تقديم
في عصر الرقمنة وفي ظل التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم خاصة في مجال الإعلام والإتصال، أصبح الحصول على المعلومة وتبادل المعارف والخبرات أمرا يسيرا وسريعا.
فلم تعد الحدود الجغرافية أو الحواجز الزمنية عائقا في تناقل المعرفة والعلوم وتنمية القطاعات على اختلاف مجالاتها وتخصصاتها بتقنيات متطورة وخطط عملية، حيث فتحت شبكة الأنترنت الباب واسعا أمام الدول والمؤسسات والأفراد للإفادة والإستفادة المحلية والعالمية.
وفي ظل التسابق إلى صناعة محتوى رقمي مؤثر تسعى كل المجتمعات لنشر ثقافتها وأفكارها أو تسويق منتجاتها وغيرها من الغايات، فما هو مركز العالم العربي في تقديم محتواه على الإنترنت؟
قيمة المحتوى العربي على الأنترنت
تشير الدراسات إلى أن اللغة العربية تحتل المركز الرابع من بين أكثر اللغات انتشارا في العالم وتتواجد في حوالي 66 دولة، وتقدر نسبة المتحدثين بما يقارب 7%من سكان الأرض، وعليه كان يجب لزاما صنع محتوى رقمي يرقى لهذه النسبة، لكن الواقع يؤكد أن ما تم إنتاجه من محتوى عربي يبقى ضئيلا مقارنة بالمحتويات الأخرى وتحديدا المحتوى الإنجليزي، إذ تعد اللغة الإنجليزية لغة التطور والتكنولوجيا فهي تحتل الصدارة على المستوى العالمي بنسبة 25% من سكان العالم الذين يتحدثون بها.
ولو كان الكم متخاذلا فالنوع لا يقل عنه، إذ يفتقر المحتوى العربي الرقمي للدقة والتخصص والمعايير العلمية، فأغلب ما يتم تداوله يفتقد للمصداقية، حيث تشهد مادتي العلوم والأدب ندرة كبيرة، وإن وجدتا تبقيان في زاوية العرض السريع والتحليل السطحي، من غير تأطير أكاديمي خارج قائمة البحث العلمي والدراسات المتخصصة.
مشاكل المحتوى العربي على الأنترنت
على الرغم من مكانة اللغة العربية وقدرتها على إنتاج محتوى مميز له بعد حضاري وقيمة علمية وأدبية إلا أن غياب المحتوى العربي ذي الجودة جلي، والنسبة الضئيلة المتوفرة منه تظل غير محمية، إذ لا يخضع المستخدمون لقيم الأمانة العلمية خاصة مع وجود قاعدة النسخ واللصق.
غياب قوانين لمراقبة المحتوى وحقوق الملكية في الوطن العربي جعلت من السرقة الإلكترونية سوقا نشطا ليل نهار، حيث يتم أخذ أعمال وثمرات جهد الآخرين ونسبته لأشخاص كل ما فعلوه سلب المادة الأصلية من مالكيها من غير ورع أو تورع.
ومثال ذلك موقع مجلة أحوال التعليم لرئيس تحريره بسام الغانم، حيث يعمد الموقع لسرقة المقالات مثل سلسلة حكايات كما يجب أن تروى حيث تم الإستيلاء على كل السلسلة ونشرها من غير ذكر المصدر أو إضافة اسم صحابها، وبعد التواصل معهم وتنبيههم لم يتم الرد وعلى الرغم من عدد الرسائل الهام التي تم توجيهها لهم كان التجاهل هو الجواب الوحيد وكأن ذلك تفوق وفي الحقيقة تبقى السرقة سرقة ولو كانت إلكترونية، وتبقى المظلمة قائمة.
وقد ساهم إقبال الجمهور على مواضيع دون المستوى في خلق فجوة كبيرة بين النشر الراقي والمتابعة، فعادة ما تتراجع المواقع التي تقدم محتوى معرفيا مفيدا، في حين تتصدر الواجهة مواقع أخبار الفن والفضائح والطبخ وغيرها من أخبار الجرائد الصفراء لتنال دعما يساهم في انتشارها واستمرارها رغم محتواها الضعيف نوعا وكما.
اهتمامات الجمهور صارت تفرض نوع المادة المقدمة، ولا يهم ما يدس فيها من تدليس وحقائق مغلوطة، أو عرض عناوين مبهرجة لمضمون هزيل، أو غياب التوافق بين العنوان والمحتوى، المهم أن يكون لها تأثيرا قويا، دون إغفال الأخطاء اللغوية بالجملة بعيدا عن البلاغة وروح الإبداع، فالبعض يعتمد الترجمة الحرفية من المواقع الأجنبية ليقدم مادة رديئة من حيث الصياغة يختل فحواها ولا يعكس حقيقته الأصيلة.
كما فرضت اللهجات المحلية منطقها، وصارت الكتابة باللغة العربية حرفيا فقط أما المعنى فيكون عاميا بلغة الشارع، وحتى المضمون يفتقد للمعايير الأخلاقية بكلمات نابية ومواد مخالفة شرعا وعرفا، فما يقدم بعيد عن الإيجابية ومقاييس الجودة والرقي.
كثرت المواقع وغابت المنافع
المحتوى الأصلي في تراجع وأغلب ما يقدم هو تكرار للمادة الرقمية، فبالبحث عن أي موضوع تكون النتائج عادة متماثلة، فمئات المواقع يمكنها أن تعيد نشر فكرة واحدة من غير تمحيص أو تعديل ولو كانت فكرة خاطئة، فمثلا باستعمال محرك البحث جوجل والبحث عن معنى كلمة معينة ستكون النتائج متطابقة، ومن موقع لآخر يتم تداول النسخة نفسها ولو لمعلومة خاطئة، إلا أنها سرعان ما تعرف طريقا للإنتشار وعلى نطاق واسع.
وعلى كثرة المواقع تراجعت المنافع، وبات الغث والهزيل يملؤ الفضاء الأزرق، مما انعكس سلبا على المواد المقدمة.
من أجل محتوى عربي مميز
يحتاج العالم العربي الرقمي إلى دعم كبير من أجل التقدم إلى مصاف الأوائل والتحول إلى إنتاج محتوى رقمي بمقاييس الجودة العالمية، وقد سعت عدة مواقع ومنصات إلى العمل بجد للرقي بمضمون ما ينشر ويعرض، ومنها موقع معين المعرفة الذي يعمل بجد للمساهمة في الرقي بالمحتوى العربي على الأنترنت، ونشاطه الرئيسي يتمحور حول بتقديم مواد معرفية نوعية ويتفرد بتقديم مواضيع جديدة وفريدة باعتماد مصادر موثوقة وتحت إشراف نخبة من الأكاديميين والخبراء، مع مراعاة كل الأخلاقيات المهنية للعمل الجاد والإحترافي القيم.
كما يمكن ملاحظة أن أزمة جائحة كورونا ساهمت بشكل كبير في زيادة المحتوى الرقمي، من خلال فتح منصات للتعليم عن بعد، وإقامة لقاءات علمية ومؤتمرات، فضلا عن تقديم خدمات تتناسب مع حاجيات المستخدمين على شبكة الأنترنت.
التعليقات
التعليقات مغلقة