في كل مرة يتكرر السيناريو ذاته، ومنذ سنوات ولو اختلفت التسميات وأطراف الصراع تبقى الضحية واحدة، فقد زعموا أن هناك حربا أمريكية روسية قد تمتد لحرب عالمية ثالثة لكن المعركة لم تشتعل في ديارهما.
رأينا قتلى ودمارا بعيدا عنهما، فميدان الصراع أراضي المسلمين وممول الحرب أموال العرب طبعا، والأرواح التي تزهق من المسلمين، فعندما أرادت الولايات المتحدة الأمريكية الحد من النفوذ السوفياتي في أفغانستان استعانت بالسعودية لتجنيد المجاهدين وتمويل الحرب، ولما أرادت حماية الكيان الصهيوني والاستحواذ على ثروات العراق، استعملت إيران لتسهيل عملية الاحتلال ثم كلفتها بنشر الفوضى مستقوية بالطائفية المقيتة والاختلاف العرقي.
وهذه سوريا قد تحولت إلى ساحة معركة ومواجهة بين الغرب والشرق انطلاقا من مسيرات سلمية بدرعا غدت مواجهة حربية بين الجيش والشعب وتدخل الحزب الشيعي والمخابرات الإيرانية وروسيا وتركيا وأمريكا وفرنسا والقائمة طويلة، والهدف هو تشتيت الأمة الإسلامية وإضعافها وتبقى سوريا تحت ويلات الحرب.
الحرب واحدة في اليمن ولبنان وانقسمت السودان، وليبيا تقرع فيها طبول حرب ما فتئت تضع أوزارها لتشعل المنطقة برمتها، وهكذا كل مرة تستخرج الأوراق ذاتها وثيقة الطائفية وشهادة العرقية ونسخة الجهوية وغيرها كثر لزرع الشقاق والكراهية.
أفغانستان حققت استقلالها بعد نضال مرير، ومازال الغرب يحاول تدميرها بالوكالة ومن هنا وهناك يستمد وثائق ممولة لاشعال فتيل الحرب مجددا.
المستفيد الأول هو الغرب لأن الصراعات بعيدة عن دياره وشعوبه آمنة وتحي بسلام، يستفيد من بيع أسلحته لأطراف الصراع ويساهم في نهب ثروات البلدان، ويفتح أحضانه للنوابغ والعلماء للاستفادة منهم في حين تبقى ديار الإسلام مشتعلة، وقودها أرواح الأبرياء من العرب والعجم، وفي محاولة للضحك على الذقون تعقد مؤتمرات في جنيف وقمم في برلين، ويفخر القادة العرب بتلقيهم دعوة لحضورها ويتوهمون أنهم ذو شأن وقيمة، إنه الخذلان والمذلة لمن لم ينل من الوعامة غير الاسم وإلا كيف يكون الوضع الليبي رهينة دول غربية استعمارية لا تبحث إلا عن مصالحها وجدت في عمالة دول شقيقة مرتعا لها، ويتوهم البعض أن ديبلوماسيته أقوى من الدبابة والصاروخ فيجتمع بغيلان ترتدي طواقم أنيقة وربطات عنق وهي تصنع مشانق لتعدم الأبرياء.
اليوم نحن بحاجة للاستيقاظ من السبات العميق الذي شل الفكر، وأصابنا بالوهن وجعلنا نرضى زورا أن نلقي التهم ونتقاتل ونحن الأشقاء، ونعادي بعضنا، فقصفهم للمدنيين العزل شرعية دولية وموت مواطنيهم في حادث قطار يعد جريمة.
هم يدركون جيدا أن وحدة المسلمين في كل أنحاء العالم قوة، فيعملون على خلق النزاعات وزرع الفتنة ودعم الطائفية، وغيرها من القضايا المغلوطة.
هم بحاجة للثروات التي حبا الله بها المنطقة فيخططون ويمكرون لنهبها، ويعملون على ترك الشعوب مستهلكة تعتمد على ما يسوقونه من مشاكل وحلول مقننة حسب تشريعاتهم.
متى سيطرد المسلمون هذه الأوليغارشية عابرة الأوطان من أراضيهم لن يكون ذلك إلا إذا رجعوا لتوحيدهم الصحيح ووحدوا صفوفهم، فمتى نستفيق ونوقف التصفيق وسماع النعيق؟، هل نحن بحاجة لمن يذكرنا أننا أمة واحدة تاريحنا واحد، ومصيرنا مشترك، والأهم أن عقيدتنا واحدة.