المخدرات قاتل محترف لا يخطئ هدفه

المخدرات قاتل محترف لا يخطئ هدفه

أسباب الانحراف كثيرة، وموار د الفتن أكثر في زمن تباع فيه المخدرات كما تباع قطع الحلوى، فليس هناك أيسر من شراء قطعة،وهناك تشريعات تهتم لسن قوانين لحماية زراعة المخدرات وتسمح بها كنشاط فلاحي مشروع لدعم الاقتصاد بدعوى الاستفادة منها في استعمالات مشروعة، لكن الحقيقة أن أكبر كمية تذهب للاستهلاك مثلما يحدث تعاطي القنب الهندي، والأدهى أن الوضع يزداد سوءا فبعدما كان الإدمان يتم في الخفاء وبعيدا عن العيون صار مدمنو هذه الأيام يتعاطونها أمام المارة، لا يأبهون لأحد، ولا يراعون تحريما ولا حظرا، لتعرف الظاهرة ازديادا كبيرا، فهل يمكن مواجهة واقع أن نسبة كبيرة من الناس ومنمحتلف الفئات العمرية والجنسين صاروا مدمنين بحثا عن المتعة أو حتى للوصول إلى حالة من الانتشاء تبعدهم عن والواقع ومشاكله؟.

ظروف اجتماعية قاهرة وأوضاع اقتصادية صعبة تجعل الكثيرين يقدمون على أية مغامرة من شأنها أن تنقلهم لحال أفضل وتخفف عنهم وطأة الواقع المعيش، رغم ما تحمله من تبعات حتى ولو كانوا سيلقون حتفهم كأولئك الذين يركبون قوارب الموت، فهل ستكون جرعة مخدر شيئا مخيفا لهم وهم الذين عزموا على تخطي كل الحدود خصوصا بعدما تراجعت الدعوات الإصطلاحية والندوات الدينية وتحولت المنابر الإعلامية عن أهدافها الأسمى، فأي وازع ديني ورقابة اجتماعية أو رادع قانوني سيحجمهم عن تعاطي سم يفتك بأجسادهم ويفني أرواحهم ويعذب من حولهم لتستمر المعاناة وتتجذر المأساة..
معظم القصص متماثلة النهايات وإن كان هناك شيئا من الاختلافات في بداياتها إلا أن أبطالها أو بالأحرى ضحاياها عادة ما يكون مصيرهم إما الجنون أو السجن وغالبا الموت، فإحراق سيجارة أو حقن مادة مخدرة في الوريد أو بلع أقراص مهلوسة بدافع النشوة يعني رهن المصير للسقوط في الهاوية في أية لحظة.
عندما يغيب الوازع الديني ويموت الضمير لا يمكن تصور الوحش الذي يبقى يسكن جسد إنسان لا يهمه سوى تحقيق منفعة خاصة عادة ما تكون مادية، فأغلب تجار المخدرات يبيعونها لأنها تدر ربحا وفيرا وسريعا، والمؤسف أن تباع تلك السموم حتى للأطفال فالأهم هو تحصيل المال.

هناك عدة طرق لتوفير المخدرات أشهرها تزوير الشهادات الطبية للحصول على الأقراص المخدرة والتي توصف أصلا للمصابين بالأمراض العقلية والانهيارات العصبية الحادة ولكنها وجدت طريقا آخر غير عقول المرضى، بل وبتواطئ من أصحاب المهن النبيلة كالأطباء والصيادلة.
طريق الإدمان يوصل إلى حتمية الموت إن لم يكن بجرعة زائدة فبالأمراض الفتاكة كالسرطان أو بالانتحار، فغالبا ما يصاب مدمن المخدرات بانفصام في الشخصية وغيرها من حالا ت الجنون وقد ينتهي به المطاف على عتبة الرحيل ويا لها من سوء خاتمة تثير سخط الإله وحسرة الأهل.
عدد المدمنين في تزايد لسبب أو لآخر دوامة الإدمان التي يصعب الخروج منها تسحب كل دقيقة فردا جديدا، أمام غياب يد العون وصدق العزيمة، وهذا ما يجب أن يتفطن له الغيورون على هذا الدين والقائمين على صلاح الأمة للمضي في الإصلاح بإقامة حملات تحسيسية لمساعدة المدمن ومن يحيطون به.
فما حرم الله تعالى من شيء إلا لكونه خبيث ضار، ويهلك الإنسان الذي قد يدفعه جهله واتباع هواه لاستخلاص منافعه، وبهذا يوقع نفسه ومن حوله في مشاكل لا حصر لها، لذا فما من شك أن العلماء أجمعوا على تحريم المخدرات بل هناك من لقبها بأم الخبائث، ومن الواجب الإيمان بضرورة التحرك للحد من الظاهرة التي استفحلت ولم تجد من يواجهها، فضلا عن إعلاء الأصوات من على المنابر لاسترعاء اهتمام العامة فقد صار الجميع مستهدفا وصيدا سهلا ليصرف عن القضايا الأهم والأعدل.
فيا حبذا لو تعمم الحملات والمبادرات وتولى بالرعاية والتواصل، لأنه ولا بد من الإقرار بأن المخدرات منشأ الأمراض الفتاكة وزيادة المشاكل الاجتماعية والأزمات المادية والانحلال الخلقي والجرائم.

المخدر الذي يرحل متعاطيه لعالم لا متناهي الأبعاد سرعان ما تظهر جوانبه السلبية بتهديد كيان الفرد والجماعة على حد السواء لأنه بلا مراء قاتل محترف يغتال الأمم لا الأشخاص فحسب.

497 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *