إغلاق المساجد في الدول الإسلامية وإضافة “صلوا في بيوتكم” للأذان

إغلاق المساجد في الدول الإسلامية وإضافة “صلوا في بيوتكم” للأذان

بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد كوفيد-19 اتخذت عدة إجراءات وأصدرت قرارات رسمية في كل الوطن العربي للحد من انتشار هذا الوباء، ومنها ما صدر عن وزارات الأوقاف والشؤون الدينية في بيانات اللجان الوزارية للفتوى ” بتعليق صلاة الجمعة والجماعات وغلق المساجد ودور العبادة، مع المحافظة على رفع شعيرة الأذان، إلى أن يرفع الله البلاء.

لعلها سابقة في تاريخ الأمة الإسلامية فلا يوجد أي مصدر في التاريخ الإسلامي يؤكد إلغاء صلاة الجمعة من ذي قبل، ولا تذكر أي واقعة مشابهة تم وقف الصلاة فيها، بل حتى في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 18 للهجرة/ 640 ميلادي وقع “طاعون عمواس” في فلسطين والذي يقال أنه أودى بحياة ثلاثين ألف ولكن صلاة الجماعة لم تمنع والمساجد لم تغلق.

 وجاء بعده “طاعون الجارف” وقد سمي بهذا الاسم لكثرة من جرف من الناس إلى الموت كالسيل، ووقع بالبصرة سنة 69 هـ/688 في حكم الصحابي عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما.

عن الإمام شمس الدين الذهبي في كتابه “دول الإسلام”(1/52) ذكر:” صعد ابن عامر المنبر يوم الجمعة فلم يجتمع معه إلا سبعة رجال وامرأة، فقال: ما فعلت تلك الوجوه؟ فقالت المرأة: تحت التراب أيها الأمير”، وهذا دليل آخر على عدم منع صلاة الجمعة.

أما ما اجتهد فيه كبار العلماء في لجان الإفتاء والمجالس الإسلامية العربية والعالمية فلها أدلتها، ولكن هذا لا يعني حصر المسألة فيما توصلوا إليه وجعل القرار نهائيا، إذ يمكن إقامة الصلاة مع رفع درجة الحرص والتوعية وبث روح المسؤولية، والحفاظ على أداء صلاة الجماعية وفق شروط وقائية منها سلامة المصلين وخلوهم من المرض، استعمال أجهزة حرارية في المساجد للكشف عن الوباء، ارتداء كمامات طبية، تطهير وتعقيم المصليات والزرابي، ترك مسافة بين المصلين، ومن الأفضل أن يكون عددهم قليلا جدا، ينوبون عن البقية.

وقد اشترط المالكية لإقامة الجمعة اثني عشر غير الإمام، ولو أنه صح عند بعض أهل العلم  أن يكون العدد  ثلاثة: الإمام، واثنان معه، فإذا وجد في قرية ثلاثة رجال فأكثر مكلفون أحرار مستوطنون أقاموا الجمعة ولم يصلوا ظهرا لأن الأدلة الدالة على شرعية صلاة الجمعة وفرضيتها تعمهم.

 فحتى النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه رضوان الله عليهم صلوا جماعة وقت الحرب لما قدروا عليها وبإمام.

وعليه يقاس ترك إقامة الصلاة جماعة على الاحتفاظ بمستخدمي المصالح الحيوية الضرورية، فلا تمنع الصلاة نهائيا إنما يتم إقامتها بعدد محدود وفق ما يحفظ النفس ولا ينشر الوباء.

فمهم جدا التقرب لله عزّ وجل وولوج بيوته، والتوبة إليه والإنابة، الصلاة سترفع البلاء بإذن الله، وما سيزيد من انتشار هذا المرض هو الإجراءات التي خالفت الهدي النبوي في عدم الخروج من أرض الوباء أو الدخول إليها، ولكن للأسف عدد من الدول العربية فتحت حدودها وخاصة مع أوروبا التي تعد عدة بلدان منها بؤرا عالمية لانتشار فيروس كورونا المستجد، وقد جاءت الطائرات والبواخر محملة بمسافرين من أرض الوباء، فلو كان الأمر معاكسا لبنت أوروبا جدارا عازلا لئلا يرد إليها أحد.

على الدول الإسلامية أن تراجع قرار غلق المساجد وإقامة صلاة الجماعة واتخاذ التدابير اللازمة لرفع هذا الغبن عن المسلمين، فالصلاة عمود الإسلام والمحافظة على صلاة الجماعة سبب من أسباب اكتمال الدين، وحري بخير البقاع أن لا تظل خالية ويطرد العباد من ضيافة الرحمن، فما أمرها وشديد وقعها على النفوس جملة” صلوا في بيوتكم”، نسأل الله أن يرفع عنا هذا البلاء.

409 مشاهدة