البارئ لغة واصطلاحا
اَلْبَارِئُ اسم فاعل من برَأَ وبرِئَ، ومعناه المتعافي من كل مرض والخالي من كل عيب، والمتخلص من التهمة والنائي عن الذنب والزلل.
اَلْبَارِئُ اسم من أسماء الله الحسنى ومعناه الموجد والخالق المنفرد بخلق جميع المخلوقات، المبدع للأشياء على غير مثال سابق، فبرأ بحكمته جميع البريات، وصوّر بإحكامه وحسن خَلْقه كل الوجود.
البارئ في القرآن الكريم
ورد اسم البَارِئ في القرآن الكريم في قوله تعالى: “هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ،هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى” (الحشر23-24).
كما جاء معرفا بالاضافة مرتين في قوله عزو جل:” وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ” (سورة البقرة/ الآية 54).
العلاقة بين اسمي الخالق والبارئ
اسم البارئ هو اسم مرتبط باسم الخالق، لأن الخلق والبرء صفتان متصلتان والفارق بينهما يسير ودقيق.
فإذا كان الخَلق هو التصميم والتقدير، فإن البرء هو التطبيق والإخراج.
وخلق الله سبحانه جل وعلا الإنسان وأوجده من العدم المطلق، والقول برأ الله الإنسان، فمعنى ذلك أنه استحدثه وأوجده في خِلْقَة تناسب المهمة والغاية التي خُلق من أجلها.
وحسب أقوال أهل العلم فقد حددوا التناسب بين الصفتين في:
1- البَارِئُ هُوَ المُوجِدُ والمُبْدِعُ، مِنْ بَرَأَ اللهُ الخَلْقَ إذا خَلَقَهم. وبِهَذَا يَكُونُ الاسْمُ مُشَابِهًا ومُرَادِفًا ب (الخَالِقِ).
2- البَارِئُ هُوَ الذِي فَصَلَ بَعْضَ الخَلْقِ عَنْ بَعْضٍ، أَيْ: مَيَّزَ بَعْضَه عَنْ بَعْضٍ، وأَنَّ أَصْلَهُ مِنَ البرءِ الذِي هُوَ القَطْعُ والفَصْلُ.
3- البَارِئُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّه تَعَالَى خَلَقَ الإِنسانَ مِنَ التُّرَابِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:” مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ ” ( سورة طه/الآية 55)، وأَنَّ أَصْلَهُ مِنَ البَرْي وَهُوَ التُّرَابِ.
4- وقد أضاف الزَّمَخْشَرِيُّ معنى آخر وهُوَ أَنَّ البَارِئُ من خَلَقَ الخَلْقَ برِيئًا مِنَ التَّفَاوُتِ:” مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ” (سورة الملك/ الآية 3)، أَيْ: خَلَقَهُم خَلْقًا مُسْتَويًا لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ ولا تَنَافُرٌ ولا نَقْصٌ ولا عَيْبٌ ولا خَلَلٌ أَبْرِيَاءَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.
إن الله عز وجل برأ خلقه على أكمل صورة وفي أحسن تقويم ومنتهى الاتقان على هذه الصورة المبدعة المذهلة التي ليس لها مثال سابق فسبحانه الخالق البارئ.