مفهوم المؤسسة التربوية عند دوركايم
يرى دوركايم وهو من أبرز علماء الاتجاه الوظيفي أن المجتمع يستطيع البقاء فقط إذا وجد بين أعضائه درجة من التجانس والتكامل والنظام التربوي في المجتمع متمثلاً في المدرسة يعد أحد الركائز المهمة في دعم واستقرار مثل هذا التجانس وذلك بغرسه في الطفل منذ البداية الأولى للمدرسة قيم ومعايير المجتمع الضرورية لإحداث عملية التكامل الاجتماعي داخل البناء الاجتماعي ويرى دوركايم أن مهمة النظام التربوي في المجتمع هي دمج الأفراد في المجتمع وهو ما يطلق عليه دوركايم مفهوم التضامن الاجتماعي وحسب مفهوم دوركايم للتضامن الاجتماعي فإنه من خلال [ص-10] العملية التربوية فإن أفراد المجتمع يتشربون القيم الاجتماعية الإيجابية التي تغرس في نفوسهم قيم الانتماء الوطني ومشاعر الوحدة الوطنية التي تخلق التماثل الاجتماعي الضروري للمحافظة على بقاء الأمن والاستقرار في المجتمع.إن تناول نظرية بورديو في التربية، يستدعي الوقوف عند علبة مفاهيمية مترابطة، كمفهوم الحقل champ والرأسمال capital والآبيتوس Habitus بحيث يصعب الحديث عن مفهوم دون الآخر، ثم تحديد المسلمات الأساسية التي شكلت منطلق هذه النظرية، بصفتها جهازا متماسكا من المسلمات والفرضيات والمفاهيم، والقواعد والقوانين التي تستعمل من أجل تحليل وتفسير أجزاء معينة من الواقع\”.
مع الإشارة إلى أن هذه الأخيرة انبثقت ضمن مناخ فكري، ارتبط باتجاهات سوسيولوجية مختلفة في مرجعياتهاومنطلقاتها ومن ثم اختلاف رؤيتها للمؤسسة التعليمية:
– الاتجاه البنيوي الوظيفي:
تتحدد وظيفة النظام التربوي في التنشئة الاجتماعية للفرد وإعداده المهني لتسهيل إندماجه في المجتمع ( إميل دوركهايم، تالكوتبارسونز).
– الاتجاه الماركسي:
يرى أن التعليم يعيد إنتاج السيطرة أي إعادة إنتاج العلاقات الاقتصادية والاجتماعية السائدة في المجتمع، من خلال إعادة إنتاج المهارات اللازمة لكفاءة العمل، ثم نقل الإيديولوجية المسيطرة وإضفاء الشرعية عليها (ألتوسير).
– الاتجاه المنهجي الفرداني:
يخرج من إطار الجدل الماكروسوسيولوجي حول صلة المدرسة بالمجتمع إلى مجال ميكروسوسيولوجي من خلال تركيزه على مفهوم الفرد والاستراتيجيات الفردية ( رايمونبودون).
– الاتجاه البنيوي التكويني:
يعتبر النظام التربوي، بنية تتشكل من فاعلين ( أساتذة، بيداغوجيون، متمدرسون،…)، ينخرطون في تفاعل، يعبر عن علاقات القوة في تشكيلة اجتماعية معينة، ويساهم من خلال مفعوله الخاص في حفاظ الطبقات السائدة على وضعية سيطرتها، يقول بيير دونديران \” إن أحد الأبعاد الهامة لنظرية الفعل البيداغوجي عند \”بورديو\” و\”باسرون\” إن لم تكن محورها الأساسي، هو أن هذا الفعل لا يتحقق إلا إذا تمكن من إخفاء علاقات القوة التي تضمها وتحتويها، وإن السمة التحكمية لهذا الفعل يجب أن تزول وتظل متخفية، وإن الفعل البيداغوجي يجب أن يقدم لابسا لباس الشرعية\” .
بيد أن علاقات القوة هذه تعود إلى التاريخ الثقافي للفرد le passé culturel ، والذي يحدد موقعه ضمن الجماعة المتمدرسة، لا إلى الموهبة والجدارة كما يتداول داخل الخطاب التربوي، غالبا وهذا يتضح أكثر عند التطرق للمفاهيم الأساسية.