عيد الأضحى.. وذكرى أحباب رحلوا

عيد الأضحى.. وذكرى أحباب رحلوا

كل مظاهر العيد حاضرة وتذكرنا بالراحلين الذين كانوا بالأمس القريب يقاسموننا الفرحة ويؤدون معنا الشعائر، يبادلوننا التهاني ويشاركوننا المأدبة، واليوم أضحينا مغلوبين بشوق الغياب، نلتمس ريح أرواحهم الطيبة مع تباشير الفجر وطلعته، ونستأنس بصدى أصواتهم الشجية في سكون الليل وهدأته.

ذكريات العيد مع الراحلين لا تنسى، نستعيدها بشذاها الزكي، ونورها المتلألئ علها تخفف لوعة اشتياقنا لزمن اللقيا ومجلس الاجتماع بهم.

من بين الراحلين من حولي من أفقده أكثر من مرة، مثل أبي الذي أعيد عيش لحظة فراقه كلما سمعت أو شهدت موت أب أحدهم، فأمضي بخطوات متعثرة لأداء واجب العزاء، وأنا ألملم أجزاء روحي المتبعثرة بعناء، والحقيقة أني أعزي نفسي بكثرة الآباء الراحلين، ولكن على من أتجنى ولا أبا مثل أبي؟، طلق المحيا، مشرق الابتسامة، مدرسة الإنسانية، وبيت الكرم والجود.

وكذاك أبي الروحي… أخي محمد تاريخ الفضيلة والإصلاح الذي أبى الحاقدون أن يستمر، أخي حامل لواء الكرامة والنخوة، رغم رحيله الباكر يظل مكانه محفوظا في مجالس الذكر، وعلى منابر المساجد بين التذاكر والاهتداء، بتطبيب الروح والجسد، بسعيه الدؤوب في غرف الفحص بالمستشفيات، بمواقفه النبيلة بالشرف والعطاء، لتبقى بصمته خالدة في سجل العظماء.

كان ثباته يمدني بالقوة والعزم، همته تزيد إصراري، تواضعه يرفع من قدري، حبه الخير للناس يبدد أنانية النفس وحب التملك، هو المعلم الأمين الذي علمني أن الحياة من غير طاعة لا تساوي شيئا، وأن كل الحرية والانعتاق في كمال العبودية للخالق الرزاق، فيا ليتني أستطيع أن أرد ولو قطرة من بحر فضله، لكنت نلت فوزا وغنيمة.

أخي الحبيب.. تعود من صلاة العيد بحلتك البيضاء بياض روحك الطاهرة، فنسارع إليك بالتقبيل والتهنئة، ثم تستعد لنحر كبش العيد معظما القربان وسعيدا بأداء شعائر الله وتعظيمها.

ثم تأمرنا أن نتهيأ للخروج، فتثني على أناقتنا وثيابنا الجديدة حتى تصحبنا عند المصور لأخذ صور تذكارية مازلنا نحتفظ بها، ونحتفظ بذكراك معها واجتهادك في إدخال السرور على قلوبنا، بشراء البالونات والألعاب، فكيف لا نتمادى في حبك ونحفظ جميلك في كل مكان وحين..

فقدنا أحبابا كثر مروا من هنا، ومازالت ذكراهم مخلدة بيننا، عاد العيد ولم يعودوا معه، مقاعدهم ظلت شاغرة، ولم يعد يجمعنا بهم بهو الاستقبال، ولا نقاسمهم فناجين القهوة والشاي، لقد غابوا عن دنيانا ولم يحضروا عيد هذه السنة أيضا، لكنهم لم يبرحوا قلوبنا يوما، نسأل الله أن يرحمهم ويجعل عيدهم عنده أبهى وأجمل.

أسماء كثيرة نذكرها ونتذكر وجوهها وما نجد غير الدعاء الصادق كأجمل هدية لأرواحها، فاللهم اغفر لمن كانوا يستقبلون العيد معنا بحفاوة ورحلوا من ضيق دنيانا إلى سعة جوارك يا رحمن.

عيد الأضحى.. وذكرى أحباب رحلوا 1

281 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *