تامِرٌ والمَسْجِدُ

تامِرٌ والمَسْجِدُ

القصة الحادية والعشرون من سلسلة قصصية للكاتب شاكر صبري، تنشر حصريا على موقع معين المعرفة. (جميع الحقوق محفوظة ويمنع نسخ القصص ونشرها على مواقع أخرى أو طباعتها).

تامِرٌ تلميذٌ مُجْتَهِدٌ في تَحْصيلِ العِلْمِ  , يَتَطَلَّعُ دائِماً إلَي مَعْرِفَةِ كُلِّ ما هُو جَديد ,  ذو خُلُقٍ رَفيعٍ  ,  مَحْبوبٌ منْ  المُدْرِسينَ  وأَيْضاً منْ  زُمَلائِهِ   .

 كانَ تامِرُ يَتَمَنَّي أنْ يَكونَ جَدُّهُ حيَّاً ,  فوالِدُهُ مُسافِرٌ  للْعَمَلِ بالخارِجِ   .

فَهُوَ لا يَجِدُ منْ يَصْحَبُهُ إلَي أَدَاءِ الصَّلَاةِ  .

كانَ تامِرُ يَلْعَبُ ذاتَ يَوْمٍ مَعَ أَصْدِقائِهِ , وكانَ بِجِوارِ المَسْجِدِ  .

 سَمِعَ صَوْتَ المُؤَذِّنِ يُؤَذِّنُ للْصَلَاةِ  , ورَأي  الناسَ يَتَّجِهونَ  إلَي أَداءِ الصَلَاةِ  .

وعادَ الناسُ منْ المَسْجِدِ , بَيْنَمَا ما زالَ تامِرُ  يَلْعَبُ  معَ  الأَصْدِقاءِ .

جَلَسَ تامَرُ لِيَسْتَرِيحَ منْ اللَعِبِ , .

 ظَلَّ يَنْظُرُ إلَي المَسْجِدِ ويَقولُ : لَيْتَني أَجِدُ منْ يَصْحَيُنِي إلَي  المَسْجِدِ , أُحِبُّ أَنْ أَدْخُلَ المَسْجِدَ وأُؤَدِّي الصَلَاةَ .

سَمِعَ تامِرُ  هاتِفاً يَأْتيهِ منْ ناحِيَةِ المَسْجِدِ. يًقولُ لَهُ : حَيَّ  علَي  الصَلَاةِ ,  حَيَّ  علَي الفَلاحِ  ..

وَجَدَ تامِرُ نَفْسَهُ مُتَّجِهاً إلَي المَسْجِدِ دونَ أنْ يَشْعُرَ  .

   وَجَدَ نَفْسَهُ قدْ دَخَلَ المَسْجِدَ , فَلَمْ يَجِدْ أَحَداً  يُصَلِّي , عَلِمَ تامِرُ أنَّ ما سَمِعَهُ كانَ هاتِفاً ولمْ يَكُنْ آذاناً حَقيقياً .

فَقَالَ طالَما أَنَّني دَخَلْتُ المَسْجِدَ  فَلا بُدَّ  أنْ أُصَلِّي  ,  ولَكِنْ  كَيْفَ أُصَلِّي ؟  وَكَيْفَ أَتَوَضَّأُ  ؟    ما العَمَلُ ؟  

 ظلَّ صامِتاً  , فَسَمِعَ هاتِفاً ينُادِي عَلَيْهِ منْ داخِلِ المَسْجِدِ  ,  اتَّجَهَ علَي الفَوْرِ إِلَيهِ , وَجَدَهُ المِنْبَرَ , فَقَالَ لَهُ , ماذا تُريدُ يا تامِرُ؟  فَقَالَ :  أُريدُ أنْ أَتَعَلَّمَ كَيْفِيَّةَ الوُضوءِ , وكَيْفِيَّةَ أَداءِ الصَلَاةِ , قالَ المِنْبَرُ : أُنْظُرْ  يَمينَكَ علَي الحائِطِ فَسَتَجِدُ هُناكَ لَوْحَةً مُعَلقة علَي الحائِطِ فيها شَرْحٌ وافي لِكَيْفِيَّةِ الوُضوءِ , أُنْظُرْ إلَيْها جَيِّداً وتَعَلَّمْ كَيْفِيَّةِ أَداءِ الوُضوءِ , ثُمَّ  عُدْ إلَيَّ ثانِيَةً .

ذهَبَ تامِرُ مُسْرِعاً إلي اللوحة , وقرأها جيدا , وهُوَ سَعيدٌ لِأنَّهُ سَوْفَ يتَعَلَّمُ كَيْفِيَّةَ الوُضوءِ , ثُمَّ تَوَضَّأَ  وعادَ ثانِيَةً إلَي المِنْبَرِ , قالَ المِنْبَرُ : وماذا تُريدُ بَعْدَ ذَلِكَ يا تامِرُ ؟

قالَ تامِرُ : أُريدُ أنْ أُصَلِّي   , قالَ المِنْبَرُ : تَوَجَّهْ بِوَجْهِكَ إلَي القِبْلَةِ أَوَّلاً  , قالَ  تامِرُ : وأَيْنَ هِيَ القِبْلَةُ ؟

قالَ المِنْبَرُ : أُنْظُرْ بِجِوارِي سَتَجِدُ المِحْرَابَ , فالقِبْلَةُ تَكونُ في اتِّجاهِكَ للْمِحْرابِ .

ذهَبَ تامِرُ واتَّجَهَ إلَي المِحْرابِ ,  ثُمَّ سَأَلَهُ ماذا أَفْعَلُ بَعْدَ ذلكَ ؟

قالَ المِنْبَرُ : أُنْظُرْ أَمَامَكَ , سَتَجِدُ أنَّ هُناكَ لَوْحَةً كَبيرَةً مُعَلَّقَةً علَي حائِطِ المَسْجِدِ , فيها طَريقَةُ أَداءِ الصَلَاةِ بالشَرْحِ والصُوَرِ .

ثمَّ قالَ : قُمْ بِأَدَاءِ رُكْنٍ منْ أَرْكانِ الصَّلَاةِ ثمَّ انْظرْ إلَي اللَوْحَةِ وأَدِّي الرُكْنَ التَّالي ,  قالَ تامِرُ فِكْرَةٌ جَميلَةٌ  .

قامَ تامِرُ بالنَظَرِ في اللَوْحَةِ المُعَلَّقَةِ وقامَ بِأَداءِ الصَلَاةِ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ  .

وبَعْدَ أَنْ انْتَهي منْ أَداءِ الصَلَاةِ ,  شَكَرَ المِنْيَر علَي أنْ دَلَّهُ علَي الطَريقَةِ الَّتِي  تَعَلَّمَ بِها كَيْفِيَّةَ الوُضوءِ و كَيْفِيَّةَ  أَداءِ الصَلَاةِ  .

دَخَلَ المُعَلِّمُ لِيؤُدِّي الصَلَاةَ فَوَجَدَ تامِرُ يُصَلِّي فانْتَظَرَ حتَّي انْتَهي منْ صَلَاتِهِ , فَرِحَ المُعَلِّمُ بِتامِرَ وقَبَّلَهُ , وقالَ لَهُ بارَكَ اللهُ فيكَ يا بُنَّيَ .

في اليَوْمِ الثاني بَيْنَما كانَ تامِرُ يَلْعَبُ معَ أَصْدِقائِهِ سَمِعَ صَوْتَ المًؤَذِّنَ فاتَّجَهَ علَي الفَوْرِ إلَي المَسْجِدِ , وتَرَكَ اللَعِبَ ,  فَوَجَدَ الناسَ يَتَوَضَؤونَ فَتَوَضَّأَ مَعَهُمْ  ,  ثمَّ  اتَّجَهَ لِأَداءِ الصَلَاةِ  خَلْفَ الإِمامِ .

وبَعْدَ أنْ انْتهَي منْ صَلاتِهِ وخَرَجَ الناسُ منْ المَسْجِدِ  , ذَهَبَ تامِرُ ليِكُلِّمَ المِنْبَرَ ويَشْكُرَهُ مَرَّةً ثانِيَةً , ولَكِنَّهُ لمْ يَجِدْ المِنْبَرَ يَرُّدٌ عَلَيْهِ .

عَلِمَ تامِرُ أنَّ ما حَدَثَ لَهُ كانَ مُجَرَّدَ هاتِفٍ داخِلِيٍّ دَعاهُ إلَي أَداءِ الصَلَاة  والمُحافَظَةِ علَي أَدائِها .

وأَصبْحَ تامِرُ يُواظِبُ بَعْدَ ذَلِكَ دائِماً علَي أَداءِ الصَّلَاةِ في المَسْجِدِ . .

304 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *