن يتوشح أي خبر ينقل عنها، فالمصاب عظيم والكارثة عظمى، والخسارة أكيدة لارابح فيها، مهما تعالى أي طرف وتجبر واستعان بالقوة والعتاد يبقى خاسرا، فقَتْلُ نفس بريئة واحدة بغير وجه حق لهو ظلم وقتل للإنسانية جمعاء، حتى إزهاق روح حيوان دون حق وسبب يبيح ذلك يعد جريمة نكراء فما بالك بقتل أطفال رضع ونساء وشيوخ…
شعب تحت مطر الرصاص ورعد الصواريخ وبرق القذائف.. يضيع في عاصفة هوجاء لاتبقي ولاتذر، تأتي على الأخضر واليابس ولا تخلف وراءها غير الأشلاء المتناثرة هنا وهناك وما عزاء لها غير العرض على مواقع التواصل الاجتماعي، ففي زمن التكنولوجيا والتطور الرقمي لا تحمل الصورة غير مشاعر التسويق لصناعة الحدث واحتكار الأضواء والحصول على السبق الإعلامي بعيدا عن القيم والنوازع البشرية.
تاريخ معاناة وأزمات وضحايا يتم طمس أسمائهم وإن حظيوا بسجل فلن يكون إلا في درج مواثيق النسيان، في زاوية تنبعث منها رائحة الغبن والشجن، فالسجان يحظى بمباركة دولية وشرعية قانون الغاب.
بعض الحكام ليسوا حكماء ومنهم من لايمثل إرادة ورغبة شعبه، والأكيد أن من اختار الحرب بدل السلم والقوة بدل العدل والتعصب بدل التعقل والحقد بدل الحلم ليس سوى مستبدا أهوجا لا يعي ولا يفقه ماهية الأمور.
هكذا هو المجتمع الدولي يذعن بنفاق لمنطق القوة، ويستمر كل عربيد في فرض منطقة تحت ذريعة البقاء للأقوى وليس للأصلح.
لا نتهم ولانبرئ أي شخص بعينه أو جهة معينة فالأمور السياسية لها أهلها وذويها، إنما هي وجهة نظر في حروب شعواء لا تطرق الأبواب وتقتحم منازل الأبرياء، ولا احد بمنأى عنها، تهدد العالم برمته وتتداعى لها الاقتصادات وتهلك المجتمعات، وما من معتبر.
السلم مطلب جميع الشعوب وإن اختلفت الأوطان واللغات واللهجات والمعتقدات، فالأمن والأمان والسلم والسلام أمور مشتركة توحدها، ومن ضروريات العيش، ومن اللازم الحفاظ عليها مهما بلغت درجة الاختلاف والتنوع ولو برز الخلاف للميدان، ففي ذلك غنى وثراء ثقافي للحضارات عبر تاريخ الانسانية، فالاختلاف رحمة لكن الحرب لا ترحم.