ما يجعلنا نتوسم خيرا في عصر مضى ونحن إليه، أنه كانت للذكورية حظا كبيرا و تقبلا بين أوساط الأسر الجزائرية إبان الاحتلال الفرنسي ،حيث كانت بالرغم من انتشار الظاهرة على نطاق واسع وقسوتها و استعلائها على المرأة، إلا أنها كانت تميل للخيرية و الشرف و الكرامة و الحياء كنوع من الحماية المبالغ فيها، مقابل التعدي و القهر و الاغتصاب الذي يمثله تيار الاحتلال المستبد…
في تلك الفترة تحديدا ينشأ جيل من نوع آخر أكاد اعتبره الجيل الذهبي للجزائرين بلا منازع، أين وضع حدا لمفهوم الرجولة التقليدي وأعطى العالم نظرة مختلفة عن الرجل الشرقي الذي استطاع بالاستعانة بدينه أن يفهم و يتقن فن الرجولة بمعناه الحقيقي بعيدا عن التجاوزات والتسلط.
كانوا كتابا رائعين و القلم لا يجيد تفريغ إلا ما تجود به نفوس المبدعين….لاسيما وأن كل المبدع أيامها كان شابا مفعما بالثورة و النبوغ و الشهامة..
يطيب لنا أيامها الحديث عن وزير مسح عن الوزارة تهمة التنصيب بالمحسوبية أو بمعنى صحيح كان للوزارة هيبة وسلطة شرعية، فقط لأنه (أحمد توفيق المدني)، الرجل الذي لم ألتقه يوما ولكني أعرفه جيدا من خلال أجمل ما كتب (حياة كفاح) إذ يستشعر القارئ من خلال سيرته أن ثقافة الرجولة في عصرنا أصبحت جد بدائية….. لا كفاح ولا قضية ومجرد مظرية زائفة وانتفاخ مفرغ..
إننا للأسف نعيش اليوم عصر التخلف الإنساني الجوهري في ظل تسابق العالم نحو التطور الصناعي المادي، لا نريد إلا مبدأ السلامة و المشي بين الحفر، فقط لكي لا نسقط..!.لكننا عالقين في القاع!!! و لا نزال نناظل من أجل البقاء في أسفل الدركات ،حيث نعيش بلا نضال!…… وطبعا نتخفى وراء الظلال.
لا نذهب بعيدا حيث رحل عن عالمنا…أحد نجوم العالم الإسلامي و هو جزائري لا يختلف على شهامته اثنان، كانت من أجمل عباراته، استرجعنا الجزائر من فرنسا لتكون مسلمة وإذا بها اشتراكية شيوعية!وهذا مالا نرضاه!!!!ا
إنه من أجج في قلوب الشباب الحماسة و الغيرة على دينهم ووطنهم و أسس من صلب الشعب حزبا دينيا معارضا مستتحدثا بذلك التحزب للوصول للسلطة في مجتمع شرقي يحب أن يساير القانون و لا يعرف الإسلام إلا في المساجد…فربط الإسلام بالسياسة وهو مؤمن بأن السياسة من الإسلام و ليس الإسلام من السياسة……و لم نخلق عبثا ليتحكم فينا اليهود و النصارى.
نعم هؤلاء رجال حقا… فلا أستطيع أن أتجاوز هؤلاء و من يشبهونهم لأعطي أمثلة عن مفهوم الرجولة الحق في زمن كنا فيه تحت وطأة المستعمر الفرنسي.
ماذا استفدنا من الاستقلال ولم يجرأ أحد منا أن يكون شهما أو كاتبا مبدعا أو وجها رافضا أو قلبا غاضبا………تعيش الرجولة في كل جزائري و جزائرية گذلك …..لأن الرجولة قرار و ليس اختيار ، أما الذكورية فلا تعدو أن تكون مجرد حالة مرضية، انتقلت إلينا من عصور الظلام، و استوطنت حيث وجدت الكل يرى الحضارة في الكم و الكسب المادي لا غير، لتصير السطوة سلطة والسلطة عدالة في يد من ليسوا عدولا.