أطفال الشوارع ..مآس ومواجع

أطفال الشوارع ..مآس ومواجع

تقديم

   هم أطفال عاديون جدا وبسطاء أيضا وجدوا أنفسهم مشردين بلا سقف قار ولا مأوى آمن، فهم يعيشون حياة التشرد بكل معانيها، ومنهم من يشكلون مجموعات لتحدي مصاعب حياة البؤس طامحين لغد أفضل داخل بيت يؤويهم ويضمن لهم  تنشئة تبعدهم عن دائرة الانحراف والانغماس في الخطيئة خصوصا أن كل ما يحيط بهم يدعو إلى المحظور فلا شيء آمن في الشارع وكل خطر يبقى يحدق بمن يأوي إليه.

هي ظروف اجتماعية واقتصادية قاهرة دفعت بهم للوصول إلى هذه الحالة المزرية، فالعيش على رصيف الحياة أشبه بالموت ولعل الموت أرحم منه، فكيف سيكون حال من يصبح ويمسي في العراء والأدهى أنه طفل؟    

وحده الشارع ..والبديل مستحيل

رغم المعوقات والمشاكل والمخاطر التي تحويها الحياة في الشارع إلا أن هؤلاء الأطفال لم يجدوا عنه بديلا ليستيقظوا ويناموا على ضجيج السيارات ووقع أقدام المارة الذين اعتادوا على مناظر إقصاء وتهميش القصر رغم أنهم بشر فضلا عن اكتسابهم حق المواطنة في عالم عربي دينه الأول دين رعاية الحقوق المتبادلة التي ضاعت بضياع الأمانة، فالمآسي المتنقلة في شوارع العواصم الكبرى وأحيائها الداخلية صورة تتكرر يوميا من المشرق إلى المغرب وتزداد كثافة عاما بعد آخر.

ما ذنب أطفال لا يعرفون التمييز حتى يواجهوا ضنك العيش بشعورهم المغبرة وملابسهم البالية يتسولون مرة ويبيعون سلعا زهيدة الثمن مرة أخرى، أحيانا يسرقون أو يتورطون مع عصابات وشبكات إجرامية منظمة طلبا للعيش، وبالكاد يوفرون بعض الطعام أو يقتاتون من القمامة في رحلة بحث لا تخلوا من الاعتداءات وبكل أنواعها.

وللحصول على بعض الراحة يكومون الأخشاب وصفائح من حديد أو زنك  وحتى الكرتون وحده أو بضع أمتار من أكياس البلاستك علها ترد عنهم ماء المطر تحديدا في فصل الشتاء الذي يعد كابوسا للمتشردين عامة.

أسباب الظاهرة

ظاهرة ” أطفال الشوارع” استفحلت في المجتمع العربي في زمن طغت فيه الماديات وتراجعت الرحمة في قلوب البشر، وأهم أسبابها:

  1. تدني المستوى المعيشي وتراجع القدرة الشرائية مما يجبر بعض الآباء للدفع بأبنائهم إلى الشارع بحثا عن الرزق.
  2.  المشاكل العائلية أو إهمال الوالدين يجعل الصغار يفضلون الابتعاد عن الوسط الأسري المضطرب ولا يجدون أمامهم غير الشارع الذي لا يقل وحشية عن عالم فارقوه طلبا لجو أأمن وهذه أول خطوة نحو طريق الانحراف.
  3. اليتم أو انفصال الوالدين والتخلي عن مسؤولياتهما قد يتسبب في ضياع الأبناء وتوجههم للخارج.
  4. غياب الرقابة الأبوية والصحبة السيئة وتبني مفاهيم خاطئة.
  5. التسرب المدرسي يدفع بالاطفال إلى البحث عن وسط مواز.

نتائجها

وأمام تقاعس الجهات المسؤولة وعدم فعالية تدابيرها لاحتواء الأزمة ازداد الوضع سوءا، لتظهر النتائج سلبية على المجتمع ككل:

  1. الانحلال الخلقي وتفشي الآفات الاجتماعية كتعاطي المخدرات والكحول، السرقة.
  2. ظهور الاتجار الممنوع كبيع الأعضاء البشرية، وفتح بيوت مشبوهة.
  3. زيادة مظاهر العنف والجرائم منها ما يصل إلى الاختطاف والقتل.
  4. ظهور الأمراض الخطيرة والمعدية.
  5. ارتفاع نسبة الأمية.
  6. ازدياد نسبة البطالة بوجود أشخاص غير مؤهلين للعمل نظرا لعدم حصولهم على تعليم أو تكوين يؤهلهم لدخول سوق الشغل بكفاءة.

الحلول المقترحة

لا يمكن القضاء على ظاهرة ” أطفال الشوارع” كلية لكن يمكن الحد منها وتجنب انضمام ضحايا آخرين إليها بإيجاد حلول عملية فعالة منها:

  1. تفعيل نظام التآزر الاجتماعي وهذا بالتكافل بين العائلات وتقديم يد العون والمساعدات بنوعيها المادية والمعنوية.
  2. إنشاء جمعيات ومؤسسات اجتماعية لحماية الطفولة من الاستغلال.
  3. إعادة النظر في المناهج الدراسية وبرمجتها بما يتوافق مع قدرات التلميذ واعتماد مبدأ النوع لا الكم حتى لا ينفر من الدراسة ويختار التسرب المدرسي.
  4. تعزيز دور المساجد في تربية النشء وفق تعاليم ديننا الحنيف وتوضيح دور الأسرة في صلاح المجتمع وتحديد حقوق وواجبات كل فرد، مع فتح فروع متخصصة لتعليم الكبار والصغار خارج أوقات العمل والدراسة.
  5. فتح مراكز لتأهيل أطفال الشوارع وإعادة إدماجهم في المجتمع.
  6. القيام بحملات توعية للأولياء والأبناء حول التعاملات وأهمية التماسك الأسري، واستغلال وسائل الاعلام في ذلك.
  7. تخصيص صندوق اجتماعي من قبل الدولة للتكفل باحتياجات أطفال الشوارع وعلاجهم النفسي والجسدي.

498 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *