فضل يوم الجمعة عيد المسلمين الأسبوعي

فضل يوم الجمعة عيد المسلمين الأسبوعي

تقديم

خص الله عز وجل في كتابه العزيز يوم الجمعة بقوله: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ“( سورة الجمعة الآية 9).
أما في السنة فقد وردت أحاديث كثيرة عن يوم الجمعة فعَنْ أبي هُِرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا ، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ”.أخرجه أحمد 2/401(9196) ومسلم3/6 .

يوم الجمعة وما جاء في فضائله

يوم الجمعة عيد أسبوعي للمسلمين، قد صحت تسميته عيداً عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:” إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين فمن جاء الجمعة فليغتسل.”

رواه ابن ماجه وصححه الألباني

وقال شيخ العارفين و طبيب القلوب العلامة ابن القيم: “الجمعة هو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة، وهو يوم عيد لهم في الدنيا”.

وقد عدد وشرح ابن القيم فضائل هذا اليوم في كتابه زاد المعاد  فهو سيد أيام الأسبوع، وأفضلها عند الله، وهو اليوم الذي أمرت الأمم بتعظيمه فضلوا عنه، وهدانا الله إليه، وله الحمد و المنة، فالناسُ لنا فيه تبع، اليهود غداً والنصارى بعد غد كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

في السماء والجنة يسمى يوم المزيد و فيه يدخل المقربون وفد الرحمن بعد صلاة الفجر على ربهم سبحانه بفضله ورحمته ونوره وإذنه كما يأمر و يريد جل وعلا و فيه الحسنى وزيادة فهو يوم المزيد يوم عيد عند أهل الجنة والسماء و يوم الجمعة يوم عيد عند أهل الأرض من عباد الله الموحدين المسلمين المؤمنين.

وجاء عن ابن القيم الجوزية في كتابه حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح في الصفحة : 268، روى أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” أتاني جبريل وفي كفه كالمرآة البيضاء يحملها فيها كالنكتة السوداء، فقلت : ما هذه التي في يدك يا جبريل ؟ فقال : هذه الجمعة ، قلت : وما الجمعة ؟ قال : لكم فيها خير كثير ، قلت : وما يكون لنا فيها ؟ قال : يكون عيدا لك ولقومك من بعدك ، ويكون اليهود والنصارى تبعا لك ، قلت : وما لنا فيها ؟ قال : لكم فيها ساعة لا يسأل الله عبد فيها شيئا هو له قسم إلا أعطاه إياه أو ليس له بقسم إلا ذُخِر له في آخرته ما هو أعظم منه ، قلت : ما هذه النكتة التي هي فيها ؟ قال : هي الساعة ، ونحن ندعوه يوم المزيد ، قلت : وما ذاك يا جبريل ؟ قال : إن ربك اتخذ في الجنة واديا فيه كثبان من مسك أبيض فإذا كان يوم الجمعة هبط من عليين على كرسيه فيحف الكرسي بكراسي من نور فيجيء النبيون حتى يجلسوا على تلك الكراسي ، ويحف الكراسي بمنابر من نور ومن ذهب مكللة بالجواهر ثم يجيء الصِّدِّيقون والشهداء حتى يجلسوا على تلك المنابر، ثم ينزل أهل الغرف من غرفهم حتى يجلسوا على تلك الكثبان، ثم يتجلى لهم عز وجل فيقول : أنا الذي صدقتكم وعدي وأتممت عليكم نعمتي وهذا محل كرامتي فسلوني، فيسألونه حتى تنتهي رغبتهم، فيفتح لهم في ذلك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وذلك بمقدار منصرفكم من الجمعة، ثم يرتفع على كرسيه عز وجل ويرتفع معه النبيون والصديقون ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم وهي لؤلؤة بيضاء و زبرجدة خضراء وياقوتة حمراء، غرفها وأبوابها وأنهارها مطردة فيها، وأزواجها وخدامها وثمارها متدليات فيها، فليسوا إلى شيء بأحوج منها إلى يوم الجمعة ليزدادوا نظرا إلى ربهم ويزدادوا منه كرامة. “

آداب يوم الجمعة

للجمعة آداب يجب مراعاتها وتعليمات وجب الالتزام بها فقد قال الله تعالى:” يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)” سورة الأعراف .

وآداب الجمعة هي:
1- الغسل والطيب ولبس أحين الثياب:

على المسلم أن يغتسل يوم الجمعة ويتطيب ويرتدي أحسن ما عنده من ثياب ، وورد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ ، وَالسِّوَاكُ ، وَيَمَسُّ مِنَ الطِّيبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ.” أخرجه أحمد 3/30(11270) .

وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ مِنَ الْحَقِّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَغْتَسِلَ أَحَدُهُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَأَنْ يَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كَانَ عِنْدَ أَهْلِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ طِيبٌ ، فَإِنَّ الْمَاءَ أَطْيَبُ.أخرجه أحمد 4/282(18680) والتِّرْمِذِيّ\” 528.


2- التبكير في قصد صلاة الجمعة:
فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضي الله عنه أنَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ قَعَدَتِ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، فَيَكْتُبُونَ النَّاسَ مَنْ جَاءَ مِنَ النَّاسِ عَلَى مَنَازِلِهِمْ فَرَجُلٌ قَدَّمَ جَزُورًا، وَرَجُلٌ قَدَّمَ بَقَرَةً، وَرَجُلٌ قَدَّمَ شَاةً، وَرَجُلٌ قَدَّمَ دَجَاجَةً، وَرَجُلٌ قَدَّمَ عُصْفُورًا، وَرَجُلٌ قَدَّمَ بَيْضَةً، قَالَ: فَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، وَجَلَسَ الإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، طُوِيَّتِ الصُّحُفُ، وَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ.” أخرجه أحمد 3/81(11791).
عَنْ أَوْسِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ، فَغَسَلَ أَحَدُكُمْ رَأْسَهُ ، وَاغْتَسَلَ ، ثُمَّ غَدَا وَابْتَكَرَ، ثُمَّ دَنَا فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ خَطَاهَا كَصِيَامِ سَنَةٍ وَقِيَامِ سَنَةٍ”.أخرجه أحمد 4/8(16261).
وعليه فالترغيب في التبكير واضح.
3- الصلاة ركعتين في المسجد :
عنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه يقول أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ ، فَقَالَ : “إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَقَدْ خَرَجَ الإِمَامُ ، فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ”.أخرجه أحمد 3/369(15022) و\”البُخَارِي\” (1170) و\”مسلم\” 3/14(1977).
وعَنْ جابر رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ:جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَقَعَدَ سُلَيْكٌ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : “أَرَكَعْتَ رَكْعَتَيْنِ ؟ قَالَ : لاَ ، قَالَ : قُمْ فَارْكَعْهُمَا”.أخرجه أحمد 3/363(14968).

4- الإفساح في الجلوس وعدم تخطي الناس:
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:”لاَ يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، ثُمَّ لِيُخَالِفْ إِلَى مَقْعَدِهِ فَيَقْعُدُ فِيهِ ، وَلَكِنْ يَقُولُ : افْسَحُوا.أخرجه أحمد 3/342(14741) و\”مسلم\” 7/10(5739).
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ؛ أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ ، فَجَعَلَ يَتَخَطَّى النَّاسَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : اجْلِسْ ، فَقَدْ آذَيْتَ وَآنَيْتَ.أخرجه ابن ماجة (1115).

5- حسن الاستماع للخطبة والابتعاد عن اللغو:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:” إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ : أَنْصِتْ ، فَقَدْ لَغَا”. أخرجه البُخاري934 ومسلم1918.
وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْب رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَبَارَكَ وَهُوَ قَائِمٌ فَذَكَّرَنَا بِأَيَّامِ اللهِ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ أَوْ أَبُو ذَرٍّ يَغْمِزُنِي ، فَقَالَ :” مَتَى أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ ؟ إِنِّي لَمْ أَسْمَعْهَا إِلاَّ الآنَ ؟.فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنِ اسْكُتْ ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالَ : سَأَلْتُكَ مَتَى أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ ، فَلَمْ تُخْبِرْنِي ، فَقَالَ أُبَيٌّ : لَيْسَ لَكَ مِنْ صَلاَتِكَ الْيَوْمَ إِلاَّ مَا لَغَوْتَ ، فَذَهَبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي قَالَ أُبَيٌّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :” صَدَقَ أُبَيٌّ”.أخرجه ابن ماجة (1111).

6- الإكثار من الذكر والدعاء وموافقة ساعة الاستجابة:
قال تعالى :”فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”. (سورة الجمعة الآية 10).
عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ قَالَ: قُلْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ إِنَّا لَنَجِدُ فِى كِتَابِ اللَّهِ فِى يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يُصَلِّى يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ قَضَى لَهُ حَاجَتَهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَأَشَارَ إِلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ بَعْضُ سَاعَةٍ فَقُلْتُ صَدَقْتَ أَوْ بَعْضُ سَاعَةٍ قُلْتُ أَىُّ سَاعَةٍ هِىَ قَالَ هِىَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ قُلْتُ إِنَّهَا لَيْسَتْ سَاعَةَ صَلاَةٍ قَالَ بَلَى إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا صَلَّى ثُمَّ جَلَسَ لاَ يَحْبِسُهُ إِلاَّ الصَّلاَةُ فَهُوَ فِى صَلاَةٍ. أخرجه أحمد 5/451(24189) و\”ابن ماجة\” 1139.

7- قراءة سورة الكهف:
عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين .سنن البيهقي الكبري(5792) حديث رقم : 6470 في صحيح الجامع.



8- فضل إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:” أَكْثِرُوا الصَّلاَةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فَإِنَّهُ مَشْهُودٌ تَشْهَدُهُ الْمَلاَئِكَةُ ، وَإِنَّ أَحَدًا لَنْ يُصَلِّيَ عَلَيَّ إِلاَّ عُرِضَتْ عَلَيَّ صَلاَتُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا.قَالَ : قُلْتُ : وَبَعْدَ الْمَوْتِ ؟ قَالَ : وَبَعْدَ الْمَوْتِ ، إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ ، فَنَبِيُّ اللهِ حَيٌّ يُرْزَقُ.”أخرجه ابن ماجة (1637).
اللهم صل وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه الأطهار.

414 مشاهدة