نور القرآن
خلال شهر رمضان، تفتح أبواب الخير وموارد الأجر، لذا يفكر العديد من المسلمين في كيفية الاستفادة القصوى من هذا الشهر المبارك، فلا ينفكون عن السعي للقيام بصالح الأعمال، من أداء للفرائض، ومحافظة على النوافل، ومداومة على المعروف، لاسيما قراءة القرآن الكريم وتدبره.
ومما لا شك فيه أن سر رمضان الجيد يكمن في التخطيط للمستقبل، وقد كان السلف يدعون الله لمدة ستة أشهر حتى يبلغوا رمضان ويُقبل صيامهم وقيامهم، وكانوا يقضون الأشهر الستة التالية في مطالبة الله بالعيش حتى شهر رمضان القادم، وبمعنى آخر، كان رمضان دائمًا حاضرا في أذهانهم سواء أقبل أو أدبر، وهذه قناعة وشغف أولئك الذين عرفوا القيمة الحقيقية لهذا الشهر العظيم.
ومع ذلك،فإن الأوان لم يفت بعد إذ يمنحنا كل سنة فرصة لتجهيز وتجديد التزامنا بالله تعالى، والعودة مجددا، وقد سأل أحدهم أحد الصالحين ذات مرة عن الشخص الذي يجد صعوبة في استئناف قراءة القرآن بعد فترة من الفتور، فأجاب أن السبيل الوحيد للتغلب على هذا الشعور هو الاستمرار والمداومة عليه حتى يعتاد ويصير لا يطيق بعاده.
ذهب الذي سأله السؤال، ولما عاد ليرى ذلك الشخص مرة أخرى قال له: لقد قرأت ربعين من القرآن قبل ولم يتبق لدي ذلك الشعور وقد استبدل برغبة في الاستمرار في التلاوة “.
فأجاب الرجل: “القرآن وحده علاج لما في القلوب”، وكلما زاد إهمالنا للقرآن تزداد أمراض القلوب، كما أن آيات القرآن تطهر وتفرغ القلب من نجاساته، وهذه أصعب مرحلة على النفس، أما إذا استمر الانسان في النضال ضد تلك الأمراض، فإن القرآن يهيئ قلبه لاستقبال نوره.
لذا فمن حفظ القرآن فقد حفظ نفسه وأحاطها بنور يضيء دربه على المدى الطويل ويجعله على بصيرة وهدى.
لماذا أحفظ القرآن الكريم؟
تعلم القرآن يعد من بين الأمور التي يجب أن تكون من أولويات كل مسلم وفي الواقع، حين تخترق آيات كتاب الله المقدس قلوب المؤمنين، فإنه يملأها نورًا، بل أبعد من ذلك بكثير فإن تعلمه يعد توصية مباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين.
- خير المؤمنين من يتعلم القرآن:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “خيركم من علم القرآن وعلمه. ” (رواه البخاري).
ومن المألوف سماع تسمية “أهل القرآن وخاصته” عند الحديث عن الأشخاص الذين يتعلمون القرآن الكريم ويتدارسونه، وهذه طريقة لقول مدى ارتباط هؤلاء المسلمين بالقرآن، وكم في ذلك من تشريف لكل من ينال نصيبا من هذه التسمية.
علاوة على ذلك يمكن الاضطلاع على شهادة هؤلاء الأشراف بوضوح حول هذا الموضوع حيث يقرون دائما بأن تعلم القرآن جعلهم أفضل، وقوى إيمانهم، وطهر قلوبهم، وهدأ عقولهم وأرواحهم، وكيف يمكن أن يكون الأمر غير ذلك عندما يكون حبيبنا عليه الصلاة والسلام يقر ويؤكد ذلك؟
نعم ، تعلم القرآن يجعلك أفضل، وبمعنى آخر يغير حقًا حياة الشخص إلى نحو أفضل.
- قارئ القرآن تحفه الملائكة:
قارئ تحفه الملائكة، لأن ذكر الله يجلبها ويجعلها حاضرة في مجالس الذكر، وعن ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال:” البيت الذي يقرأ فيه القرآن تحضره الملائكة، وتخرج منه الشياطين، ويتسع بأهله، ويكثر خيره، والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن تحضره الشياطين، وتخرج منه الملائكة، ويضيق بأهله، ويقل خيره”.
3. علو المنزلة والأجر العظيم
جاء في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: ” الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران”، فمهما كان حال القارئ للقرآن سواء متمكنا يجيد القراءة أو مبتدئا لا يحسن فإن له مقابل عظيم ومكافأة على هذا العمل الجليل، فالمجيد يحظى بمكانة طيبة ويلازم الملائكة المكرمون المعظمون، والمثابر يثاب على القراءة والمشقة.
كيف أحفظ القرآن؟
هناك طرق عديدة لحفظ القرآن الكريم، وأهم ما في الأمر هو اختيار الطريقة التي تناسبك، إلا أن الشيخ عبد المحسن القاسم إمام مسجد المدينة المنورة حفظه الله أعطى طريقة بسيطة للطلاب الراغبين في حفظ القرآن، فيما يلي بعض النقاط المهمة التي يجب معرفتها من هذه الطريقة:
الحفظ
لتبدأ في حفظ آية ،عليك أن ترددها 20 مرة عن ظهر قلب، ثم طبق الشيء نفسه مع 4 آيات، بمجرد تعلم الآيات الأربع عن ظهر قلب 20 مرة، قم بتلاوة 4 آيات 20 مرة على التوالي لإنشاء اتصال بين الآيات.
وبعد ذلك قم بفعل الشيء ذاته مع الآيات الأربع التالية، وبمجرد حفظ هذه الآيات الثمانية بشكل جيد للغاية، قم بتلاوة الآيات الثمانية مرة واحدة عن ظهر قلب.
واستمر بهذه الطريقة إلى حين استكمال صفحة كاملة، ولا ينبغي أن تتعلم أكثر من ثُمن الحزب في اليوم تجنباً لنسيان ما تم تعلمه، وقبل تعلم صفحة جديدة في اليوم التالي، قم بمراجعة الصفحة السابقة بتكرارها 20 مرة حتى ترسخ، فالحفظ هو ما بقي بعد النسيان.
المراجعة
تكون المراجعة لـ 4 صفحات في اليوم حتى حفظ 4 أجزاء، و بمجرد حفظ الأجزاء العشرة، توقف عن الحفظ لمدة شهر، وقم فقط بمراجعة 8 صفحات في كل يوم للتأكد من رسوخ الآيات.
مراجعة القرآن كاملا
قراءة ومراجعة ثلاث مرات أو مرتين في اليوم، مع الاستمرار على ذلك لمدة عام كامل.
بمجرد الانتهاء من ذلك، حاول ختم القرآن كل 7 أيام حتى نهاية حياتك وذلك على النحو التالي:
اليوم الأول: الفاتحة إلى النساء.
اليوم الثاني: المائدة إلى التوبة.
اليوم الثالث: يونس إلى النحل
اليوم الرابع : الإسراء إلى الفرقان
يوم الخامس: الشورى إلى ياسين.
اليوم السادس : الصافات إلى الحجرات.
اليوم السابع: القاف إلى الناس.
آخر النصائح لتعلم القرآن وحفظه
- كلما شعرت بالتعب أو الفتور جدد عزمك، وتذكر ما ستناله من ثواب وعلو في الدارين، وكيف سيكون ذلك الأثر الإيجابي في حياتك، ويفتح أمامك آفاقا لا حدود لها.
- لا تدع الشيطان يغرس في قلبك هاجس التوقف عن الحفظ، واستعذ بالله منه دوما، وأكثر من الاستغفار.
- ادع الله على إعانتك على ذكره وشكره والتوفيق لحفظ كتابة والعمل بما فيه.
- اقرأ دائمًا في المصحف ذاته من أجل تسهيل عملية الحفظ، وتذكر ما رأيته.
- لا تحزن ولا تثبط عزيمتك ، لأن التعلم طويل ويمكن أن تتناثر فيه التجارب.
- إذا كانت الآية طويلة جدًا مثل آية المداينة في سورة البقرة، ولم تتمكن من حفظها كاملة مباشرة عن ظهر قلب، فقم بتقسيمها إلى جزأين ،أو ثلاث آيات،وأربع … إلخ، فالآيات يتم تقسيمها حسب قدرة كل مسلم.
- اجعل من شهر رمضان المبارك خطوة أولى لبداية الحفظ، فالجو الإيماني مناسب لتحفيزك على الشروع في هذا المشروع العظيم بل تأكد أنه سيكون اعظم مشروع استثماري ناجح على المدى الطويل في حياتك.