نعمة اسمها التسامح

نعمة اسمها التسامح

الصفح والغفران، وعفو الله عن عباده، نعمة عظيمة لا تنتهي، يحظى بها المسلم عند لجوئه بصدق لخالقه، فقد قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم –:” للهُ أشدُّ فرحًا بِتَوْبَة عبدِه المُؤْمِن من رجُلٍ في أرضٍ دوِّيَّةٍ مهلِكة، معه راحلَتُه عليها طعامُه وشرابُه، فنامَ فاستيقظَ وقد ذهبَت، فطلبَها حتى أدركَه العطش، ثم قال: أرجعُ إلى مكاني الذي كنتُ فيه فأنامُ حتى أموت، فوضعَ رأسَه على ساعِدِه ليموت، فاستيقظَ وعنده راحِلتُه وعليها زادُه وطعامُه وشرابُه، فالله أشدُّ فرحًا بتوبة العبدِ المؤمن من هذا براحلتِه وزادِه”.

ومن كرمه جل وعلا أن له في كل ليلة من رمضان عتقاء من النار، تغلق أبواب جهنم وتفتح دونها أبواب الجنة فيكون العبد قريبا من ربه ليطلب مغفرته وعفوه، وهو الضعيف الذي لا حول له ولا قوة ويسر أمره لما خلق له.

فكيف إذن بالعبد لا يتسامح لبلوغ درجة أسمى؟ لماذا للضغائن والأحقاد دائما نصيبا بالقلب؟ إنها المظالم التي تأخذ حظا في تأجيج نار الخلاف والفرقة، ورد حقوق الناس والتحلل من مالهم وأعراضهم وأنفسهم سيجدد الحياة ويبعث روح المودة من جديد بين أفراد الأسرة الواحدة وهكذا المجتمع ككل، حيث يتنازل كل واحد عن عناده ويتراجع عن خطئه وتعنته، ويدرك حق الغير المعنوي والمادي، فيتصالح الزوجان ويتسامح الآباء والأبناء وكذا بقية الأفراد مهما اختلفت درجة قرابتهم ونسبهم.. وتعاملاتهم، فالحقوق محفوظة وشرعة الإيمان لم تغفل أيا منها.
ولو احتكم المرء لقليل من التسامح لما حاد عن جادة الصواب، وسيجد لذة هذا الخلق الكريم في نفسه ومع من حوله، سيتمتع بالدعة والسكينة والسلام مع الذات والآخر، والأهم من ذلك سينال ثواب الآخرة والدنيا، لأن الله عز وجل يرجئ أعمال المتخاصمين إلى أن يتصالحوا فيرفعها، وعليه فالتسامح سيكون جسرا ممهدا لمرور صالح الأعمال وقبولها.

كيف لقلب يحفظ لاإله إلا الله أن يستسمح ويسامح، ليستبشر بالخير، هذه الجملة العظيمة بقوتها تهون كل مصاب، وتطفئ نار الغضب والغل، فالحمد لله على نعمة التسامح  التي يتجاهلها الكثيرون، ومن قبلها الحمدلله على نعمة الإسلام وكفى بها أعظم نعمة.

256 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *