تقديم
انفجار نجم لا يعني نهاية ماسأساوية، إذ يعقب موته ميلاد مشهد لامع يضم أشكالا وألوانا ساحرة لأجمل حدث فلكي في الكون اسمه “سوبرنوفا”.
يبلغ عدد ما تم رصده من النجوم المتفجرة حتى الآن نحو 400 في مختلف الممرات، وكإحصاء لأعداد السوبرنوفا التي تم اكتشافها توصل العلماء إلى أن هذه الظاهرة تحدث في المتوسط كل خمسين سنة في المجرة الواحدة.
وليس اكتشاف السوبرنوفا حديثا لأن العلماء العرب سبق وان أشاروا إليه ولو بأسماء أخرى.
العلماء العرب أول من اكتشف السوبرنوفا
كان العرب سباقين لرصد النجوم المتفجرة، فالعالم أبو الحسن علي بن رضوان بن علي بن علي بن جعفر المولود بالجيزة ضواحي القاهرة بمصر عام (388-460هـ/998-1076) سجل الإنفجار الذي وقع في برج لوبوس عام 1006 م ، وكان بريقه يعادل عشر بريق البدر، حيث يقول” سوف أصف الآن المشهد الذي رأيته عند بداية تعلمي، هذا المشهد ظهر في برج العقرب في الاتجاه المعاكس للشمس، كانت الشمس في ذلك اليوم على بعد 15 درجة في برج الثور (أي على بعد 15 درجة من بداية برج الثور على الدائرة الكسوفية)، وكان المشهد على بعد 15 درجة من برج العقرب، هذا المشهد كان جسم دائري كبير قطره ما بين 2.5 إلى 3 مرات قطر كوكب الزهرة، وكانت السماء تشع بسبب ضوئه العالي، حيث كان ضوءه يزيد قليلا عن ربع إضاءة القمر، وقد ظل في مكانه إلى أن أصبحت الشمس على بعد ستين درجة منه في برج العذراء (السنبلة) فاختفى، كل ما ذكرته من تجربتي الشخصية وهناك من المهتمين كانوا يتابعون المشهد وقد توصلوا إلى نفس المعتقد العلمي.”
كما أن الطبيب والمؤرخ ابن أبي أصيبعة (توفي 668هـ /1270م) نقلاً عن الطبيب المختار بن بطلان (توفي 458هـ/ 1066م) قال: «ونقلت من خطه فيما ذكره من ذلك ما هذا مثاله قال: ومن مشاهير الأوباء في زماننا الذي عرض عند طلوع الكوكب الأثاري في الجوزاء من سنة ست وأربعين وأربعمائة، فإن في تلك السنة دفن في كنيسة لوقا بعد أن امتلأت جميع المدافن التي في القسطنطينية أربعة عشر ألف نسمة في الخريف. وقال أيضاً بعد ذلك ولأن هذا الكوكب الأثاري طلع في برج الجوزاء وهو طالع مصر أوقع الوباء في الفسطاط بنقصان النيل في وقت ظهوره في سنة خمس وأربعين وأربعمائة. وصح إنذار بطليموس القائل الويل لأهل مصر إذا طلع أحد ذوات الذوائب وأنجهم في الجوزاء». ونلاحظ أن النص يشير إلى ثلاث سنوات هي (445، 446 ، 447 للهجرة)، وهي تقابل على التوالي: 23 أبريل 1053م – 11 أبريل 1054م، 12 أبريل 1054م- 1 أبريل 1055م، و 2 أبريل 1055م- 20 مارس 1056م. ونجد هنا تناقضا واضحا في سنة حدوث النجم، فقد أعلن أول مرة أنه وقع سنة 446هـ، ثم 445هـ. ويمكن حل هذه المشكلة عن طريق قراءة مداخل أخرى في الكتاب، تحدد بوضوح أن نهر النيل كان منخفضاً عند سنة 446هـ. استمر هذا العام في التقويم الإسلامي من 12 أبريل 1054 إلى 1 أبريل 1055م، وهو متوافق مع ظهور النجم في يوليو 1054م، حيث إن موقعه كان في برج الجوزاء (وهي، بسبب مبادرة الاعتدالين Axial precession [التغيير البطيء والمستمر لاتجاه محور الجسم الفلكي الدوار، ويستخدم بشكل خاص لوصف التغير المستمر لاتجاه محور الأرض]، التي تغطي الجزء الشرقي من كوكبة برج الثور”.
ولمعرفة المزيد عن الظاهرة قام علماء وكالة ناسا بدراستها وتتبع تطورها فأعطوا تعريفا دقيقا لها ورصدوا مراحلها.
“سوبرنوفا” المستعر الأعظم
المستعر الأعظم أو الفائق هو حدث فلكي يتزامن مع نهاية حياة نجم كبير، حيث يحدث انفجار نجمي عظيم يقذف فيه النجم غلافه في الفضاء وبذلك يموت، مما يسمخ بتكوين هالة (سحابة) لامعة كن البلازما محيطة بالنجم، وتتولد طاقة هائلة تتحول إلى أجسام غير مرئية في غضون أسابيع أو أشهر، أما مركز النجم فينهار على نفسه نحو المركز مكونا إما قزما أبيضا أو نجما نيوترونيا، أما في حالة ضخامة النجم ومعادلة كتلته لكتلة الشمس بما يقارب العشرين ضعفا فإنه سيتحول إلى ثقب أسود من غير مروره بمرحلة الانفجار في صورة مستعر أعظم.
أهمية المستعرات العظمى
حسب وكالة ناسا، فإن المستعرات العظمى تعد مصادر العناصر الثقيلة في الكون، فهي الانفجارات الأكبر في الكون، ولها أهمية كبيرة في فهم المجرة ونظمها؛ حث تقوم بتسخين الوسط بين النجمي، و توزع العناصر الثقيلة على طول المجرة، و تسرع الأشعة الكونية.
أنواع السوبرنوفا
السوبرنوفا نوعان، الأول يحدث من أجل نجم مفرد فائق الكتلة و والثاني يحدث بسبب انتقال الكتلة إلى قزم أبيض في نظام ثنائي.
وللتمييز بين النوعين يجب الرجوع إلى السبب الكامن وراء حصول الانفجار.
1- السوبرنوفا الناتجة عن نجم مفرد فائق الكتلة تنتهي حياة النجوم، التي تمتلك كتلة تساوي 8 أضعاف كتلة الشمس أو أكثر، بطريقة مذهلة؛ فهي تُعاني من حدث سوبرنوفا. يحصل انفجار السوبرنوفا عندما لا تتواجد كمية كافية من الوقود من أجل حدوث عملية الاندماج النووي في قلب النجم لإنشاء الضغط اللازم و المتجه للخارج و الذي يوازن السحب الثقالي المتجه للداخل و الناتج عن الكتلة الهائلة للنجم.
أولا: يقوم النجم بالتضخم إلى عملاق فائق أحمر على الأقل عند الحدود الخارجية.
في الداخل، يخضع قلب النجم النيتروني للجاذبية ويبدأ بالانكماش، وخلال انكماشه، يصبح أشد سخونة و كثافة.
تبدأ عندها سلسلة جديدة من التفاعلات النووية بالحدوث، و تقوم بشكل مؤقت بإيقاف انهيار المركز، عندما يحتوي المركز بشكل رئيسي على الحديد فقط لن يتبقى لديه أي شيء آخر لكي يقوم بعملية الاندماج النووي فيحدث الانهيار.
أقل من ثانية ويبدأ النجم مرحلته الأخيرة من الانهيار الثقالي، ترتفع درجة حرارة المركز إلى أكثر من 100 مليار درجة خلال انسحاق ذرات الحديد معا.
تتغلب قوى الجاذبية على قوى التنافر بين النوى، ولذلك ينضغط المركز ثم ينتفض، وتنتقل الطاقة الناتجة عن هذا الانتفاض إلى غلاف النجم الذي يقوم بعد ذلك بالانفجار و ينتج موجة صدمة.
تسخن المواد في الطبقات الخارجية للنجم مع استمرار مواجهتها لموجة الصدمة، و تقوم بالانصهار لتشكل عناصر جديدة و نظائر مشعة.
تقوم الصدمة بعد ذلك بدفع المواد بعيدا إلى الفضاء، وتعرف المادة التي تنفجر مبتعدة عن النجم في هذه المرحلة ببقايا السوبرنوفا.
كل ما يتبقى من النجم الأصلي هو مركز فائق الكثافة و صغير ومكون في الغالب وبشكل كامل من النيوترونات (نجم نيتروني)، أو إذا كان النجم الأصلي فائق الكتلة (لنقل 15 ضعفا أو أكثر من كتلة الشمس)، حينها حتى النجوم النيترونية لا يمكنها أن تحافظ على المركز و يتشكل حينها ثقب أسود.
تقوم المواد الساخنة الناتجة عن السوبرنوفا -النظائر المشعة، و الالكترونات الحرة التي تتحرك ضمن الحقل المغناطيسي الشديد للنجم النيتروني -بإنتاج أشعة إكس و أشعة غاما، و هي فوتونات عالية الطاقة يتم استخدامها من قبل الفيزيائيين الفلكيين لدراسة ظواهر السوبرنوفا و النجوم النيترونية.
2- قزم بني يخضع لعملية نووية حرارية نوع آخر من السوبرنوفا هو الانفجار المفاجئ لنجم قزم أبيض موجود في نظام نجمي ثنائي.
القزم الأبيض هو نهاية الرحلة للنجوم التي تصل كتلتها إلى حوالي 8 أضعاف كتلة الشمس، يمتلك القزم الأبيض المتبقي كتلة تبلغ حوالي 1.4 كتلة الشمس، و هو بحجم الأرض تقريبا. في الأنظمة الثنائية، عادة ما تكون صحبة القزم الأبيض عبارة عن عملاق أحمر، ويمكن أن تكون النجوم على قرب كاف من بعضها البعض و يكون العملاق الأحمر أيضا كبيراً بشكل كاف بحيث تجري المادة منه باتجاه القزم الأبيض.
تتسبب المادة المتساقطة من النجم المرافق باتجاه القزم الأبيض في ارتفاع كتلته لتبلغ 1.4 ضعف كتلة الشمس (تُدعى هذه الكتلة بحد تشاندرا سيغار -تكريما للعالم الذي اكتشفها)، وعند حدوث ذلك يزداد الضغط في مركز القزم الأبيض و يزيد عن العتبة التي يحتاجها الكربون و الأكسجين لينصهرا عبر عملية الاندماج النووي الحراري.
عند تجاوز هذه العتبة، يبدأ الاندماج النووي الحراري لهذه العناصر بشكل غير متحكم به على الإطلاق، ويؤدي هذا الأمر إلى انفجار نووي حراري لكامل النجم، و لا يترك هذا الانفجار أي شيء خلفه، غير بعض العناصر التي بقيت من القزم الأبيض أو التي صِيغت ضمن انفجار السوبرنوفا.
من بين العناصر الجديدة، يظهر النيكل المشع الذي يحرر كمية هائلة من الطاقة بما فيها الإشعاع المرئي، وتميل عملية تطور هذه الأنواع من السوبرنوفا لأن تكون جميعها متشابه.
السوبرنوفا من ظاهرة كونية إلى ظاهرة معرفية
وإذا كان الإنسان يبحث ويراقب تطور “السوبرنوفا” كحدث فلكي لمعرفة حياة النجوم فإن موقع سوبرنوفا اهتم هو الآخر بالبحث ومتابعة النجوم المتألقة بمشاريع علمية ومبادرات مفيدة لمواهب متفجرة بالطاقة الإيجابية.
إذ يوفر هذا الموقع المتميز محتوى إيجابي مليء بالأفكار العلمية والعملية، ويرافق كل باحث عن تطوير ذاته وخدمة محيطه في التخطيط الجيد لرحلة النجاح وفق منهج أكاديمي واضح وصورة دقيقة.
لا يدخر فريق عمل السوبرنوفا جهدا من أجل التنمية والتطوير بمد جسور التواصل والتفاعل مع الأفراد والمؤسسات وعلى تعدد اهتماماتهم وتنوع مجالات تخصصهم، وهذا قصد تعزيز استمتاعهم بتجربة نقل تجاربهم وعرض انجازاتهم لتحقيق الأفضل على الدوام.
ويتألق موقع السوبرنوفا على درب العلم والعمل رافعا شعار ” على هذه الأرض مايستحق الحياة”، وهكذا يضل السوبرنوفا حدث فلكي عظيم في الفضاء ومصدر إلهام للبشر على الأرض.