لعبة الأرقام

لعبة الأرقام

ما الفرق إن تقدم العمر بضع سنين، وماذا يحدث باستبدال صفر العشرين أو الثلاثين برقم آخر، لم تعد الاهتمامات ترقى للتغيير، وتمضي الأيام رتيبة متماثلة لا تتجاوز حلقات الزمن المتناسخة.

الوقت ماض وكان كل شيء ساكن في حياة الكثيرين، وما همهم سوى اجتياز تجارب زهيدة، أو إنشاء علاقات عابرة تنتهي بانتهاء المصلحة المادية.

الهمم العالية تراجعت، وأهل الصلاح أقصيوا جورا، وكل سفيه إمعة أو مرتش فاسد صار مسؤولا واعتلى منبرا.

ككل مرة تلوح المظهرية الجوفاء وتسترعي انتباه الغوغاء، وتساق وراء أوهام ومفاهيم جديدة بدعوى الإنفتاح والحداثة، حتى الأطفال لم يسلموا من هذا الادعاء الباطل، كما يحدث كل مرة ومع ظهور لعبة جديدة، مثل لعبة السبينر  وكذبة أنها تساعد في علاج إضطراب نقص الإنتباه وفرط النشاط والقلق والتوحد، فهرعت إليها الجموع وكسبت شعبية كبيرة، والحقيقة أنها مجرد مضيعة للوقت وتفاهة اخرى تضاف لرصيد اهتمامات الناشئة، فضلا عن انها رقم هام في سوق المال، فهي مرتفعة الثمن، وتزداد تكلفتها حسب نوع المعدن المستخدم ونوعية ملحقاتها المرفقة، إنها لعبة زيادة أرقام الأرصدة البنكية لبعضهم، زيادة أرقام نسبة البلاهة والتبعية لآخرين.

كل العجب في عدد التعليقات والكم الهائل من المعجبين، والتفاعل الكبير مع مواضيع لا قيمة لها، في مختلف الفضاءات من الفضاء الأزرق إلى الخيالي، ولا تعدو المادة المستساغة أن تكون من شاكلة قرد يرقص بنعل واحدة، وقد روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” إنَّ الشيطان يمشي في النعل الواحدة”.

لعلها خطوات الشيطان التي يتبعها الكثيرون والمؤمن كيس فطن يدرك انها معركة أزلية منذ خلق آدم، وصوراع الحق والباطل قائم لقيام الساعة، ومتماصل عبر كل الأزمان، الإختلاف يكمن في عدد مناصري كل فريق، ولكل امرء الخيار في نصرة أحدهما، ولا تغرنه كثرة اللاهثين وعدد التابعين، ولا يعرف الحق بالكثرة ولا يسمو الباطل بكثرة الأتباع، إنما قال تعالى :” وَيَمْحُ اللهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ (سورة الشورى/ الآية 24).

الحذر ..الحذر من لعبة الأرقام التي تنساق وراءها الجموع وتنخدع بالكثرة، وتثق بالعروض المتهافت عليها وكثرة الطلب، وتسلم من غير تمييز او تمحيص، فليس ما يعم يعني الأفضلية، فكثيرا ما يعم الفساد في البر والبحر، ولكن الخالق دائما ما يضع حدا للفساد، وقد نجى من ناى بنفسه ولم يكن من الهالكين.

536 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *