“رامي” يكره الفطور

“رامي” يكره الفطور

كانت “أمُّ رامي” تستيقظُ باكراً لتجهّز الفطورَ الصحيّ لأبنائها الأربعة، ليتناولوه قبل الذّهاب إلى المدرسة..

وحده “رامي” كان يرفضُ تناولَ الفطور، وإذا ما ألحّت عليه أمّهُ يقول متأففاً: “أنا أكرهُ الفطور.. ولا أريدُ تناول شيء منه”.

كانت أمّه تقول له ناصحة: “الفطورُ وجبة رئيسية، وإذا لم تتناولها ستسوءُ صحّتك”.

يضحك “رامي” وهو يستعرض عضلاته قائلاً: “هذا غيرُ صحيح.. انظري، فعضلاتي قوية ومتينة رغم أنّني لا أتناول الفطور”.

وفي يوم من الأيام، أصرّت أمّه أن يتناول وجبة الفطور، وقد زيّنت قطعَ البيض بأشكالٍ جميلة باستخدام الخضار، كما حضّرت له كأس حليبٍ ساخن مع القليل من الشكولاته..

ورغم إعجاب “رامي” بمنظر الطّعام الجميل، إلا أنّه ظل مصراً على عدم تناول شيء منه، وقال وهو يحملُ حقيبته استعداداً للذّهاب إلى المدرسة: “لا تخافين يا أمّي.. صحتي جيّدة ولست بحاجة للفطور”.

أمسكت الأمّ بيده بقوة، وقالت بحزم: “حسناً، لن أتركك حتى تشرب كأسَ الحليب”.

نجح “رامي” بعد محاولات كثيرة الإفلات من قبضة أمّه وخرج مسرعاً باتجاه المدرسة.

وفي المدرسة، دخلت معلّمة اللغة العربية إلى صّف “رامي”، وبعد أن ألقت التحيّة على طلبتها، بدأت بتسميع أنشودة عن المطر، وعندما جاء دور “رامي” وقفَ بتثاقلٍ وبدأ يتأتئ بكلمات الأنشودة التي يبدو أنه نسيها تماماً.

قالت له المعلمة: “يبدو أنّكَ لم تحفظ الأنشودةَ يا (رامي)!”.

ردّ “رامي” وهو ما يزال يقف محاولاً التذكّر: “لقد حفظتها غيباً، لكنّني لا أستطيع التركيز.. رأسي يؤلمني بشدّة وعقلي مشوّش”.

اقتربت المعلّمةُ من “رامي” وقد لاحظت أن وجهه شاحبٌ ولونه أصفر، ثم سألته قائلة: “هل تتناولُ فطوركَ كلّ يوم؟”.

نَكّس “رامي” رأسه وأجاب: “لا،  أمّي تلحّ عليّ كلّ يوم أن أتناول شيئاً قبل الخروج إلى المدرسة، لكنّني أرفض”.

شعرَ “رامي” بدوارٍ خفيف، فأجلسته المعلّمةُ قربَ النّافذة، ثم استدعت من يساعدها لاصطحابه إلى عيادة المدرسة.

قال الطبيب بعد أن فحصَ “رامي”: “تحتاج إلى الغذاء الصحي يا (رامي)، وعليكَ أن تحرص على وجبة الفطور، فهي التي تمدّكَ بالطّاقةِ والقوّةِ لتكمل يومك بنشاطٍ وعافية”.

هزّ “رامي” رأسه موافقاً الطبيب الذي كتبَ له مجموعة من الفيتامينات تعينه على استعادة صحته، وأكدّ عليه الطبيبُ قبل أن يعطيه وصفة الدّواء: “هل تعدني أن تتناولَ وجبات الطعام، وبخاصة الفطور، بانتظام”. قال “رامي” مبتسماً برضا: “نعم، أعدكَ بذلك”.

في صباح اليوم التّالي، كان “رامي” أول من يجلس على طاولة الفطور، ووسط دهشة أمّه وفرحها في آن، طلب منها “رامي” أن تعدّ له كأساً كبيراً من الحليب.

سألته أمّه باستغراب: “ما الذي بَدّلَ حالكَ يا بني       

 اقترب رامي منها وقبل يدّها قائلاً: “سامحيني يا أمّي لأنني لم أكن أسمع كلامك، والحقّ معكِ في أنّ وجبة الفطور تقوّيني وتحميني من المرض”.

363 مشاهدة