بمجرد الحديث عن العلاقات لدى العرب عموما يتحول الحديث من موضوع هام إلى موضوع خاص جدا…… وهو قلب المشاكل التي لا تطرح إلا تحت الطاولات نظرا لثقافة المجتمع العربي، حيث ينشأ الرجل فيه على أنه اثباتا لرجولته و تنشأ فيه المرأة بأنها رهينة لشرفها، حفاظا على حيائها من المعيب والعيب الخوض فيه، فتختلط المفاهيم و تتشابك بل الأسوء من ذلك، أن كلا الجانبين ملزم بالعيش تحت سقف واحد بمفهومين متناقضين تماما، و يتوقع المجتمع منهما إنجاح هذه التجربة المجردة فعليا من مفهوم الزواج، ولا يوجد أسوء من تفكك الأسر، بسبب الضغوطات وكثرة المشاكل، فهل سببها فعلا التنشئة الجنسية الخاطئة، أم تعالي أحد الشريكين و انغماسه في ملذاته وتفكيره بأنانية بعيدا عن الوازع الديني والضابط الأخلاقي دون إغفال العرف الاجتماعي.
يقوم بعض المصلحين الاجتماعيين واستشاري العلاقات الأسرية بطرح السؤال نفسه على الزوجين، هل أنت سعيد جنسيا؟ ، ومن أبرز رواد هذا الشأن نجد (هبة قطب) التي لمعت في مجال اصلاح ما أإفسدته المفاهيم العرفية. مستشهدة بأدلة شرعية و علمية لتحرر المرأة العربية من رداء الكبت تحت مسمى العفاف و تمسح الغبار عن احتياجات الزوج الشرقي الذي طالما تطلع للعيش مع زوجة تلبي رغباته الطبيعية.
نحن بصدد الحديث عن النقطة الأهم في الحياة الزوجية والتي قد تكون سببا في البقاء والاستمرارية، وحاجة بيولوجية كحاجة الإنسان للطعام، وليست هدفا نعيش لأجله لنكون بمنزلة الحيوان، إلا أنه وسيلة تحافظ على كرامة الانسان في ظل أسرة يعطيها الشرع كامل الصلاحيات.
ولأنها قد تكون ثغرة الزواج و الأسرة و عليه الانهيار الحتمي للمجتمع، وهنا لا نغطي أو نكابر على سلوكيات بعض الأفراد الشاذة و المهينة تحت مسمى الحقوق الزوجية، إنما نتحدث عما يجب أن يكون عليه سلوك الأزواج، وعن أسباب الخيانات والانهيارات الأسرية، فللدين الإسلامي سبقا في إعطاء هذا الشأن أهمية عظيمة لأنه لم يترك فتنة في الأرض أشد على الرجال من فتنة النساء.
فقد عالج الإسلام كافة المشاكل الجنسية بلا أي تحفظ، بل وفي إعجاز قرآني مقدس جاءت آية كريمة أعطت وصف دقيقا شاملا تجاوز كل الأوصاف بأدب وبلاغة إذ قال الله تعالى :” نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ” (سورة البقرة/ الآية: 223)، فجاء تبيان المقصد من الزواج، وهو الحفاظ على النسل، وتنشئة الأبناء في كنف كيان أسري بين أحضان أبوين جمعتهما المودة والرحمة، وكما قال بعض المفسرين: ليكون ما بين الزوجين اللذين جمعهما الله بكلمة الشرع وحكمه هو الأنس الروحي مع المتعة الجسدية، وإن ذلك ليقتضي زوال الكلفة، وأن يكون بينهما من المباسطة ما تسهل معه الحياة، ويكون في البيت تخفيف أعبائها، واستجمام القوى، ليستطيع تحمل تكليفات الحياة، فالدين يجب أن يكون مسيطرا، ويجب أن تكون العدالة قائمة، والمودة حاكمة فيما بين الرجل والمرأة. (*)
كما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه تقبل فكرة الطلاق بمجرد عدم اشباع الزوج لرغبة زوجته فكان هذا دليلا على أهمية العلاقة الحميمية في الحياة الاسرية، حيث يعيش أحد الزوجان حالة من التنازل و التغاضي حفاظا على المبادئ العليا للأسرة وهذا محبب، لكنه يبقى تنازلا و يبقى نقصا يعاني منه الطرف المقصر.
ونظرا لأهمية الأمر شرع المثقفون في جميع أنحاء العالم العربي بالترويج للثقافة الجنسية في ضوء الضوابط الشرعية ليكون للمقبلين على الزواج نظرة ثاقبة و مسؤولة حول اتخاذهم قرارا مصيريا لا يتوقف عند علاقة جسدية إلا أنها نقطة تجعل من الرجل سعيدا و من المرأة ملاذا للراحة و الاستقرار العاطفي والنفسي، ومأمنا من براثن الشهوات العابرة الخارجة عن إطار الزواج الشرعي.
فالمجتمع القائم في الأساس على الأسرة، يجب أن يساهم في الحفاظ عليها، ولا يسمح بالتجاوزات الفردية، حيث المساس بمعتقدات الأفراد حول متطلبات الاسرة يعد جريمة لا يعاقب عليها القانون، انما يعاقب عليها جيل لا يفرق بين الحقوق و الواجبات، ولا يقدر ماله وما عليه، فيصبح مجتمعا مداهنا، معاديا للطهارة والعفة، التي تشدق بها الجهال و جعلوا من الاسرة ملاذا تقليديا للعيش تحت سقف واحد، مجردة من الأحاسيس المتبادلة، مما أضاف البرود في العلاقات بين الأزواج بل وأصبح الزواج مشروعا احتياطيا، لأجل غير مسمى، حتى يتسنى للشاب تفريغ ملذاته تحت مسمى نزوات العزوبية، ولا بأس بعدها ما يحدث في الخفاء من علاقات محرمة ما لم تطف على السطح شوائب من شأنها أن تهز الصورة المسوقة للعامة وتناسي أن الميثاق الغليظ قوة وعظمة لايستهان بها.