تقديم
مساحات صحرواية شاسعة مترامية على مد البصر تتربع فوق مايتعدى النصف مليون كم²، تخفي بين ثناياها أجمل التحف والكنوز وسط الطبيعية العذراء، فبعضها من غير مبالغة يعد قطعة من الجنة على الأرض وهذا الوصف تماما ما يليق بقلتة أفيلال ذات المياه العذبة الصافية.
فوسط منطقة قاحلة تتوزع أسطح مائية صافية لتظهر الوجه الآخر للعيش وسط الصحاري القاسية، أين لا يقدر الماء بثمن فهو أهم عامل في البيئة، وله تأثير مباشر على مجرى حياة مختلف الكائنات الحية بما فيها العنصر البشري.
تعريف قلتة أفيلال
قلتة أفيلال هي تسمية مركبة أطلقت على منطقة رطبة في الصحراء الجزائرية الكبرى فما معناها؟
أصل التسمية
القلتة جمع قلات وهي كلمة عربية أصيلة ومصدرها القَلْتُ ويعني الحفرة في الجبل يستنقع فيها الماء عند هطول المطر أو مرور السيل فتحفظه.
تتشكل القلات في شكل أحواض وشلالات صغيرة تتدفق فيها المياه باستمرار في بيئة محيطة بالصحراء من كل الجوانب.
أما أفيلال فهو لفظ أمازيغي يعني القلة أي الجرة وهو الآنية المصنوعة عادة من الفخار أو الخزف يوضع فيها الماء ونحوه.
الموقع الجغرافي
وأفيلال المقصود هو أهم مجرى مائي في كتلة أتاكور وهي هضبة بركانية بولاية تمنراست التي ترتفع إلى 1380 متر على سطح البحر وتبعد بحوالي 1981 كم جنوب الجزائر العاصمة، وتسيل مياهه على مدار فصول السنة.
ينبع وادي أفيلال من جبال تيزويا قرب منطقة أسكرم ومنه ما يرسو في القلتات وتبعا له جاءت تسمية “قلتة أفيلال”.
التنوع البيئي
توفر هذه المنطقة الرطبة نظاما هيدرولوجيا فعالا يدعم التنوع البيولوجي حيث تتحلق حوله ثروة نباتية وحيوانية متنوعة ومفيدة.
إذ تستغل النباتات والأعشاب في الصناعات التقلدية وفي مساهمات علاجية باستعمالها كمشروبات أو استخلاص فوائدها واستخراج الزيوت منها، فضلا عن أنها تشكل مصادر رعوية هامة.
فالحيوانات البرية التي يدفعها الجفاف إلى الإقبال على المنطقة تتنوع بين الطيور، والزواحف من أفاع وسحالي مثل حرباء الصحراء، والعقارب، والعناكب السوداء، إضافة إلى الجربوع وكذلك الأرانب والغزلان الشاردة التي قلت أعدادها بشكل ملفت بسبب الصيد العشوائي وغير القانوني.
كما أن هناك بعض أنواع الأسماك في البرك المائية مثل سمك البلط، وسمك القط للمياة العذبة.
ويلجأ الطوارق الرحل بولاية تمنراست إلى هذه القلات للحصول على الماء واستخدامه في احتياجاتهم اليومية، وكذا لسقي قطعانهم من الإبل والماعز.
وتعد قلتة أفيلال موقعا سياحيا على بعد 10 كم من ممر أسكرم الشهير، يقصده المحليون والأجانب ليستمتعوا بمناظره الخلابة ويبيتون في العراء تحت بريق النجوم وقرب دفئ النار المشتعلة في تجربة للعودة إلى الحياة البدائية البسيطة.
كما تُجرى بالمنطقة عدة دراسات أكاديمية وبحوث حول التنوع البيئي، تابعة لمراكز بحث وجامعات محلية ودولية، لما لهذا الحيز من ميزات نادرة لاتتوفر عليها باقي مناطق العالم مما خوله ليصنف في قائمة المحميات “رامسار”.
قائمة رامسار الدولية
انبثقت قائمة رامسار عن معاهدة ترشيد استغلال الأراضي الرطبة حيث تم التوقيع في 02 فبراير/ شباط 1971 على اتفاقية الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية نظرا لأهمتيتها البيئية حيث تشكل موئلا للطيور المائية في مدينة “رامسار” الإيرانية.
الاتفاقية عبارة عن معاهدة حكومية دولية تعمل على الحفاظ على المناطق الرطبة وحمايتها محليا وطنيا وإقليميا من خلال المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم.
وقد بدأ العمل بهذه الاتفاقية عام 1975 م واعتمدتها 167 دولة .
وعدد المواقع المصنفة في القائمة يقدر بـ 2122 منطقة رطبة، مساحتها 205,366,160 هكتار.
وقد انضمت الجزائر إلى المجموعة سنة 1982م، وشرعت في تنفيذ الاتفاقية في 04 مارس/آذار 1984.
حيث يوجد بها 50 موقعا مدرجا في قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية تمتد على مساحة 2،991،013 هكتار.
وتحتل بذلك المرتبة الثامنة عالميا من بين البلدان لسطحها الواسع من الأراضي الرطبة المحمية، والأولى
من بين دول شمال افريقيا.
وقد صنف موقع “رامسار أفيلال” بمساحة تزيد عن 20 هكتار في هذه القائمة عام 2010.
من أجمل وأروع المناطق في صحراء الجزائر الكبرى، هي جنة في قلب الصحراء سبحان الله.