أهمية الحساب الذهني

     الحساب الذهني حساب يقام في الذهن، فقد ارتبط قديما بعدم استعمال الألة بمعنى أن استعمال الآلة

في الحساب يفقده المفهوم الذهني. أما الآن فلم يعد ذلك الترابط يستقيم فوجود الأداة أو الوسيلة قد يكون

منطلقا من منطلقات هاته القدرة الذهنية ، أي أن التدريب على الالة بشكل مستمر ستنتقل هذه الأداة إلى عالم

الذهن وتتحول بذلك الوسيلة من وسيلة واقعية مادية إلى وسيلة تخيلية يستحضرها الشخص ذهنيا ويشتغل

عليها ويمارس بذلك حسابا ذهنيا بأداة تخيلية، فالحساب الذهني إذن سيرورة تستغل فيها الأداة ماديا، حيث

يؤدي هذا التدريب والاشتغال الحقيقي والمادي عليها إلى انتقالها لأداة تخيلية يزيد من كفاءة الذهن في

الحساب.

     الحساب الذهني بهذه الطريقة يؤثر في جميع الملكات الذهنية الأخرى وذلك راجع إلى :

   1- التخيل : وهو التصور الذهني، أي ذلك الفعل الذي يقوم به الطفل لاستحضار شيء حقيقي أو شي خيالي (غير واقعي) أو شيء معنوي (مجرد)، بمعنى أن الشخص يقوم بإيقاع صورة ما في ذهنه، هذا التخيل حسب نظرية شقي الدماغ أسلوب خاص يعرفه الشق الأيمن ويتعلم به، والذي تعتبره بعض الأبحاث والدراسات المعاصرة يشكل حوالي 90% من القدرات الذهنية.

   2- العاطفة والشعور : كان الحساب الذهني سابقا مرتبطا بتكرار الحسابات لحفظها في

 الذاكرة ويستدعيها الشخص كل ما طلب منه، فالكفاءة الحسابية مرتبطة بحفظ الجداول

 من جهة والآليات  من جهة أخرى، وهذا يخلق نفورا للطفل، يبتعد عن الحفظ، لذا فإن

 الارتباط بالآلة أو الوسيلة خصوصا إذا وصل للتخيل فإن ثقته سترجع لأنه يتملك وسيلة لا

 تخذله في الحساب، هذا الجانب العاطفي مهم فهو من آليات تنمية الشق الأيمن من الدماغ  وأحد

 العقول الأربعة لهيرمان الذي يجب الاعتناء به، إضافة إلى اعتباره أحد الذكاءات الكاردنرية.

   3- الإيقاع : تحريك الخرزات في المعداد وفق إيقاع معين يضفي على التدريب إضافة كبيرة،

 هذا الإيقاع في تحريك الخرزات يؤثر في سرعة الأداء بالنسبة للحساب التخيلي، فهناك من يعتقد

 مثلا أن 7 إلى 9 حركات لتحريك الخرزات للقيام بقاعدة ما أمر صعب، على العكس إذا كانت هذه الحركات وفق إيقاع حركي متناسق فذلك يؤثر في التدرب فتصور لو أدخل الطفل الإيقاع الموسيقي لحفظ قاعدة ما أو ملخص ما فالأمر يسير لذلك، فهذا ما يفسر سهولة حفظ نشيد معين ودرجة الحفظ تختلف حسب إيقاعه الموسيقي وعلاقة هذا الإيقاع بالطفل، الشق الأيمن من الدماع هو الذي يتعلم بالإيقاع، أبعد من ذلك فغاردنر وضع الايقاع (الموسقي) كذكاء مستقل.

   4- الصور والألوان : التعلم بالصور أفضل بكثير من التعلم بالكلمات والأرقام والتعلم بالألوان أحسن من التعلم بالأبيض والأسود، هذا ما أكدت عليها مجموعة من الدراسات، لذا سارت الاختيارات التربوية تعتمد على كتب كثيرة الصور والألوان، تقنيات للحفظ تعتمد على الصور والألوان كالخريطة الذهنية مثلا.

      تؤثر الصور والألوان على الشق الأيمن، تسهل تذكرها عكس الكلمات والأرقام، توسع مجال إدراك الطفل، هذا الأخير متعلق بالصور منذ ولادته عكس الكلمات، فالحساب الذهني الذي يعتمد على الصور (الوسيلة) لترسيخها في الذهن ليسهل استحضارها والتدريب عليها.

   5- رياضة ذهنية : عند استعراضنا النظرية الاتصالية للدماغ، حيث أن هذه النظرة تؤكد أنه كلما حفزنا ونشطنا الدماغ بالخبرات فإن الروابط بين الخلايا العصبية تخلق، هذه الاتصالات والترابطات هي مصدر الكفاءة الذهنية، فالحساب الذهني -خصوصا مرحلة التخيلي- هو رياضة ذهنية يقوم الطفل بتحريك الخرزات (التدريب على المعداد مثلا) وبذلك يحفز ذهنه وينشطه لخلق هذه الترابطات فيكون بذلك الحساب الذهني منطلقا لتنمية القدرات والملكات الذهنية كاملة وليس فقط القضاء على شبح الحساب(مراكز كثيرة للأشخاص المسنين تعتمد على ألعاب ذهنية مختلفة تحفز التفكير لتجنب هؤلاء الأشخاص أمراض الشيخوخة كالزهايمر مثلا).

   6- ذكاءات متعددة مستهدفة : يستهدف الحساب الذهني مجموعة من الذكاءات  ويشتغل عليها ولا يكتفي بواحد : ذكاء وجداني يربط الطفل بالبرنامج باعتباره رياضة، ذكاء حركي باعتبارها رياضة حركية أولا ثم ذهنية فيما بعد، ذكاء رياضياتي حيث يتدرب على علاقات مستضمرة ضمن حركات، ذكاء بصري يتدرب على القراءة البصرية والتعامل مع الصور، ذكاء موسيقي إيقاعي حيث يقوم بالتدريب على العلاقات الرياضياتية وفق إيقاع مما يسهل معها استضمار هذه العلاقات، ذكاء اجتماعي حيث يتعامل الطفل مع أقرانه ويتنافس معهم، ذكاء فردي ذاتي الطفل في تواصل دائم مع ذاته (الأنشطة التخيلية).     


        محمد فصيح – مدرب وباحث في الحساب الذهني –   بيوكرى(المغرب)  16ماي2020

493 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *