تفسير رؤيا الأنبياء والمرسلين عموما ورؤيا محمد صلى االله عليه وسلم

تفسير رؤيا الأنبياء والمرسلين عموما ورؤيا محمد صلى االله عليه وسلم

الأنبياء والرسل عليهم السلام

الأنبياء والرسل -عليهم السلام- هم صفوة الخلق وخيارهم، اصطفاهم الله تعالى ةوكلفهم بهداية الناس إلى توحيده وعبادته حق العبادة، ودعوة الناس للسير على درب النور والتمسك بشرعة.

والرسول هو كل من بعثه الله برسالة ومعه تشريع إلهي يبلغه، أما النبي فهو كل من نزل عليه الوحي وأمر ليدعو لعبادة الله وفق الشرائع التي أنزلها الله على رسله من قبله.

أول الأنبياء هو آدم -عليه السلام– وآخرهم محمد -صلى الله عليه وسلم-، والمذكوريم منهم في القرآن الكريم 25 نبيا ومرسلا -عليهم السلام-، أما في السنة فقد جاء في مسند الإمام أحمد، عن ‏أبي ذر -رضي الله عنه- قال: (قلت يا رسول الله، كم المرسلون؟، قال: ثلاثمائة وبضعة عشر ، جمّاً غفيراً)، وفي رواية لأبي أمامة قال أبو ذر: (قلت يا رسول الله: كم وفاء عدّة الأنبياء؟ قال: مائة ‏ألف، وأربعة وعشرون ألفاً، والرّسل من ذلك: ثلاثمائة وخمسة عشر، جمّاً غفيراً).

وكل هؤلاء الأطهار تتوق الأنفس للقائهم، لما لهم من مكانة في القلوب ودور عظيم في حياة البشرية جمعاء، وكل مسلم يدعو الله أن يحشر معهم ويسكن منازلهم في الآخرة ورؤيتهم رؤيا العين.

أما في الدنيا فلا سبيل لذلك إلى في الحلم، لذا كثيرا ما يتساءل الناس عن تفسير رؤى الأنبياء والرسل -صلوات الله وسلامه عليهم-، والجواب عند الإمام محمد ابن سيرين -رحمة الله عليه– إذ فسر رؤيتهم في الأحلام على ضوء الكتاب والسنة.

تأويل رؤيا الأنبياء والصالحين عليهم السلام

سمعت أبا بكر أحمد بن الحسين بن مهر أن المقري قال: اشتريت جارية أحسبها تركية ولن تكن
تعرف لساني ولا أعرف لسانها وكان لأصحابي جوار يترجمن عنها، قال فكانت يوما من الأيام نائمة
فانتهت وهي تبكي وتصيح وتقول يا مولاي علمني فاتحة الكتاب فقلت في نفسي أنظر إلى
خبثها تعرف لساني ولا تكلمني به، فاجتمع جواري أصحابي وقلن لها لم تكوني تعرفين لسانه
والساعة كيف تكلمينه، فقالت الجارية إني رأيت في منامي رجلا غضبان وخلفه قوم كثير وهو
يمشي فقلت من هذا؟، فقالوا موسى -عليه السلام-، ثم رأيت رجلا أحسن منه ومعه قوم وهو
يمشي فقلت من هذا؟، فقالوا محمد -صلى االله عليه وسلم- فقلت أنا أذهب مع هذا، فجاء إلى باب
كبير وهو باب الجنة، فدق ففتح له ولمن معه ودخلوا وبقيت أنا وامرأتان فدققنا الباب ففتح، وقيل من
يحسن أن يقرأ فاتحة الكتاب يؤذن لها فقرأتاها فأذن لهما وبقيت أنا، فعلمني فاتحة الكتاب فعلمتها
مع مشقة كبيرة فلما حفظتها سقطت ميتة.

قال الأستاذ أبو سعيد الواعظ -رحمه االله- رؤيا الأنبياء -صلوات الله عليهم -أحد شيئين إما بشارة وإما إنذار ثم هي ضربان أحدهما أن يرى نبيا على حالته وهيئته، فذلك دليل على صلاح صاحب الرؤيا وعزه، وكما له وجاهه وظفر بمن عاداه، والثاني يراه متغير الحال
عابس الوجه، فذلك يدل على سوء حاله وشدة معصيته، ثم يفرج الله عنه أخيرا.

فإن رأى كأنه قتل نبيا دل على أنه يخون في الأمانة وينقض العهد لقول الله تعالى:” فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات
االله وقتلهم الأنبياء بغير حق
“، هذا على الجملة وأما على التفصيل فالتفسير كما يلي:

  • من رأى آدم -عليه السلام- على هيئته نال ولاية عظيمة إن كان أهلا لها، لقوله عز وجل:” إني جاعل في الأرض خليفة”، فإن رأى أنه كلمه نال علمه لقوله تعالى:” وعلم آدم الأسماء كلها”. وقيل إن من رأى آدم -عليه السلام- اغتر بقول بعض أعدائه ثم فرج عنه بعد مدة، فإن رآه متغير اللّون والحال دل ذلك على انتقال من مكان إلى مكان ثم على العود إلى المكان الأول أخيرا.
  • رؤية شيث -عليه السلام- ادل على نيل أموال وأولاد وعيشة راضية.
  • من رأى إدريس -عليه السلام- أكرم بالورع وختم له بخير.
  • رؤية نوح -عليه السلام- اشير لطول العمر وكثر البلاء من الأعداء ثم رزق الظفر بهم، كما تدل على كثرة الشكر لله، لقوله تعالى:” إنه كان عبدا شكورا”.
  • من رأى هودا -عليه السلام- تسفه عليه أعداؤه وتسلطوا على ظلمه ثم رزق الظفر بهم.
  • رؤية إبراهيم -عليه السلام- تدل على الرزق بالحج إن شاء االله، وقيل إنه يصيبه أذى شديدا من سلطان ظالم ثم ينصره االله تعالى عليه وعلى أعدائه، ويكثر الله النعمة ويرزقه زوجة صالحة. وقيل إن رؤية إبراهيم -عليه السلام- عقوق الأب، وحكى أن سماك بن حرب كف فرأى في منامه كأن إبراهيم -عليه السلام- مسح على عينيه وقال ائت الفرات فاغتمس فيه يرد االله عليك بصرك، فلما انتبه فعل ذلك فأبصر.
  • ومن رأى إسحاق -عليه السلام- أصابه شدة من بعض الكبراء أو الأقرباء ثم يفرج االله عنه ويرزقه عزا وشرفا وبشارة ويكثر الملوك والرؤساء والصالحون من نسله، هذا إذا رآه على جماله وكمال حاله فإن رآه متغير الحال ذهب بصره.
  • من رأى إسماعيل -عليه السلام- رزق السياسة والفصاحة وقيل إنه يتخذ مسجدا أو يعين عليه، لقوله تعالى:” وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل”، وقيل إن من رآه أصابه جهد من جهة أبيه ثم يسهل االله ذلك عليه.
  • رؤية يعقوب -عليه السلام- تدل على الإصابة بحزن عظيم من جهة بعض الأولاد، ثم يكشف الله تعالى ذلك ويؤتي بالمحبوب.
  • من رأى يوسف -عليه السلام- فإنه يصيبه ظلم وحبس وجفاء من أقربائه ويرمى بالبهتان ثم يؤتى ملكا وتخضع له الأعداء، فقد قيل في التعبير إن الأخ عدو وهذه دليل على كثرة صدقة صاحبها، لقوله تعالى:” وتصدق علينا”. وقد حكى أن بعض الناس رأى كأن يوسف -عليه السلام- ناوله إحدى خفيه فانتبه وقد صار معبرا، وحكى أن إبراهيم بن عبد االله الكرماني رأى كأن يوسف -عليه السلام- كلمه فقال له علمني مما علمك الله فكساه قميص نفسه، فاستيقظ وهو أحد المعبرين، وعن ابن سيرين قال: رأيت في المنام كأني دخلت الجامع فإذا أنا بمشايخ ثلاثة وشاب حسن الوجه إلى جانبهم فقلت للشاب من أنت رحمك الله؟، قال أنا يوسف، قلت فهؤلاء المشيخة قال آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فقلت علمني مما علمك الله، قال ففتح فاه وقال أنظر ماذا ترى؟، فقلت أرى لسانك، ثم فتح فاه فقال أنظر ماذا ترى؟، فقلت لهاتك، ثم فتح فاه فقال أنظر ماذا ترى؟ قلت أرى قلبك، فقال عبر ولا تخف، فأصبحت وما قصت علي رؤيا إلا وكأني أنظر إليها في كفي.
  • ومن رأى يونس -عليه السلام- فإنه يستعجل في أمر يورثه ذلك حبسا وضيقا ثم ينجيه االله تعالى، وهذه الرؤيا تدل على أن صاحبها يسرع الغضب والرضا ويكون بينه وبين قوم خائنين معاملة.
  • من رأى شعبيا -عليه السلام- مقشعرا فإنه يذهب بصره، فإن رآه على غير تلك الحالة فإنه يبخسه قوم حقه عليهم ويظلمونه ثم يقهرهم، وربما دلت هذه الرؤيا على أن صاحبها له بنات.
  • رؤية موسى وهارون -عليهما السلام- أو أحدهما دالة على هلاك جبار أو ظالم علي يدي الرائي، وإن رآهما وهو قاصد حربا رزق الظفر، وحكى أن جارية لسعيد بن المسيب رأت كأن موسى -عليه السلام– ظهر بالشام وبيده عصا وهو يمشي على الماء فأخبرت سعيدا برؤياها، قال إن صدقت رؤياك فقد مات عبد الملك بن مروان، فقيل له بم علمت ذلك؟ قال لأن الله تعالى بعث موسى ليقسم الجبارين وما أجد هنالك إلا عبد الملك بن مروان، فكان كما قال.
  • ومن رأى أيوب -عليه السلام- ابتلى في نفسه وماله وأهله وولده ثم يعوضه االله من كل ذلك ويضاعف له لقوله تعالى:” ووهبنا له أهله ومثلهم معهم“.
  • من رأى داود -عليه السلام- على حالته أصاب سلطانا وقوة وملكا.
  • ومن رأى سليمان -عليه السلام- رزق الملك والعلم والفقه، فإن رآه ميتا على منبر أو سرير فإنه يموت خليفة أو أمير أو رئيس لا يعلم بموته إلا بعد مدة، وقيل من رأى سليمان انقاد له الولي والعدو وكثرت أسفاره.
  • رؤية زكريا -عليه السلام- تدل على الرزق بالولد التقي على كبر.
  • من رأى يحيى -عليه السلام- وفق للعفة والتقوى والعصمة حتى يصير في ذلك واحد عصره.
  • ومن رأى عيسى -عليه السلام- دلت رؤياه على أنه رجل نفاع مبارك كثير الخير كثير السفر، ويكرم بعلم الطب وبغير ذلك من العلوم ( أخبرنا ) الشريف أبو القاسم جعفر بن محمد قال حدثنا حمزة بن محمد الكناني قال أخبرنا أبو القاسم عيسى بن سليمان البغدادي قال حدثنا داود بن عمرو الضبي قال حدثنا موسى بن جعفر الرضا عن أبيه عن جده قال: قال الحسن بن علي -رضي الله عنهما- رأيت عيسى ابن مريم -عليه السلام– في النوم فقلت يا روح الله إني أريد أن أنقش على خاتمي فما أنقش عليه؟، قال أنقش عليه لا إله إلا الله الملك الحق المبين فإنه يذهب الهم والغم. وقيل إن رأت امرأة عيسى -عليه السلام- وهي حامل ولدت ابنا حكيما
  • ومن رأى ) مريم بنت عمران -عليها السلام- فإنه ينال جاها ورتبة من الناس ويظفر بجميع حوائجه، وإن رأت امرأة هذه الرؤيا وهي حامل أيضا ولدت أيضا ابنا حكيما، وإن افتري عليها برئت من ذلك وأظهر الله براءها. ومن رأى أنه يسجد لمريم فإنه يكلم الملك ويجلس معه.
  • من رأى دانيال الحكيم رزق حظا وافرا وعلم الرؤيا وظفر بجبار بعد أن تصيبه منه شدة وقيل أنه يصير أميرا أو وزيرا، وحكي أن أبا عبد الله الباهلي رأى كأنه حمل دانيال على عاتقه فوضعه على جدار وحياه فكلمه وقال له أبشر فإنك دخلت في جملة ورثة الأنبياء وصرت إماما من جملة المعبرين.
  • ومن رأى الخضر -عليه السلام- دل على ظهور الخصب والسعة بعد الجدوبة والأمن بعد الخوف.
  • وقال بعضهم ( من رأى ) كأن بعض الأنبياء ضربه نال مناه في الدنيا دينا ودنيا.
  • ومن رأى كأنه نفسه تحول نبيا معروفا نالته الشدائد بقدر مرتبة ذلك النبي في البلاء ويكون آخر أمره الظفر، أو يصير داعيا إلى الله سبحانه وتعالى.

رؤيا النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-

أخبرنا أبو القاسم عمر بن محمد البصري بتنيس قال حدثنا علي بن مسافر قال أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال حدثني عمي قال أخبرني أبو بشر عن ابن شهاب قال أبو سلمة بن عبد الرحمن إن أبا هريرة قال سمعت رسول االلهصلى االله عليه وسلم- يقول:” من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل بي“.

قال أبو قتادة قال رسول الله -صلى االله عليه وسلم-:” من رآني فقد رأى الحق“.

وأخبرنا أبو الحسن عبد الوهاب بن الحسن الكلابي بدمشق قال حدثني أبو أيوب سليمان بن محمد الخزاعي عن محمد بن المصفى الحمصي عن يحيى بن سعيد القطان عن سعيد بن مسلم، عن أنس بن مالك أن النبي -صلى االله عليه وسلم- قال:” من رآني في المنام فلن يدخل النار“.

وحدثنا أبو بكر بن محمد بن أحمد بن محمد الأصفهاني بمكة حرسها الله تعالى في المسجد الحرام قال حدثنا أبو الحسن محمد بن سهل عن محمد بن المصفى عن بكر بن سعيد عن سعيد بن قيس عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:” لن يدخل النار من رآني في المنام“.

قال الأستاذ أبو سعيد رضي االله عنه قد بعث الله محمدا -صلى االله عليه وسلم- رحمة للعالمين، فطوبى لمن رآه في حياته فاتبعه وطوبى لمن يراه في منامه فإنه إن رآه مديون قضى االله دينه وإن رآه مريض شفاه االله وإن رآه محارب نصره الله، وإن رآه مسرور حج البيت، وإن رؤي في أرض جدبة أخضبت أو في موضع قد فشا فيه الظلم بدل الظلم عدلا أو في موضع مخوف أمن أهله، هذا إذا رآه
على هيئته وإن رآه شاحب اللون مهزولا أو ناقصا بعض الجوارح فذلك يدل على وهن الدين في ذلك
المكان وظهور البدعة، وكذلك إن رأى كسوته رثة وإن رأى أنه شرب دمه حبا له في خفية فإنه
يستشهد في الجهاد وإن رأى أنه شربه علانية دل على نفاقه ودخل في ذم أهل بيته وأعان على
قتلهم، فإن رآه كأنه مريض فأفاق من مرضه فإن أهل ذلك المكان يصلحون بعد الفساد، وإن رآه عليه
السلام راكبا فإنه يزور قبره راكبا وإن رآه راجلا توجه إلى زيارته راجلا، وإن رآه قائما استقام أمره وأمر
إمام زمانه، وإن رآه يؤذن في مكان خراب عمر ذلك المكان، وإن رآه كأنه يؤاكله فذلك أمر منه إياه بإيتاء
زكاة ماله.

فإن رأى النبي -صلى االله عليه وسلم– قد مات فإنه يموت من نسله واحد وإن رأى جنازته
في بقعة حدثت في تلك البقعة مصيبة عظيمة، فإن رأى أنه شيع جنازته حتى قبره فإنه يميل إلى
البدعة، وإن رأى أنه قد زار قبره أصاب مالا عظيما، وإن رأى كأنه ابن النبي وليس من نسله دلت
رؤياه على خلوص إيمانه، وإن رأى كأنه أبو النبي عليه السلام دل على وهن وضعف إيمانه ويقينه.
ورؤية الرجل الواحد رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه لا تخص بل تعم جماعة المسلمين
روي أن أم الفضل قالت لرسول الله -صلى االله عليه وسلم-:”رأيت في المنام كأن بضعة من
جسدك قطعت فوضعت في حجري”، فقال:” خيرا رأيت، تلد فاطمة إن شاء الله غلاما فيوضع في
حجرك”، فولدت فاطمة الحسين -رضي الله عنهما- فوضع في حجرها. وروي أن امرأة قالت يا رسول الله رأيت في المنام كأن بعض جسدك في بيتي قال:” تلد فاطمة غلاما فترضعيه”، فولدت الحسين
فأرضعته.

فإن رأى النبي -صلى االله عليه وسلم- قد أعطاه شيئا من مستحب متاع الدنيا أو طعام أو
شراب فإنه خير يناله بقدر ما أعطاه وإن كان ما أعطاه رديء الجوهر مثل البطيخ وغيره فإنه ينجو
من أمر عظيم إلا أنه يقع به أذى وتعب، فإن رأى أن عضوا من أعضائه عليه السلام عند صاحب الرؤيا
قد أحرزه فإنه على بدعة في شرائعه قد استمسك بها دون سائر الشرائع من الإسلام وترك
سواها دون سائر المسلمين.
سمعت أبا بكر أحمد بن الحسين بن مهر أن المقري قال اشتريت جارية أحسبها
سمعت أبا الحسن علي بن محمد البغدادي بمشهد علي بن أبي طالب -رضي االله عنه- يقول:”
قال ابن أبي طيب الفقير كان بي طرش عشر سنين فأتيت المدينة وبت بين القبر والمنبر فرأيت
نبي االله في المنام فقلت يا رسول الله أنت قلت من سأل لي الوسيلة وجبت له شفاعتي، قال
عافاك الله، ما هكذا قلت ولكني قلت من سأل الوسيلة من عند االله وجبت له شفاعتي، قال
فذهب عني الطرش ببركة قوله عافاك الله.

وحكى عبد االله الجلاء قال دخلت مدينة رسول الله -صلى االله عليه وسلم- وبي فاقة فتقدمت إلى قبر فسلمت عليه
وعلى صاحبيه -رضوان الله عليهما- ثم قلت يا رسول الله بي فاقة وأنا ضيفك ثم تنحيت ونمت دون
القبر، فرأيت النبي -صلى االله عليه وسلم- جاء إلي فقمت فدفع إلي رغيفا فأكلت بعضه وانتبهت
وفي يدي بعض الرغيف.

وعن أبي الوفا القاري الهروي قال رأيت المصطفى -صلى االله عليه وسلم- في المنام بفرغانة سنة ستين وثلاثمائة وكنت أقرأ عند السلطان وكانوا لا يسمعون ويتحدثون
فانصرفت إلى المنزل مغتما فنمت فرأيت النبي -صلى االله عليه وسلم- كأنه تغير لونه فقال لي عليه
السلام أتقرأ القرآن كلام الله عز وجل بين يدي قوم يتحدثون ولا يسمعون قراءتك لا تقرأ بعدها هذا
إلا ما شاء الله فانتبهت وأنا ممسك للسان أربعة أشهر، فإذا كانت لي حاجة أكتبها على الرقاع
فحضرني أصحاب الحديث وأصحاب الرأي فأفتوا بأني آخر الأمر أتكلم، فإنه قال إلا ما شاء االله وهو
استثناء فنمت بعد أربعة أشهر في الموضع الذي كنت نمت فيه أولا فرأيت النبي -صلى االله عليه
وسلم-
في المنام يتهلل وجهه فقال لي قد تبت قلت نعم يا رسول الله قال من تاب تاب الله عليه
أخرج لسانك فمسح لساني بسبابته وقال إذا كنت بين يدي قوم تقرأ كتاب الله فاقطع قراءتك حتى
يسمعوا كلام االله، فانتبهت وقد انفتح لساني بحمد الله.

ومنه ما حكى أن رجلا من المياسير مرض فرأى رسول االله -صلى االله عليه وسلم- ذات ليلة كأنه يقول له إن أردت العافية من مرضك فخذ لا ولا، فلما استيقظ بعث إلى سفيان الثوري -رضي االله عنه- بعشرة آلف درهم وأمره أن يفرقها على
الفقراء وسأله عن تعبير الرؤيا، فقال معنى قوله لا ولا الزيتونة، فإن الله تعالى وصفها في كتابه فقال:” زيتونة لا شرقية ولا غربية”، وفائدة مالك ارتفاق الفقراء بك، قال فتداوى بالزيتون فوهب االله له العافية، ببركة استعماله أمر رسول االله -صلى االله عليه وسلم-وتعظيمه رؤياه.

وبلغنا أن رجلا أتى رسول االله -صلى االله عليه وسلم- في المنام فشكا إليه ضيق حاله فقال له اذهب إلى عيسى وقل له يدفع
إليك ما تصلح به أمرك، فقال يا رسول الله بأي علامة قال قل له بعلامة أنك رأيتني على البطحاء
وكنت على نشز من الأرض فنزلت وجئتني فقلت ارجع إلى مكانك، قال وكان علي بن عيسى قد
عزل فردت إليه الوزارة، فلما انتبه جاء إلى علي بن عيسى وهو يومئذ وزير فذكر قصته فقال صدقت،
فدفع إليه أربع مائة دينار، فقال اقض بهذه دينك ودفع إليه أربعمائة دينار أخرى وقال اجعلها رأس
مالك فإذا أنفقت لك ارجع إلي.

وذكر رجل يعرف عرادك من أهل البصرة وكان يبيع الطيالسة قال بعت ساجا من بعض ولاة الأهواز وكنت أختلف إليه في ثمنه فسب أبا بكر وعمر -رضوان الله عليهما- فمنعتني هيبته من الرد عليه فانقلبت وأنا مغموم، فبت ليلتي كذلك فرأيت النبي -صلى االله عليه
وسلم-
في المنام فقلت له يا رسول االله إن فلانا سب أبا بكر وعمر -رضي االله عنهما– قال ائتني به
فجئت به، فقال أضجعه فأضجعته، فقال اذبحه فتعاظم الذبح في عيني، فقلت يا رسول االله أذبحه
فقال لي اذبحه حتى قال ثلاث مرات فأمررت السكين على حلقه فذبحته، فلما أصبحت قلت أذهب
إليه أعظه وأخبره بما رأيت من رسول االله -صلى االله عليه وسلم- فذهبت فلما بلغت داره سمعت
الولولة فقيل إنه مات.

وأتى ابن سيرين رجل غير مهتم في دينه قلقا فقال إني رأيت البارحة في النوم كأني قد وضعت رجلي على وجه رسول االله -صلى االله عليه وسلم- فقال له هل بت البارحة مع خفيك؟، قال نعم، قال فاخلعهما، فخلعتهما فكان تحت إحدى رجليه درهم عليه- محمد رسول االله صلى االله-.

558 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *