مسرحية شريعة الغاب لأحمد شوقي

مسرحية شريعة الغاب لأحمد شوقي

شريعة الغاب مسرحية للشاعر أحمد شوقي، حيث يعرض فيها بأسلوب شيق وبسيط حوارا على ألسن الحيوانات، التي تتباحث فيما أصابها من وباء الطاعون، وتسعى لإيجاد المذنب الذي حل بسببه البلاء ليقدم قربانا، وبهذه التضحية سيرفع السخط عن الجميع وتعود الحياة طيبة كما كانت.

هذه المسرحية إسقاط على الواقع المعيش حيث يجد الظلمة والطغاة منافذ وأعذارا تبقيهم دائما تحت الحصانة، في حين يطبق القانون الصارم على الضعيف وإن غابت أدلة أدانته.

فالأسد الذي يمثل الحاكم، دعا لاجتماع مع حاشيته ومقربيه كذا الرعية، ومنهم النمر، الثعلب، الدب، الذئب، للنظر في تفشي مرض الطاعون في الغابة، وقال:

نحن اجتمعنا ها هنا  حتى نرى في أمرنا
حل بنا الطاعونالمرض الملعون
وقد رووا أن السلفقدما أسروا للخلف
أن الوباء يقربمن كل قوم أذنبوا
لكنهم إن أعرضواعنه يزول المرض
فلنعترف بما بدرمنا وماعنا استتر
ثم نضحي المفسداومن على الخلق اعتدى

النمر:

هذا هو الرأي الصوابيعيش مولانا الأسد

الثعلب:

كل سيبدي رأيهليرد عن أهل البلد

الأسد:

فإليكم يا قوم رأييإنه الرأي الصريح
كم من قتيل قد تركتعلى الفلاة ومن جريح
تركت خلفهم نساءعند أيتام تصيح
هل تحسبوني مذنبا؟

الثعلب:

بل أنت أهل للمديح
أقتل جميع الناسيا ملك الوحوش لنستريح

النمر:

أما أنا فلقد نشرتعلى جميع الأرض خوفا
أمضي إذا نزل الظلامفأخطف الأطفال خطفا
ولكم أتيت مظالما لاأستطيع لهن وصفا
هل تحسبوني مذنبا؟

الثعلب:

كلا .. ليس فضلك يخفى

الذئب:

أنا إن خرجت إلى الحقولوكانت الدنيا ظلاما
ورأيت أشخاصا كثارارحت ألتمس سلاما
لكن إذا أبصرتهممتفرقين غدوا عظاما
هل تحسبوني مذنبا؟

الثعلب:

لا والذي خلق الأناما

الدب:

إني أغير على المزارعآكلاً أثمارها
وإذا مررت بقريةخنقت يداي صغارها
وأفر إن بدت السيوفوأتقي أخطارها
هل ذاك فيّ مذمة؟

النمر :

حاشاك أن تختارها

الثعلب:

شر المنازل للفتىما ليس ينفع أو يضر
إن الشجاع إذا رأىخطرا يحيط به يفر
والآن مالك يا حمارلزمت صمتك مستريحا
ذي سكتة الجانييخاف إذا تكلم أن يبوحا

الذئب:

ماذا جنيت؟

الدب:

وما ارتكبت؟

الأسد:

هات رأيك لي صريحا؟

الحمار:

أنا ما جنيت ولست أذكرأن لي عملا قبيحا!

الثعلب:

إخرس!

الذئب:

متى أصبحت يا أدنى الورىفطنا فصيحا؟

الأسد:

دعه يقول لعل فيأقواله رأيا صحيحا

الحمار:

قد كنت يوما جائعا

(تبدأ الوحوش بالزئير بصوت منخفض ولكنه مسموع )

والليل يوشك أن يلوحا

والأرض تبعث حرها
ويكاد جسمي يسوحا

فمررت قرب الدير أشكو
في الفؤاد له جروحا

وتكاد رجلي أن تزل
وكاد جفني أن ينوحا

فوجدت عشبا ذابلا
في بعض ساحته طريحا

وتمثل الشيطان يغريني
ويبدو لي نصيحا

الثعلب: أأكلت منه؟

الحمار: نعم أكلت!
النمر: قد اعترفت.
الثعلب: كن الذبيحا!

الثعلب (يفتح كتابا ضخما ويقلب صفحاته):

إني سأرجع للشريعةكي أرى النص صريحا
من مس مال الوقففي قانوننا دمه أبيحا

الأسد:

هذا الذي جلب الوباء بأكلهمال الصوامع واستحل دماءنا
فخذوا احرقوه واجعلوا من جسمهلله قربانـــــا يكون شفاءنا

النمر: هيا!
الأسد: إسحبوه.
الذئب: أخرج بنا!

الدب: هيا بنا.
النمر: لا عاش شخص لا يريد هناءنا.

الثعلب:

إن الفتى إن كان ذا بطشمساوئه شريفة
لكن إذا كان الضعيففإن حجته ضعيفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!