إنه الرحيل الذي لا ينتهي ويظهر على الدوام، فما يبدأ العام الا وينقضي ليغلق خلفه الأبواب على ذكريات غدت من الزمن الماضي بحلوها ومرها، لكن علو الهمة هو استصغار الصعاب مازال ها هنا ينثر عبير الجد على عتبة باب جديد يفتح لتوه لييكتب قصصا أخرى ستمسي حديث الجميع.
أنفاس جديدة ستتغلل بين جنبات النفس البشرية بعزم للمثابرة نحو العمل الجاد والمثمر، ستتجاوز جراح الأمس وتتخطى الندوب وتسحب معها أنوار الفرح والدعة لكن ذلك لن يتأتى إلا بعقد سلام داخلي وصلح خارجي.
انتهت سنة 2022 الميلادية، فهلا تذكرنا أن رد حقوق الآخرين والتحلل من مالهم وأعراضهم وأنفسهم سيجدد الحياة ويبعث روح المودة من جديد بين أفراد المجتمع، فما بالك داخل الأسرة الواحدة حيث يتنازل كل واحد عن عناده ويتراجع عن خطئه، فلو سعينا لإصلاح أنفسنا والتزمنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتجاهلنا سياسة نفسي نفسي وإضاعة الحدود والتزام الصمت وتكريس الرداءة لنلنا فوزا وغنيمة.
يمضي العمر وترحل السنون تباعا كما يرحل البشر وتتحلل الأجساد، لتظل السيرة الحسنة والذكر الطيب، تغارد الجامادات ويبقى الأثر ليملأ الفضاء طيبا ونورا، فلا يأسفن المرء على عام رحل وبيده أن يصنع الكثير في عام يحل، فالبكاء على الأطلال واستذكار الخيبات لن يزيد سوى من معدل الإخفاق، ولكل أن يرى كم يحظى به من نعم فعلام إذن التذمر والنقم؟.
ما دام في الجسد روح تسري فالفرصة مازالت قائمة لتحقيق الكثير، فمن قطرات المطر تفيض الأنهار، ومن الشرارة تلتهب النار، ولا تنس أبدا أن العظماء كانوا ذات يوم صغار، فما الذي يمنع أن ترقى إلى مصاف الكبار؟.