جموع المسلمين في كل أنحاء المعمورة تهتف باسم صلاح الدين، القائد الناصر أبو المظفر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب، العسكري المحنك الذي بنى قاعدة للقوة الحقيقية، فأسس الدولة الأيوبية التي وحدت مصر والشام والحجاز واليمن، بعد أن قضى على العقائد الباطلة والفرق الضالة ونشر عقيدة أهل السنة والجماعة، كان رحمة الله عليه كثير التعظيم لشعائر الدين، فعرف الطريق الصحيح نحو النصر المبين.
نصر باتت الأمة تحن لراياته، ولا تجد سوى عبق الشوق يسير على ثرى مؤتى وحطين، ومن جرح لآخر تتألم الأمة بصمت على وهن، ولا تكف عن استذكار بطولات صلاح الدين، فيملأ الدمع مآقيها وهي تشهد الجريمة النكراء للأمريكان بحق العراق، وحرب فرنسا على مالي منارة العلوم الشرعية، إنها الأيادي الآثمة التي جنت على أعظم الحضارات وأعرقها، هي همجية الاستعمار الغاشم والذي صنع في الماضي مشاهد لا تقل وحشية وقسوة عن ما يحدث اليوم على أراضي المسلمين، والغزاة يرفعون السلاح في وجه العزل، ينحرون الأطفال، وينكلون بالشيوخ، وينهبون الثروات بجرم قبيح لا يغتفر.
وللأسف ..الشعوب التي ناضلت بثقة بالأمس وتسعى اليوم لمواصلة كفاحها غدت مكبلة داخل أوطان صارت سجونا كبيرة تبقيها بعيدة عن الكيان الصهيوني، هي شعوب لا ترضى المهانة والمذلة وتؤمن أن جرح الأمة واحد، أما الحدود الجغرافية والقيود السياسية ليست سوى خطة مدروسة لفرض سياسة فرق تسد، إنها السياسة التي يمد في عمرها الساسة المأجورون ويحميها حكام يحصنون وجودهم على كراسي اعتلوها بالانقلابات وتزوير الإرادة ولو على ظهر دبابة.
الإلهاء والمغالطات التي يجر إليها أبناء الأمة، ومحاولة تعظيم المحقرات كلها دعائم لحرب دنيئة ضد المعتقد الصحيح، لضعضة دعامة بناء جيل يراد به أن يكتفي بحفظ أسماء المغنيين ولاعبي كرة القدم وغيرهم من مشاهير الشاشة، ويسجل في ذاكرته كلمات الأغاني الهابطة وعبارات الغزل والمجون وصور الأفلام االإباحية، ومن مازال يناضل ويسعى لبعث روح هذه الأمة يضيق عليه ويرمى بتهمة الإرهاب بتدبير غربي ومباركة عربية.
يسعون قدما لضرب العقيدة في مقتل، بتغيير قناعات راسخة، ويمكرون لتبديد إيمان متجدر منذ 14 قرنا، واعتقادا لا يحتمل الشك أن الجهاد في سبيل الله فريضة، لدحر الغلاة المتعجرفين والوافدين المعتدين، أما وهم الحرية بتقديم تنازلات أو عقد مؤتمرات لخطط السلام والاستسلام وخرائط طريق ملغم هي جريمة أخرى أقبح وأنكر، ليست النصرة بالتطبيل والتزمير والرقص والتهليل، وإقامة حفلات تبدأ ببعض الأغاني الثورية والأناشيد الوطنية، ويختلط فيها الحابل بالنابل، ليس الحل بعقد سلسلة مؤتمرات في جنيف وبروكسل.
ما تحتاجه الأمة اليوم هو الرجوع لدين الحق، ففيه الخلاص الأكيد، وقد أدرك ذلك أحد الصحفيين الفرنسيين حينما كتب عن استقلال الجزائر:” لقد أخرجتنا المرأة المتدينة من الجزائر”، فردوا عليه:” إن الرجال في الخنادق هم من أخرجنا وليست النساء”، فقال:” إن المرأة المتدينة تحسن صناعة الرجال”.. فأين نساؤنا الحرائر ليصنعن رجالا ينجدون أقصانا ويحررون أراضينا؟.
حتى الأطفال يعطون دروسا وعبرا أكبر بكثير من أجسادهم الصغيرة، فصورة الطفل الذي لم يتجاوز العاشرة على أعتاب بيت المقدس وهو يحمل الحجارة ويطلقها كالصواريخ على جند الاحتلال الصهيوني المدججين بالأسلحة والخوذات الواقية والدروع شاهد آخر على أن في الأمة أمل كبير، رغم الحصار والدمار سيظل الصمود عنوان الديار، في حين لم ينطق ولو بكلمة واحدة زعماء ألفوا الرياسة والمال، ولم يتحرك أي من جيوشهم لوقف العدوان السافر على أقصانا المقدس، وظلت المقاومة وحدها شاهرة سيف القدس الأحد من سيف الحجاج.
أغلقوا الحدود ومولوا بني صهيون، وجعلوا التطبيع وسام شرف على صدور نفوسم الجبانة، وصمّوا أذانهم عن صرخات الثكالى ونداءات المستضعفين، والناس من حولهم لاهية، تتفاعل مع مرض فنان بالكوفيد-19، وزواج فلان بملكة جمال، وتنتظر تأهل مانشيستر يونيتد، وتتخاصم من أجل هدف نادي بايرن ميونيخ، وكأن الأمر يعنينا ويغنينا؟، في حين أن همومنا تجاوزت كل المؤشرات، وإن ثار أحدهم اكتفى بالنداء: يا صلاح الدين.. أين صلاح الدين؟
أمة الإسلام.. عهد المعجزات قد ولى لن يخرج إلينا صلاح الدين، ولو بقينا نهتف باسمه لمئات السنين، وفرضا خرج فحتما سيتساءل بحزن واستياء: أين الصلاح.. وأين الدين؟.. أين التزامكم بدين الحق يا مسلمين؟.. لماذا نسيتم يا إخوة الإيمان والعقيدة أن أمتنا أمة دين.
التعليقات معطلة.