من هو الأصمعي راوية العرب؟

من هو الأصمعي راوية العرب؟

تقديم

الأصمعي أفصح أهل زمانه، ولسان العرب وحجة الأدب، نحوي لغوي أثرى الخزائن والمكتبات بالأشعار والأخبار والملح والنوادر، ولم يزل ذكره على مر الزمن.

تعريف الأصمعي

أبو سعيد عبد الملك بن قريب بن الملك بن علي بن أصمع، واشتهر بالأصمعي لنسبه المتصل ببني أصمع، ولد  عام 123هـ/ 740م بالبصرة في العراق، تتلمذ على يد علماء أشهر البصرة أمثال أبو عمرو بن العلاء وحمزة بن حبيب والكسائي وسفيان الثوري فأخذ عنهم علوم اللغة والفقه والحديث بعدما حفظ القرآن ودرس علومه.

كان شغوفا بالشعر، محبا للرواية ومنه سمي راوية العرب، ارتحل إلى البوادي طلبا للاستزادة من علوم اللغة والتواصل مع الأعراب الذين اشتهروا بالفصاحة ولم يخالط لسنهم عجمة أو كلام دخيل، فأخذ عنهم ونقل أخبارهم، وتعرف على أنسابهم، كما برع في علم الحيوان.

اشتهر الأصمعي بنباهته وسرعة بديهته وغزارة علمه، مما جعل الخليفة هارون الرشيد يستقدمه إلى بغداد ويوكل ه مهمة تعليم ولده الأمين، فأدبه وعلمه بأمانة حتى نبغ فأكرمه الخليفة وأجزل عليه العطاء، وانقلب حاله من بعد فقر إلى غنى.

توفي الأصمعي -رحمة الله عليه- في خلافة المأمون بالبصرة سنة 216هـ/831م، وقيل ما بين 211هـ و215هـ.

ترك الأصمعي عدة مؤلفات منها ما فقد ولم يعرف لها أثر، وبقي منها: خلق الإنسان، الأجناس، الإبل، الخيل، الشاه، الوحوش، الفارق، الأنواء، اشتقاق الأسماء، الأضداد، اللغات، نوادر الأعراب، فحولة الشعراء، والأصمعيات والذي يضم مختارات من الشعر العربي الفصيح.

من لطائف وطرائف الأصمعي

روايات الأصمعي لطيفة طريفة، بها من عجائب الأخبار وبديع الألفاظ وأجمل الأفكار ما يجعل السامع لا يمل ويريد المزيد منها، واشتهر منها الكثير مثل قصة قصيدة” صوت صفير البلبل” والتي اختلف في نسبتها إليه.

فيما يلي نقل لبعض روايات الأصمعي:

الأصمعي والفتى

يقول الأصمعي: بينما كنت أسير في البادية، إذ مررت بحجر مكتوب عليه هذا البيت من الشعر

أيا معشر العشاق بالله خَبِّروا  إذا حل عشق بالفتى كيف يصنعُ
فكتبت تحته بيتا للرد عليه
يداري هواه ثم يكتم سِرَّه ويخشع في كل الأمور ويخضعُ

وعدت في اليوم التالي وجدت تحته هذا البيت

كيف يداري والهوى قاتل الفتى وفي كل يوم قلبه يتقطعُ
كتبت تحته بيتا آخر
إذا لم يجد صبرًا لكتمان سرِّه فليس له شيء سوى الموت ينفعُ

ولما رجعت في اليوم الموالي وجدت شابا مسجى تحت الحجر  وهو ميت، وقد كتب البيتين التاليين

سمعنا أطعنا ثم متنا فبلِّغوا سلامي إلى من كان بالوصل يمنعُ
هنيئًا لأرباب النعيم نعيمهمْ وللعاشق المسكين ما يتجرعُ.

الأصمعي والأعرابي

قال الأصمعي: ذات يوم أتيت من مسجد البصرة، وبينما أنا في بعض السكك، إذ ظهر أعرابي جلف على قعود له ماسك السيف والقوس، فاقترب وسلم وقال لي: ممن الرجل؟.

  • قلت: أنا من بني الأصمع.
  • قال: الأصمعي؟
  • قلت: نعم.
  • قال: من أين أقبلت؟
  • قلت : من مكان يتلى فيه كلام الرحمن.
  • قال: للرحمن كلام يتلوه الآدميون؟
  • قلت: نعم.
  • قال: اتلُ منه.
  • فقلت: إنزل على قعودك.

فنزل وبدأت بقراءة سورة الذاريات، فلما وصلت لقول الله تعالى:” وفي السماء رزقكم وما توعدون”.

  • قال الرجل: يا أصمعي هذا كلام الرحمن؟
  • قلت له: أي والذي بعث محمدا بالحق إنه كلام أنزله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
  • قال لي : حسبك.

ثم قام الرجل إلى الناقة فنحرها وقام بتقطيعها بجلدها، وقال: ساعدني على تفريقها.

فقمنا بتفريقها على من أقبل وأدبر، ثم كسر السيف والقوس ووضعهما تحت رجليه.

وولى الرجل نحو البادية وهو يقول : ” وفي السماء رزقكم وما توعدون “.

يقول الأصمعي فأقبلت على نفسي لوماً، وقلت: لم تنتبه لما انتبه له الأعرابي.

الأعرابي والخياط

روى الأصمعي: كنت أسير في أحد شوارع الكوفة فإذا بأعرابي يحمل قطعة قماش، فسألني أن أدلّه على خياط قريب، فأخذته إلى خياط يُدعى زيداً، وكان أعور.

فقال الخياط: والله لأُخيطنّه خياطة لا تدري أقباء هو أم دراج.

فقال الأعرابيّ: والله لأقولن فيك شعراً لا تدري أمدحٌ هو أم هجاء.

فلما أتمّ الخياط الثوب أخذه الأعرابي ولم يعرف هل يلبسه على أنه قباء أم دراج؟، فقال في الخياط هذا البيت:

خَاطَ لي زَيْدٌ قِبَاء ليت عينيه سواء.
فلم يدر الخياط إن كان ذلك ثناء عليه أم ذم له.

476 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *