قصيدة صوت صفير البلبل المنسوبة للأصمعي

قصيدة صوت صفير البلبل المنسوبة للأصمعي

المحتويات

تقديم

قصيدة “صوت صفير البلبل”، من أشهر القصائد التي يتحدث عنها الناس وهذا لأن بها من غريب اللفظ ما يجعلها صعبة الحفظ، فضلا عن طرافة مناسبة نظما، وقد نسبت لأحد أعلام اللغة العربية وهو الأصمعي، لكن عددا من النقاد يرون أن من المستحيل أن يكون ناظمها لما ورد فيها من أخطاء واختلال أوزان الشعر، وعليه فما سيتم نقله قد لا يكون حقيقيا وإنما مجرد تأليف تناقلته الأجيال.

مغالطات تاريخية في قصة الأصمعي والخليفة أبي جعفر المنصور

يقول الكاتب جمال بن حويرب:” هناك جملة من الأخطاء التاريخية في نسبة قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي، فأهل التاريخ نقلوا أنّ الأصمعي اتصل بالخليفة هارون الرشيد وكان من ندمائه ولم يرد أبدا أنه كان من جلساء المنصور، ولو وقع ذلك حقا لذكره المؤرخون، فقد ولد الأصمعي سنة 121هـ، وتولى المنصور الخلافة من سنة 136 هـ حتى 158هـ فيكون الأصمعي أدرك عهده في أول شبابه ومن قرأ سيرته سيعلم أنه في هذا الوقت كان يحصّل العلم ويجمع الأخبار ويلتقي الأعراب ولم يتصل بعدُ بأحد من الأمراء والخلفاء.

ومن المعلوم أيضا أن الأصمعي كان من كبار رواة أشعار العرب ولم يذكره أحدٌ بقول الشعر كما هو موجود في كتب التراجم، وليت من كذب عليه ألصق به قصيدة تليق بمكانته العلمية بدل “صفير البلبل” التي لا أعدها في الشعر العربي أصلا. كذلك مما عُرف به أبوجعفر المنصور بأنه حريص جدا على مال المسلمين يحسبها بالفلس كما نقول حتى لُقّب بالدوانيقي، وهو الذي يستقصي في الحسابات فكيف يصحُّ أن يقوم رجلٌ هذا لقبه بإفراغ بيت المال لرجلٍ لا يعرفه!!”.

مناسبة نظم قصيدة صوت صفير البلبل

يروى أن الخليفة العباسى أبا جعفر المنصور كان حريصا على المال، وأراد أن يظهر سخاء بالبذل للشعراء ولكن من غير أن يدفع درهما، فاحتال لذلك بأن أعلن عن مسابقة في نظم قصيدة ومكافأة صاحبها عدل وزن ما كتبت عليه ذهبا.
فتهافت الشعراء إلى قصر الخليفة ليعرضوا قصائدهم، ولكنهم تفاجأووا أن الخليفة يعيد قراءة القصيدة وينسبها لشاعر آخر، ويقول أنه  سمعها من قبل، وينادى على أحد غلمانه فيقول له هل تعرف قصيدة كذا وكذا فيقول نعم فيعيدها عليهم الغلام ثم ينادى الخليفة جارية له، ويسألها هل تعرفين قصيدة كذا وكذا فتقول نعم وتتلوها عليهم، فيصدم الشاعر لأن القصيدة جديدة ومن نظمه. 
ولما سمع الأصمعي بالأمر اكتشف حيلة الخليفة الذي كان يحفظ الكلام من مرة واحدة، و الغلام يحفظ الكلام من مرتين والجارية تحفظه من ثلاث.
فإذا قرأ الشاعر قصيدته حفظها الخليفة فعاده عليه ويكون الغلام خلف ستار يستمع مرة من الشاعر ومرة من الخليفة فيحفظها، وهكذا كانت الجارية متحفية تسمع القصيدة من الشاعر ثم الخليفة ثم الغلام فتحفظها، فقرر الأصمعي أن يكشف حيلة الخليفة ويرد على للشعراء حقهم، فذهب ونظم قصيدة صعبة الحفظ وتوجه إلى قصر الخليفة وهو يرتدى ملابس البدو كي لا يعرفه أحد، و استأذن ليدخل على الخليفة فدخل وقال قصيدته فعجز الخليفة والغلام والجارية عن تكرارها.
قال الخليفة أعطوه وزنها ذهبا،  لكن الأصمعي كتب القصيدة على عمود من رخام ثقيل الوزن أفرغ خزائن الدولة، فتفطن الوزير أن الشاعر المتنكر ما هو إلا الأصمعي، فتنازل الأصمعي عن حقه وأعاد المال على أن يدفع الخليفة للشعراء مقابل قصائدهم.
 

قصيدة صوت صفير البلبل

صَوتُ صَفِيرِ البُلبُلِ

هَيَّجَ قَلبِي التَمِلِ

الماءُ وَالزَهرُ مَعاً

مَع زَهرِ لَحظِ المُقَلِ

وَأَنتَ يا سَيِّدَ لِي

وَسَيِّدِي وَمَولى لِي

فَكَم فَكَم تَيَمَّنِي

غُزَيِّلٌ عَقَيقَلي

قَطَّفتَهُ مِن وَجنَةٍ

مِن لَثمِ وَردِ الخَجَلِ

فَقالَ لا لا لا لا لا

وَقَد غَدا مُهَرولِ

وَالخُوذُ مالَت طَرَباً

مِن فِعلِ هَذا الرَجُلِ

فَوَلوَلَت وَوَلوَلَت

وَلي وَلي يا وَيلَ لِي

فَقُلتُ لا تُوَلوِلي

وَبَيّني اللُؤلُؤَ لَي

قالَت لَهُ حينَ كَذا

اِنهَض وَجد بِالنقَلِ

وَفِتيةٍ سَقَونَنِي

قَهوَةً كَالعَسَلَ لِي

شَمَمتُها بِأَنَفي

أَزكى مِنَ القَرَنفُلِ

فِي وَسطِ بُستانٍ حُلِي

بِالزَهرِ وَالسُرورُ لِي

وَالعُودُ دَندَن دَنا لِي

وَالطَبلُ طَبطَب طَبَ لِي

طَب طَبِطَب طَب طَبَطَب

طَب طَبَطَب طَبطَبَ لِي

وَالسَقفُ سَق سَق سَق لِي

وَالرَقصُ قَد طابَ لِي

شَوى شَوى وَشاهشُ

عَلى حِمارِ أَهزَلِ

يَمشِي عَلى ثَلاثَةٍ

كَمَشيَةِ العَرَنجلِ

وَالناسِ تَرجم جَمَلِي

فِي السُواق بِالقُلقُلَلِ

وَالكُلُّ كَعكَع كَعِكَع

خَلفي وَمِن حُوَيلَلي

لَكِن مَشَيتُ هارِباً

مِنْ خَشْيَةِ العَقَنْقِلِي

إِلَى لِقَاءِ مَلِكٍ

مُعَظَّمٍ مُبَجَّلِ

يَأْمُرُلِي بِخَلْعَةٍ

حَمراء كَالدَم دَمَلي

أَجُرُّ فيها ماشِياً

مُبَغدِداً لِلذِيِّلِ

أَنا الأَدِيبُ الأَلمَعِي

مِن حَيِّ أَرضِ المُوصِلِ

نَظِمتُ قِطعاً زُخرِفَت

يَعجزُ عَنها الأَدبُ لِي

أَقولُ فَي مَطلَعِها

صَوتُ صَفيرِ البُلبُلِ.

603 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *