شعارات جوفاء، أقوال سطحية مخالفة تماما للأفعال، حيث أن الحرية، المساواة والإخاء، مصطلحات لا تتوافق تعريفاتها في المعاجم مع ما يجري على أرض الواقع، أين يعيش أناس تجردوا من كل النوازع البشرية، لا يملكون أيا من القيم الإنسانية، إنهم القتلة الذين سيشهد التاريخ أنهم كانوا رؤساء عصابات أكثر منهم رؤساء دول، يقصفون يدمرون ويقتلون، وبعدها يتباحثون ويتساءلون عن ماهية الإرهاب؟.
هم من يتخاذل الإجرام أمام بشاعة أفعالهم وشناعتها ثم يسعون لإيجاد حلول لمكافحة الجريمة، يجعلون الآخر ناقما عليهم ويتفاجؤون إذ ما استهدفهم، لا يراعون أية شرعة ويخترقون كل قانون إلهي أو وضعي لا يخدم مصالحهم الضيقة، بزعم ضمان حرية الأديان والعمل على السير الحسن للقانون، حقا هي مأساة هذا العصر التي أوجدتها غيلان بطواقم رسمية وربطات عنق فاخرة، تحضر مؤتمرات وتعقد قمما دولية، وتتباحث في قضايا هامة وتوقع قرارات مصيرية.
المحتويات
دول كبرى ومصائب أكبر
دول كبرى تحمل لواء العدالة وتسعى لتوطيد سيادة القانون والديمقراطية فهي، فهي اليد السخية المانحة لمساعدات التنمية في العالم، لتمويل المشاريع الإنسانية وتطوير البنى التحتية فضلا عن تحقيق الرعاية الصحية والتعليم، كما أنها تتدخل عسكريا لمساعدة العديد من الدول في مواجهة الجماعات الإسلامية المسلحة التي تهدد الأمن والاستقرار، هذه هي الصورة النمطية التي يسعى الغرب لترويجها، ولو عن طريق شراء الذمم ودعم إعلام مأجور بدعاية مغرضة وعمالة مفضوحة، فوراء هذه الادعاءات حقيقة مطموسة، وهي النهب والسلب والاحتفاظها بالنفوذ السياسي والاقتصادي وحتى العقائدي في مستعمرات قديمة لم تنل من استقلالها سوى الاسم.
إقرأ أيضا:تميز اللغة العربية عن باقي اللغاتالغرب الإمبريالي لم يتغير، ولو ارتدى زيا جديدا وضع بعض المساحيق التجميلية، يبقى ذاك المستعمر الغاشم الذي يقوم بجرائم ضد الإنسانية ويسعى لاستعباد أناس ولدوا أحرارا، غير تلك الحرية التي يدعو إليها ويختزلتها في العري والانحلال ودعم جنس ثالث، بعدما قطع شوطا كبيرا للتغلب على المعتقدات السائدة والتي كانت تدعو للحشمة والتحفظ في كل الديانات، لكن ما يروج له اليوم وغذا ومتفقا عليه، هو أن المجون والضلال سيرفع شأن من لا قيمة له وليت الأمر توقف عند ذلك بل امتد ليعتدي على الآخر، كما حدث مع حظر النقاب واضطهاد المحجبات في المدارس والجامعات وأماكن العمل ليصل إلى شاطئ البحر، فأي منطق هذا الذي يعاقب المحتشمة ويفرض عليها غرامات مالية ويهلل للمتكشفة حقا إنها أجساد تمتهن بلا عوض أو ثمن في بلدان الحريات المزعومة.
ما يلاقيه المسلمون في محتلف أنحاء العالم يؤكد أنهم الفئة الأكثر تضررا واضطهادا، في ظل أنظمة متصنعة وتدعي الديمقراطية إلا أنها نالت درجة الامتياز في التخلف والهمجية ووجد من هجمات 11 سبتمبر/ أيلول أحسن مطية للتغطية على كل التجاوزات وتذكية نار الإسلامو فوبيا.
الضوء الأخضر بعد هذه الهجمات سمح بكل محظور، وأزهق ملايين الأرواح بلا ذنب، ودمر بلدانا بكاملها، وغير وجه العالم، فكذب من قال أن الغرب من تضرر منها، إنما المتضرر الأول هم المسلمون الذين تم إلصاق تهمة الإرهاب بهم، وتعليم جوازات أسفارهم، واضطهادهم في الشرق والغرب، وتسليط كل أنواع الظلم عليهم، وإذ ما ارتفع صوت واحد لنصرتهم سارع بواكي برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك للنواح والعويل، واستذكار الضحايا وأهاليهم، إذ لا يجب التغافل أو التناسي أنهم بشر وغيرهم حجر.
إقرأ أيضا:ولو أن روسيا كانت انفردت بالعالم لأهلكته ..مع كل ما ينشره الإعلام الغربي من ادعاءات إلا أن هجمات 11 سبتمبر تسببت في زيادة عدد الجرائم ضد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي أوروبا وصاروا المستهدف الأول على مستوى مختلف المؤسسات.
تضليل .. كذب ونفاق سياسي
حكومات تشهر العداء للإسلام بزعم الرهاب الإسلامي، وتجد في العلمانية ضالتها، وتعتمدها كأساس للجمهوريات الحديثة، وتؤكد أنه لا يحق لها التدخل فيما يخص أي دين، ولو حتى بتنظيمه من أجل تسهيل التواصل الحكومي مع أتباع هذا الدين، لكن يبقى هذا البند مجرد حبر على ورق، وكلمات للاستهلاك الإعلامي، فهي لا تفوت أي فرصة لمحاربة الإسلام والإساءة لمقدساته ولو بالتعرض للنبي محمد صلى الله عليه.
مصطلحات دخيلة على المعتقد الصحيح ومنهج التوحيد مثل مصطلح الإسلام السياسي، الذي صار يتخذ حصة الأسد في أولويات الاستحقاق السياسي الغربي، ومن أجل ترسيخ الفكرة تم خلق جماعات وتنظيمات عميلة، منها داعش التي تتحرك تحت الطلب، ويغرر ببعض الشباب للانضمام إليها وليكون وقود حرب في ديار المسلمين لا غير، ولتشويه ثوار خرجوا لرد العدوان عن أراضيهم ودفع الغزاة ليوضع الجميع في سلة واحدة.
ومن أجل تنفيذ خطة مكافحة التطرف الإسلامي أعد الغربيون في مختبراتهم استراتيجية جاهزة للتنفيذ في الداخل والخارج، التضييق على المسلمين في الغرب (أماكن العمل، المدارس وحتى أماكن العبادة)، إعادة تنظيم عبادة المسلمين بمايتوافق مع مبادئ العلمانية والقوانين الغربية، الحد من جميع أنشطة المسلمين وفرض رقابة حكوميةصارمة عليها.
إقرأ أيضا:تقرير نهائي حول الدورة التكوينية بكلية اللغة العربية في موضوع علوم اللغة وتحليل النصوص
من أجل إسلام حداثي بمقاييس غربية
يسعى الغربيون لتغيير المعتقد السليم واستحداث إسلام جديد بمقاساته الخاصة، معذورون هم لأنهم جهلة لم يضئ نور الإسلام قلوبهم فظلت مليئة بالعتمة والضلال، ولم يروا أنه دين ودولة، متكامل لا نقص فيه وقد اكتمل على يد أعظم خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومحاولة تغيير ما فيه أو إضافة أشياء جديدة هو قدح في أمانة نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم.
أسموه الإسلام الراديكالي، يحذرون منه ويصفونه بشديد الخطورة لكونه يهدد مؤسسات الدولة لأنه سريع الانتشار ودائم التوغل، لذا يستحيل أن يسمح له بتسلم مقاليد الحكم حتى في أراضيه، وإنقلاب مصر العسكري المدعوم من الغرب شاهد حاضر، هنا لا توجد ديمقراطية ولا شرعية للصندوق، والمصويون قصر لا يعرفون ما يفعلون وجب تدخل العراب الغربي لتنصيب ديكتاتور عربي.
إنها محاولة فرض كيان جديد لا يستمد من الإسلام غير الاسم، يضم مجموعة من المنسلخين الذي يحملون شهادات ولديهم قابلبة للتعاون مع الغرب والتنسيق مع حكوماته المنفتحة، وإيجاد أحكام وتشريع جديد، فقطع يد السارق همجية والقصاص من القاتل إعتداء على حقوق الإنسان، وآن للعالم أن يعيش بسلام ووئام، في حين ينفذون هم حكم الإعدام بكل أريحية، وبقصفون المدنيين ومعهم الشرعية.
لكن كل هذا يبقى مجرد أوهام، ونار الإسلام فوبيا لا محالة ستخمد لأنها مجرد منظور غربي خاطئ، فدين الله يستحيل أن يتغير، وصبغة الله لا صبغة أحسن منها، والمسلم الصادق لا يهمه رضا أو غضب الغرب، ويعلم جيدا أن دينه رحمة وحكمة، وفيه حكم الإعدام والقطع والجلد، فإقامة الحدود معناه الحفاظ على طيب الحياة الذي لن تراه أي دولة تحكم غير شرع الله وتدعي حماية حقوق الإنسان بتعطيل حدوده أو محاربتها، كما أن أخلاق المسلم تتحدث عنه وليس بملزم على تلميع صورته لأنه غير مذنب، وما يحدث في العالم اليوم ليس سوى نتاج السياسة العرجاء للبلدان المعادية للإسلام، والتي لن تنجح يوما في مسعاها بالترهيب وإحلال الدمار في ديار المسلمين واضطهادهم على أراضيها ببساطة لأنها تحارب خير أمة أخرجت للناس، أمة فطمت على أن قوتها في دينها ولن ترضى له بديلا.
التعليقات معطلة.