نبذة عن تاريخ الجزائر القديم والمعاصر

نبذة عن تاريخ الجزائر القديم والمعاصر

 تقديم

تعد الجزائر من أقدم البلدان التي أنشئت عليها أعرق الحضارات وأكثرها تطورا، ومثال ذلك حضارة كهوف الطاسيلي بولاية تمنراست حوالي 2000 كلم جنوب العاصمة، فضلا عن ما عثر عليه بموقع عين بوشريط في ولاية سطيف 300 كلم شرقا، وغيرها من الاكتشافات الأثرية التي تؤكد على أن المنطقة كانت آهله بالسكان قبل التاريخ، والشواهد توثق أنها مهد البشرية دون شك.

الجزائر ما قبل التاريخ

في عام 2018 م تم إدراج الموقع الأثري عين بوشريط ضمن فهرس المواقع النادرة  المصنفة في قائمة “مهد الإنسانية”، وذلك تبعا لاكتشاف أدوات حجرية وبقايا عظمية متحجرة لحيوانات منقرضة يعود تاريخها إلى 2.4 مليون سنة، مما يؤكد أن الجزائر من أقدم الأماكن التي عرفت التواجد البشري في شمال إفريقيا والعالم ككل.

للجزائر تاريخ طويل، مع الآثار القديمة من أبنية فخمة وضحمة مثل الأهرامات، جداريات وأدوات وحلي وغيرها من اللوازم التي استخدمها الإنسان القديم الذي ينتمي للمكان وأصله من شمال أفريقيا.

كانت هناك هجرات لقبائل فينقية قدمت برا عن طريق مصر إلى أن وصلت للجزائر، حسب ذكره المؤرخ البيزنطي بروكوبيوس القيسراني في كتابه حروب الواندال:” أمام ضغط الغزاة (قبائل) اليهود بقيادة يوشع بن نون عند غزوها أرض كنعان هاجرت القبائل الكنعانية إلى مصر… واصلت سيرها غربا واستقرت في كل دول شمال افريقيا… وخلدت تلك القبائل نقش تاريخي وُجد بالقرب من مدينة وتسمى سابقاً تيجسيس (tigisis) غرب ولاية أم البواقي، وهو عبارة عن عمودين رخاميين مكتوب عليهما بالفينيقية”.

وأشهر المدن التي أسسها الفينقيون بالجزائر: روسيكاد المعروفة باسم سكيكدة، إكوزيم وهو أول اسم لـمدينة الجزائر الحالية، إيول وهي مدينة شرشال الحالية، و قيرطا الإسم الفينقي والأصلي لمدينة  قسنطينة، كولو  الشهيرة بالقل، هيبوريجيوس ويقصد بها عنابة، إجيلجلي أي جيجل.. إلخ.

دخل الرومان إلى الجزائر كمستعمرين، وحتى لا يدخلوا في حرب مع السكان الأصليين عملوا على كسب ودهم عن طريق استمالة العائلات الثرية ذات النفوذ في المنطقة، وبدؤوا في تشييد مستوطناتهم ومن بينها مدينة تيمقاد التي تبعد بـ 36 كلم شرق ولاية باتنة الجزائرية، وكان يسميها الرومانيون “تاموقادي” ويُقال أنها تعني الرخاء والهناء باللاتينية، ولكن بالبحث عن أصول الكلمة تبين أنه لا يوجد ما يوافقها في القاموس اللاتيني وقد قيل معناها أثرياء البربر، ولكن بالبحث اتضح أنها تحريف لكلمة أمازيغية “تاموغادي” المركبة من لفظين أولهما تامو ويعني حزمة العشب وغادي معناه هنالك أي حزمة العشب هناك كإشارة لاخضرار البقعة الجغرافية، كما تشير مصادر أخرى أنها تعني القمة.

ثم جاء الغزو الروماني بعد عام 202 ق.م. أصبحت مدينة جيه سي مدينة مهمة تحت حكم أباطرتها ، ومن المحتمل أنها دمرت جزئيًا بعد غزو الوندال. بعد أن تم التنازل عنها إلى روما ثم ضمها إلى الإمبراطورية البيزنطية ، يبدو أن مدينة الجزائر القديمة فقدت كل دور خلال القرن البيزنطي الأخير وفي بداية العصر الإسلامي. أما بالنسبة لغالبية المدن البحرية في المغرب العربي الأوسط ، فإن تاريخ الجزائر العاصمة غير معروف حتى منتصف القرن العاشر ، عندما أعاد بولكين ، ابن الزعيم القوي لسنهاجة وسط الجزائر ، تأسيس المدينة في العصر الفاطمي. أعيدت تسميتها باسم ثاثير بني مزغنة ، وقد مرت المدينة تحت سيطرة أمراء البربر في سنهاجة ثم حكمها من القرن الحادي عشر أفراد من سلالة حمادي. سيطر المرابطون عليها في نهاية القرن الحادي عشر ، وأصبحت بعد سنوات قليلة واحدة من أهم مدن الحماديين. غزاها جيوش الموحدين ، وشهدت الحروب التي عارضت خلفاء مراكش ضد بني غانية من مايوركا. قضية رئيسية في النضالات التي عارضت الحفصيين والزيانيين والمرينيين ، سيطرت على المدينة أخيرًا وتديرها قبيلة التاعليبة ، وهي قبيلة عربية تسللت إلى متيجة في القرن الثاني عشر ، حتى استولى عريج على المدينة.

فمثلا  أنشأ  الكنعانيون الفينيقيون مدينة قسينطينة وسموها  قِيرطا ومعناها بالفينقية “المدينة” ومنها جاء اسم القرية، ثم  سجلها الرومان باسم سيرتا لأنه لا يوجد باللغة اليونانية حرف القاف.

وقد بلغ النفوذ الفينقي أوجه في مناطق كثيرة من الجزائر ففي القرن الخامس الميلادي كتب القديس المسيحي أوغستين عن سكان عنابة والمناطق المحيطة بها ، فيقول ” حينما اسأل الفلاحين القاطينين بالمنطقة عن أصلهم فيقولون أنهم فينيقيون من بلاد كنعان  ” (أكسبوزيتو أد روم 13) ، جاء هذا بعد سقوط قرطاج بأكثر من سبعة قرون بيد الرومان مما يعني أن الوجود الفينقي كان مستمرا وقويا في العديد من مناطق شمال افريقية حتى بعد سقوط دولتهم ( قرطاج) بيد أعدائهم ( الرومان) وتواصل حتى نهاية الفترة الرومانية ، فالفلاحين حينها  الساكنين في هيبو ريجيوس “عنابة” (شرق الجزائر) كانوا مايزالون محافظين على أصولهم الكنعانية الفينيقية و يتكلمون بلغة قرطاج رغم أن دولتهم سقطت قبل ما يزيد عن 600 عام.

وقد اهتم الرومان بزيادة الإنتاج الفلاحي، وهو النشاط الأول لسكان المنطقة كما حظيت الصناعة بعناية خاصة، وغدت روما تستفيد من المحاصيل الزراعية المنتجة مثل: الحبوب والفواكه، وكذا الحيوانات والمنتجات الأخرى كالزيوت والأقمشة وهذا هو الهدف الرئيسي للرومان بتحقيق مصالحهم وفك الأزمة الاقتصادية التي كانوا يعانون منها في أرضهم الأم.

الجزائر بعد الميلاد

مع بداية القرن الخامس للميلاد بدأ الرومان يفقدون مراكز قوتهم وتراجع نفوذهم في عدة مواقع بسبب هجمات الوندال.

في عام 430 م قام الوندال بغزو المدن الرّومانية في الجزائر الواحدة تلو الأخرى ومن بينها تيمقاد، وألحقوا بها الدمار والخراب، إلى أن جاء البيزنطيون وبسطوا نفوذهم على المنطقة وطردوا الونداليين ثم استولوا على ما تبقى فيها، وقاموا ببناء قلعتهم على أنقاض أحد المعابد الرومانية الكبرى.

لم يرض السكان الأصليون بوجود الغزاة على أراضيهم وقاموا بعدة ثورات ضدهم ولو كان الظاهر أن التعايش مع الرومان ميَّز فترة احتلالهم للموقع.

في البداية لم يعرف الأمازيغ حقيقة الدين الجديد الوافد عليهم ولا المشروع الحضاري الذي حمله الفاتحون معهم، جراء التضليل الذي كان يمارسه أصحاب الأطماع في الزعامة والنفوذ السياسي وتحقيق الثراء والمكانة الاجتماعية التي سيفقدونها إن امتثلوا لدين المساواة والعدل ومبدأـ التفاضل على أساس التقوى، وأكثرهم الملوك وأصحاب الطبقة الحاكمة والأثرياء، مما أدى لوجود مقاومة ونشوب حروب لمدة طويلة انتهت لصالح المسلمين بانضمام أغلب القبائل إليهم بعد دخولهم الإسلام طوعا، ونبذا لمعتقداتهم الباطلة سابقا، فاندمجوا مع الجيش الإسلامي بل صار منهم قادة له أمثال القائد العظيم طارق بن زياد –رحمة الله عليه-  فاتح الأندلس ليكون عهدا جديدا بعيدا عن سيطرة الفينيقيين والرومان والوندال والبيزنطيين.

أسس المسلمون بعيدا عن النظام القبلي والعصبية حضارة إنسانية مزدهرة اهتمت بالعلم والعمل وأنشأت معالم دينية ثقافية وعلمية وتركت عمارة رفيعة، فبعدما حمل الفاتح عقبة بن نافع –رحمة الله عليه- الإسلام للبلاد سعى الوالي أبو المهاجر دينار – طيب الله ثراه وخلد ذكراه- بمرونته ورفقه إلى نشر تعاليم دين الحق، فأسلم عدد كبير من الأمازيغ لتصير أرض الشمال الإفريقي حاضنة مجتمع إسلامي بامتياز من أبنائه علماء ومفكرين بارزين لعبوا دورا هاما في التطور الحضاري وخدمة البشرية.

الجزائر في ظل الخلافة العثمانية

بعد سقوط غرناطة عام 1492م آخر حصون المسلمين في أوروبا، وهجرة سكانها إلى شمال إفريقيا هاجمت القوات الإسبانية الجزائر، فطالب أهل البلد نصرة إخوانهم من المسلمين الأتراك، بعد نجدة الأخوين ” خير الدين وعروج بارباروس” لصد هجمات الغزاة من إسبان وبرتغال، حيث استقبلا بحفاوة الشيخ سالم التومي قائد قبيلة الثعالبة، وأمير مدينة الجزائر في بداية القرن السادس عشر، واستبسل الحكام العثمانيون في الدفاع عن أرض الجزائر أمثال حسن باشا بن خير الدين بربروس صاحب مدفع بابا مرزوق الذي نصبه في البحر وقذف به سفراء الدول، عد أحد معالم الجهاد البحري المقدس.

في ظل الخلافة العثمانية عاشت الجزائر رقيا وتطورا على كل المستويات المادية والروحية، ومازالت القصور العثمانية شاهدة على ذلك، فضلا عن الانجازات العظيمة إذ تشير المصادر التاريخية أن نسبة الأمية في العهد العثماني بلغت 0 بالمئة، أي أن كل الشعب كان يحسن القراءة والكتابة.

كانت الجزائر آنذاك سيدة البحر المتوسط تفرض الأتاوات على السفن التي عقدت اتفاقيات سلم لحماية أساطيلها، وبعد سلسلة من المعارك الضارية وتوسع الحملات الصليبية، وبعد وقوع معركة نافارين عام 1827م، التي خاضها الأسطول العثماني والجزائري والمصري، ضد الأساطيل الفرنسية والبريطانية والروسية، وانهزم المسلمون في خليج نافارين جنوب غرب اليونان، وتدمر الأسطول الجزائري تماما كانت بوادر الاستعمار الفرنسي تتراءى عن قرب.

الاحتلال الفرنسي للجزائر

استغلت فرنسا حادثة المروحة عام 1827م كذريعة للغزو العسكري، حيث اعتبرت أن طريقة تعامل الداي حسين مع قنصل فرنسا دوفال وضربه على وجهه بمروحة يده ثلاث مرات، كاستنكار لتجاهل القنصل سؤال الداي عن الديون الفرنسية المستحقة للجزائر، ففرضت فرنسا حصاراً لمدة 3 أعوام، إلى أن دخلت رسميا لميناء سيدي فرج، يوم 05 يوليو/تموز عام 1930م.

سعت فرنسا لطمس هوية الشعب الجزائري ومحاربة الإسلام ونشر الصليبية بحملات تنصير ممنهجة، ونهب خيرات البلاد، فاستباحت في ذلك كل السبل ارتكاب الجرائم وحرق الأراضي والإبادات الجماعية، واستعمال الأسلحة المحظورة، لكن ذلك لم يثن الجزائريين الأحرار عن محاربتها وخوض ثورات عديدة بقيادة وعماء القبائل وعلمائهم، منها ثورة عبدالقادر بن محيي الدين عام 1832م، مقاومة أحمد باي في منطقة قسنطينة عام 1837م، ثورة محمد بن عبد الله بومعزة عام 1854م، ثورة الزعاطشة 1848م، مقاومة الأغواط وتقرت 1852م، ثورة القبائل1851م (لالة فاطمة نسومر، الشيخ المقراني و الشيخ الحداد)، ثورة الشمال القسنطيني عام 1871م، ثورة بوعمامة 1881م، مقاومة الطوارق 1881م، وغيرها من الثورات العظيمة إلى غاية قيام ثورة أول نـوفـمـبـــــر 1954م حيث أعلن الجهاد العام لتحرير كامل التراب الجزائري من قبضة المستعمر الفرنسي.

جذير بالذكر أنه خلال فترة التواجد الفرنسي في الجزائر ظهر التيار الإصلاحي بقيادة العلامة الجليل عبدالحميد بن باديس، حيث عكف على تأسيس مكتب للتعليم الابتدائي العربي عام 1926م، لتمهد لظهور مدرسة جمعية التربية والتعليم الإسلامية عام 1930، وهي الجمعية التي أضحى لها نحو 170 فرعاً في مختلف أنحاء البلاد.

استقلال الجزائر

 في 05 يوليو/تموز عام 1962م، تحررت الجزائر رسميا  وأعلنت استقلالها بفضل الله تعالى ثم تضحيات شعبها بكل ما لديه، وصارت الجظائر دولة مستقلة دينها اللإسلام واللغة العربية لغتها الرسمية.

في 15 أكتوبر/ تشرين الأول 1963م، صار أحمد بن بلة الأمين العام لجبهة التحرير الوطني أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال.

504 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *