تعريف ابن الوردي
زين الدين أبو حفص عمر بن المظفَّر بن عمر بن محمد ابن أبي الفوارس، الشهير بابن الوَرْدي ولد عام (691 هـ / 1292 م) بمعرو النعمان بسوريا، هو فقيه شافعي، وشاعر أديب، ولي القضاء بمنبج، ثم اعتزله بمحض إرادته، توفي بحلب عام (749 ه/1349م).
ترك ابن الوردي عدة تصانيف منها تتمة المختصر في أخبار البشر، كما اشتهر بلاميته الماثورة في شعر الحكمة.
لامية ابن الوردي مكتوبة كاملة
اعـتـزلْ ذِكرَ الغواني والـغَـزَلْ | وقُـلِ الفَـصْـلَ وجانـبْ مَـنْ هَـزَلْ |
ودَعِ الـذِّكـرى لأيامِ الــصِّـبا | فــلأيـامِ الـصِّـبـا نَـجـمٌ أفَـلْ |
إنْ أهـنا عِــيـشـةٍ قـضـيـتُـها | ذهـبـتْ لـذَّاتُهـا والإثْـمُ حَـلّ |
واتـرُكِ الـغـادَةَ لا تـحـفـلْ بها | تُـمْـسِ فـي عِـزٍّ رفـيـعٍ وتُـجَـلّ |
وَانْه عَـن آلَة لَهْـو أَطْرَبَـت | وَعَـن الْأَمْـرَدِ مُرْتَـج الكَفَـل |
وافتكـرْ فـي منتهـى حُـسـنِ الَّـذِي | أنـتَ تـهـواهُ تـجـدْ أمـراً جَـلَـلْ |
واهـجُـرِ الخـمرةَ إنْ كـنـتَ فـتـىً | كيفَ يسعـى فـي جُنـونٍ مَـنْ عَقَـلْ |
واتَّـقِ اللهَ فَــتَـقْـوَى الله مَا | جَاورتْ قـلبَ امـريءٍ إلا وَصَـلْ |
لـيـسَ منْ يـقـطـعُ طُـرقـاً بَـطـلاً | إنـما مـنْ يـتَّـقِ الله الـبَـطَـلْ |
صـدِّقِ الـشَّـرعَ ولا تـركـنْ إلى | رَجُـلٍ يَـرْصُـد فِـي اللَّـيْلِ زُحَـلْ |
حارتِ الأفـكارُ فــي حكـمـةِ مَـنْ | قَـدْ هَـدَانَـا سُبُـلَـنا عـزَّ وجَـلْ |
كُتـبَ الـموت عـلى الخَلقِ فـكمْ | فَـلَّ من جـيـشٍ وأفـنى من دُوَلْ |
أيـــنَ نُـمرودُ وكـنعـانُ ومنْ | مَـلَـكَ الأرضَ وولَّى وعَـزَلْ؟ |
أيــن عـادٌ أيـن فـرعـونُ وَمَنْ | رفـعَ الأهـرامَ مــن يسـمعْ يَـخَـلْ؟ |
أيـنَ مـن سـادوا وشادوا وبَـنَـوا؟ | هَـلَكَ الكـلُّ ولم تُـغــنِ الـقُـلَـلْ |
أيـنَ أربـابُ الحِـجَـا أهــلُ النُّـهـى | أيــنَ أهـلُ العلـمِ والـقـومُ الأُوَلْ؟ |
سـيُـعـيـدُ الله كـلاً مـنـهـمُ | وسيَـجـزي فـاعـلاً ما قـد فَـعَـلْ |
إيْ بُنيَّ اسمعْ وصايا جَمعتْ حِكماً | خُصَّـتْ بـها خـيـرُ الـمِـلـلْ |
أُطْـلُب العِـلـمَ ولا تكـسَـلْ فـما | أبـعـدَ الخـيـرَ عـلى أهـلِ الـكَـسَـلْ |
واحتـفـلْ للـفـقـهِ فـي الـدِّيـن ولا | تشـتـغـلْ عـنـهُ بـمـالٍ وخَـوَلْ |
واهجـرِ الـنَّـومَ وحـصِّلهُ فـمنْ | يعـرفِ المطلـوبَ يحقـرْ ما بَـذَلْ |
لا تـقـلْ قـد ذهـبـتْ أربـابُـهُ | كـلُّ مـن سـارَ على الـدَّربِ وصـلْ |
فـي ازديـادِ العـلمِ إرغامُ الـعِـدى | وجـمالُ الـعـلـمِ إصـلاحُ الـعملْ |
جَـمِّــلِ المَنـطِـقَ بالـنَّـحـو فـمـنْ | يُـحـرَمِ الإعــرابَ بالنُّـطـقِ اختـبـلْ |
أُنـظُـمِ الـشِّعـرَ ولازمْ مـذهـبـي | فـي اِطَّـراحِ الـرَّفـد لا تـبـغِ النَّـحَـلْ |
فهـوَ عـنـوانٌ عـلـى الفـضـلِ وما | أحـسـنَ الـشـعرَ إذا لـم يُـبـتـذلْ |
مـاتَ أهـلُ الفضلِ لـم يبـقَ سـوى | مُقْـرِف أَوْ مَـنْ عَلَى الْأَصلِ اتَّكلْ |
أَنَا لاَ أختـارُ تـقـبـيـلَ يـدٍ | قَطْعُـهـا أجملُ من تـلكَ الـقُـبلْ |
إن جَزتني عَن مَدِيحِي صَرْتُ فِـي | رقِّها أَوَ لاَ فَيَكْـفِـيـنِي الْخَجَـلْ |
أعـذبُ الألـفاظِ قَـولي لـكَ خُـذْ | وأمَـرُّ اللـفظِ نُـطـقي بِـ لَعَـل |
مُلـكُ كسـرى تُغـني عنهُ كِـسـرةٌ | وعــنِ البـحـرِ اجـتـزاءٌ بـالـوَشـلْ |
اِعْـتَـبِـر نَحْنُ قَسَـمْـنَا بَيْـنَهُم | تـلـقهُ حـقاً وبـالحق نَـَزلْ |
لَيْسَ مَا يَحْوِي الْفَتَـى مِنْ عَزْمِهِ | لا ولا ما فاتَ يـوماً بالـكـسلْ |
اِطْرَحِ الـدُّنْـيَا فَمِنْ عَـادَاتِهَا | تَخْفِـضُ العاليْ وتُعلي مَـنْ سَفَـلْ |
عِيـشـةُ الـرَّاغِـبِ فِــي تَحْصِيـلِـهَا | عِـيـشَةُ الْـجَاهِـلِ فِـيـهَا أَوْ أَقَـلْ |
كَـمْ جَـهـولٍ بَاتَ فِـيـها مُـكْـثِـراً | وعَلـيـمٍ باتَ مِنْـهَا فِـي عِـلَـلْ |
كـمْ شـجـاعٍ لَمْ يَـنَـلْ فِيهَا المُـنَى | وَجَـبَانٍ نـالَ غَايَاتِ الْأَمَـلْ |
فَـاتْرُكِ الحِـيلَةَ فِـيهَا واتَّكِـلْ | إِنَّما الحِيـلَـةُ فِـي تَـرْكِ الْحِـيَـلْ |
أيُّ كـفٍّ لَمْ تـنـلْ مِنْهَا الـمُنَى | فَـرَمَاهَا اللهُ مِـنْـهُ بِالـشَّـلَلْ |
لاَ تَقُـلْ أَصْلِي وَفَصْلِي أَبَـداً | إِنَّما أَصْلُ الـفَـتَـى مَا قَـد حَـصَـلْ |
قــدْ يـسـودُ المَرءُ من دونِ أبٍ | وبِحُسْـنِ السَّبْـكِ قـدْ يُنقَـِى الـدَّغّـلْ |
إِنَّمَا الْوَرْدُ منَ الـشَّـوكِ وَمَا | يَنـبُـتُ النَّـرجـسُ إلا من بَصَلْ |
غَـيـرَ أَنِـي أَحْـمَـدُ اللهَ عَــلَى | نَـسَـبِـي إِذْ بِـأَبِـي بَـكْـر اتَّـصَـلْ |
قِـيـمَةُ الإنْــسَـانِ مَا يُـحـسـنُهُ | أَكْـثَـرَ الإنـسـانُ منـهُ أمْ أقَـلْ |
أُكـتـمِ الأمريـنِ فـقراً وغنـىً | واكسَب الفَلْسَ وحَاسِب مَن بَطَلْ |
وادَّرع جـداً وكـداً واجـتـنـبْ | صُحبةَ الحمقـى وأرباب الخَـلَلْ |
بـيـنَ تـبـذيـرٍ وبُـخلٍ رُتـبةٌ | وكِـلا هـذيـنِ إنْ زادَ قَـتَـلْ |
لا تخُضْ فـي حـق سـادات مَضَـوا | إنـهـم لـيـسـوا بـأهـلِ للـزَّلَـلْ |
وتغـاضَ عـن أمورٍ إنه لم | يــفُــزْ بالـحمـدِ إلا مـن غَـفَـلْ |
ليـسَ يخلـو المـرءُ مِـنْ ضـدٍّ ولَـو | حاولَ العُـزلةَ فـي راسِ الجـبَـلْ |
مِـلْ عـن النَـمَّامِ وازجُـرُهُ فـما | بـلّغَ الـمكـروهَ إلا من نَـقَـلْ |
دارِ جارَ الـسُّــوءِ بالـصَّـبـرِ وإنْ | لـمْ تجـدْ صبـراً فما أحلى النُّـقَـلْ |
جـانِـبِ السُّلـطانَ واحـذرْ بطـشَـهُ | لا تُـعـانِــدْ مَـنْ إذا قـالَ فَـعَـلْ |
لا تَـلِ الأحـكامَ إنْ هُـمْ سـألوا | رغـبـةً فـيـكَ وخالفْ مَــنْ عَـذَلْ |
إنَّ نـصـفَ الـنـاسِ أعـداءٌ لمـنْ | ولـيَ الأحـكامَ هـذا إن عَـدَلْ |
فهـو كالمحـبـوسِ عـن لـذَّاتـهِ | وكِـلا كفّـيـه فـي الـحـشـر تُـغَـلْ |
إنَّ للنقـصِ والاستثقـالِ فـي لفظـةِ | الـقاضـي لَـوَعظا أو مَـثَـلْ |
لا تُــــواز لــــذةُ الـحُـكــمِ بــمــا | ذاقَهُ الشخصُ إذا الشخـصُ انعـزلْ |
فـالولاياتُ وإن طابـتْ لمـنْ | ذاقَـهـا فـالـسُّـمُّ فـي ذاكَ الـعَـسَـلْ |
نَـصَـبُ المنـصِـبِ أوهـى جَـلَـدي | وعـنائي مـن مُـداراةِ الـسَّـفـلْ |
قَـصِّـرِ الآمالَ فـي الـدنـيـا تـفُـزْ | فـدلـيـلُ العـقـلِ تـقـصيـرُ الأمـلْ |
إن مـنْ يطلـبهُ الموتُ عـلى | غِـرَّةٍ مـنه جـديـرٌ بـالـوَجَـلْ |
غِــبْ وزُرْ غِـبَّـاَ تـزِدْ حُـبَّاً فمنْ | أكثـرَ الـتَّردادَ أقـصاهُ الـمَلَـلْ |
لا يـضرُّ الـفضلَ إقـلالٌ كـما | لا يضرُّ الشمسَ إطباقُ الطَّـفَـلْ |
خُـذْ بنصلِ السَّيـفِ واتـركْ غِـمدهُ | واعتبـرْ فضلَ الفتى دونَ الحُـلُلْ |
حُـبّـكَ الأوطانَ عجـزٌ ظاهـرٌ | فاغـتـربْ تـلـقَ عـن الأهـلِ بَـدَلْ |
فـبـمُـكـثِ الماءِ يـبـقـى آسـناً | وسَـرى الـبـدرِ بـهِ الـبـدرُ اكتملْ |
أيُّـهـا الـعائـبُ قــولي عـبـثـاً | إن طـيـبَ الوردِ مؤذٍ للجُعَـلْ |
عَـدِّ عـن أسـهُـمِ قـولي واسْتَـتِـرْ | لا يُصيـبـنَّـكَ سهـمٌ مـن ثُـعَـلْ |
لا يـغـرَّنَّـكَ ليـنٌ مـن فـتـىً | إنَّ للحـيَّـاتِ ليـنـاً يُـعتـزلْ |
أنا مثـلُ الماءِ سهـلٌ سائـغٌ | ومتـى سَخـنَ آذى وقَـتَـلْ |
أنا كالـخـيـزور صعـبٌ كـسُّـرهُ | وهـو لدنٌ كيـفَ ما شئـتَ انفـتَـلْ |
غيـرَ أنّـي فـي زمانٍ مَـنْ يـكـنْ | فيه ذا مالٍ هـو المولَى الأجلّ |
واجبٌ عند الورى إكرامُهُ | وقليـلُ المالِ فيهـمْ يُـسْـتـقـلْ |
كلُّ أهلِ العـصـرِ غـمرٌ وأنا | منهمُ فـاتـرك تفاصيـلَ الجُمَل |
وصلاةُ اللهِ ربـي كُلّما | طَلَعَ الـشمسُ نهاراً وأفـلْ |
للذي حازَ العُـلى من هـاشمٍ | أحمـدَ المختـارِ من سادَ الأُوَلْ |
وعلى آلٍ وصحـبٍ سادةٍ | لـيـسَ فـيـهـمْ عاجـزٌ إلا بَـطَـلْ |