تفسير آية الكرسي وفضلها

تفسير آية الكرسي وفضلها

تقديم

آية الكرسي من أعظم آي كتاب الله سبحانه، واشتملت على معاني جليلة للتوحيد الصحيح وإثبات الأسماء والصفات، وإظهار عموم علم الخالق وقدرته جل وعلا.

وقد ورد فيها ما من صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل آية في كتاب الله ، حيث قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق حدثنا سفيان عن سعيد الجريري عن أبي السليل عن عبد الله بن رباح ، عن أبي هو ابن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله : ” أي آية في كتاب الله أعظم ” ؟ قال : الله ورسوله أعلم . فرددها مرارا ثم قال أبي : آية الكرسي . قال : ” ليهنك العلم أبا المنذر ، والذي نفسي بيده إن لها لسانا وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش ” وقد رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن الجريري به ، وليس عنده زيادة : ” والذي نفسي بيده . . . ” إلخ .

آية الكرسي مكتوبة

آية الكرسي هي الآية 255 من سورة البقرة حيث يقول الله تعالى:

اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255).

تفسير آية الكرسي

قال تعالى :” اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ”، هذا هو معنى التوحدي الصحيح، فلا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا هو، والإله هو المعبود الحق، ولفظ التأله معناه التعبد والتنسك، وعليه فلا مألوه إلا الحي الذي لا يموت، الدائم القيام بتدبير الخلق و وشؤونهم وحفظهم، فالله وحده الحي حياة كاملة من غير ضعف ولا وهن وغفلة أو نوم.

وقوله عزّ وجلّ:” لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ”، القصد منه أنه لا يطاله نعاس أو غفوة ولا نوم خفيف أو ثقيل.

وقال سبحانه:”  لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ”، يعني أنه الملك على كل شيء، هو المالك للسماء وما فيها، والأرض وما فيها، ومن ذلك قوله تعالى: “لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ” [الشورى/ الأية 49].
ثم قال جلّ وعلا: “مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ” وهو سؤال للإعجاز لا سؤال استفهام فلا أحد يستطيع أن يشفع إلا بإذنه سبحانه، ويوم القيامة لا يتقدم أحد للشفاع حتى الأنبياء عليهم السلام إلا من بعد إذنه، وما ذاك إلا لعظم مقامه وجبروته وكونه سبحانه المستحق لأن يعظم ويجل وأن لا يتقدم بين يديه إلا بإذنه.

وقال تعالى:” يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ”، أي أنه العالم بأحوال عباده لا يخفى عنه شيء، ويعلم ما ما مضى وما هو آت، ويعلم أحوال عباده الماضين والآخرين، وما قدموا وأخروا.

فقال عزّ وجلّ:” ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء”، ويوضح هذا أن لا أحد يمكنه الإحاطة بما يعلم الله سبحانه من علم إلا بما اطلع عليه هو، في حين أنه يعلم بكل شيء في السابق واللاحق، يعلم أحوال الخلق جميعهم وما صدر منهم وما ماتوا عليه وما لهم في الدنيا والآخرة.
وقال تعالى:” وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ”، والكرسي هو مخلوق عظيم فوق السماء السابعة غير العرش، روى الحاكم (3116) ، والطبراني في ” المعجم الكبير” (12404) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ : ” الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ ، وَالْعَرْشُ لَا يُقْدَرُ قَدْرُهُ ، وقال الحاكم عقبه : ” هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ ” ووافقه الذهبي”.
و قال سبحانه:” وَلا يَؤودُهُ حِفْظُهُمَا”، أي لا يكرث الله ولا يثقله ولا يشق عليه حفظ السماوات والأرض بما فيهن فهو الحافظ للسماوات، ولا يشق عليه ذلك ولا يثقله لأنه القادر على كل شيء.

وختم بقوله تعالى:” وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ”، بمعنى له العلو المطلق والرفعة علو الذات فوق العرش، وعلو القهر والسلطان، وعلو الشرف والقدر، فله العلو الكامل، وهو العالي من جهة كمال أسمائه وصفاته وسلطانه وقدرته جل وعلا، وله الشرف والفضل المقترن بالعظمة التامة، فهو العظيم السلطان، المتصرف في عباده كيف يشاء، وهو العظيم الذي لا أعظم منه، فلا أعظم منه ولا أكبر ولا أعلم ولا أقدر من الله الواحد الأحد.

448 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *